أميركا تضخ مليارات الدولارات لإنقاذ الاقتصاد

12 مارس 2020
ترامب يطمئن الشعب الأميركي في خطابه يوم الأربعاء(Getty)
+ الخط -

في واحدة من أكبر الصدمات التي يتعرض لها الاقتصاد الأميركي والأوروبي والعالمي، قرر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مساء الأربعاء، تعليق السفر بين الولايات المتحدة وأوروبا، ذهاباً وعودة، لمدة ثلاثين يوماً، مع استثناء بريطانيا، مؤكداً أنه "قرارٌ مؤثرٌ، إلا أنه ضروري". ويبدأ تنفيذ القرار، الذي لا يطبق على حاملي الجنسية الأميركية، أو الحاصلين على الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة.

وجاء إعلان ترامب في كلمة على الهواء لم تتجاوز 10 دقائق، أعلن فيها عزمه اتخاذ بعض الإجراءات الأخرى التي ينوي التشاور فيها مع أعضاء الكونغرس، بعد أن ضرب فيروس كورونا (الذي أعلنته منظمة الصحة العالمية وباءاً عالمياً) أكثر من مائة دولة.

وارتفعت نسبة المصابين وحالات الوفاة المرتبطة به، في الدول الأوروبية، وعلى رأسها إيطاليا، ثم فرنسا وألمانيا.

ورغم تجاوز عدد المصابين بالفيروس فيالولايات المتحدة 1250، ووفاة 37 منهم، أكد ترامب أن "هذه ليست أزمة مالية، وهي لحظة مؤقتة، وسنتغلب عليها كأمة، وكعالم".

وفور إعلان القرار، غرد الاقتصادي المصري الأميركي الشهير محمد العريان على صفحته على تويتر، مطالباً الاقتصاديين بمراجعة تقديراتهم لمعدلات نمو الاقتصاد العالمي وتخفيضها "بصورة حادة".

وقال العريان إن أية توقعات باستعادة سريعة للانتعاش الاقتصادي، تلاشت تماماً، لتحل محلها توقعات بعدم عودة الانتعاش إلا بعد فترة من الاستقرار عند مستويات النمو المنخفضة أو عدم عودتها لفترة طويلة.

وأكد العريان أن "رغبة المستثمرين في تجنب المخاطر، مع وجود إحساس بعدم اليقين والخوف، ستضغط بشدة على أسعار الأسهم وتزيد من تحركاتها المضطربة".
وفي محاولة للتخفيف عن المواطنين المتضررين من تعطل الإنتاج وتراجع النشاط الاقتصادي في أكثر من قطاع، والشركات الأميركية، خاصة الصغيرة منها، المتضررة من تعطل سلاسل الإمداد، وانخفاض الطلب على منتجاتها وخدماتها، قرر ترامب منح الأفراد والشركات المتضررين مهلة لما بعد موعد 15 إبريل/ نيسان المحدد لتقديم الإقرارات الضريبية. وذلك تضامناً معهم في تخفيف آثار انخفاض مدخولاتهم، خلال هذه الفترة الحرجة التي يمر بها الاقتصادان الأميركي والعالمي.

وبالإضافة إلى التخفيضات الضريبية على الأجور التي قال ترامب، إنه يأمل الحصول على موافقة الكونغرس عليها، أشار إلى أن إدارة الشركات الصغيرة "ستبدأ فوراً في تقديم قروض منخفضة التكلفة للشركات المتضررة لمساعدتها في التغلب على هذه المشكلات الاقتصادية المؤقتة المرتبطة بانتشار الفيروس".

وقال ترامب إن الإدارة ستطلب من الكونغرس الموافقة على زيادة مخصصاتها بخمسين مليار دولار إضافية من أجل هذا الغرض".

وفي وقتٍ قدر ستيفن منوتشن، وزير الخزانة الأميركي، المبلغ الذي يوفره تأجيل السداد والتخفيض الضريبي من سيولة تضخ في الأسواق بما يقرب من 200 مليار دولار، اعتبر محللون أن المستفيد الأكبر من الخطوة سيكون الشركات، حيث إن أغلب الأفراد يستردون بعض ما خصم من أجورهم من ضرائب طوال العام الماضي، ولا يتحملون مبالغ إضافية، عند تقديم الإقرارات الضريبية.

وفي حوار مع شبكة "سي ان ان"، أكد أوستان جولسبي، أستاذ الاقتصاد بجامعة شيكاغو، ورئيس المجلس الاستشاري الاقتصادي للرئيس السابق باراك أوباما، أن "ما يحرك الأسواق حاليا هو الخوف، وبالتالي لن يكون هناك حل أفضل من اكتشاف مصل يقي من الإصابة بالفيروس، بدلاً من الخداع في ما يخص عمليات الكشف على المشتبه في إصابتهم به".

وطالب جوليبس بالاعتبار بما حدث في كل من كوريا الجنوبية وإيطاليا، حيث أدى عدم توفر أدوات التعامل مع الفيروس إلى نتائج كارثية.

وبينما طمأن رؤساءُ أكبر البنوك الأميركية ترامبَ، في لقائهم معه يوم الأربعاء بالبيت الأبيض، على حال البنوك خلال الأزمة الحالية، أكدوا أن "الأزمة ليست مالية"، متفقين معه على أن "التحفيز المالي خلال الأوقات الصعبة يكون الحل الأمثل، ومن بعده العمل على تحسين الرعاية الصحية"، على عكس ما نصح به كبار الاقتصاديين خلال الأيام القليلة الماضية، بدا واضحاً أن توفير التمويل لخطط ترامب التحفيزية سيمثل عقبة أساسية أمام تنفيذ تلك الخطط، وربما يفرض أولويات محددة في الظرف الحالي.

وجاء إعلان ترامب عن خططه للتحفيز المالي وتعويض المتضررين في نفس اليوم الذي أعلنت فيه الخزانة الأميركية وصول عجز الموازنة الأميركية إلى 625 مليار دولار خلال الشهور الخمسة الأولى من السنة المالية الحالية، التي بدأت مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بارتفاع 15% عن نفس الفترة من العام السابق.
وجاء ارتفاع العجز على الرغم من ارتفاع إيرادات الحكومة الأميركية خلال الفترة الماضية بنسبة 7%، سجلت فيها 1.37 تريليون دولار، نتيجة لانتعاش الاقتصاد الأميركي، وبالتالي زيادة معدلات التوظيف والربحية في الشركات، وهو ما انعكس في ارتفاع الحصيلة الضريبية.

لكن ارتفاع الإنفاق الحكومي، خاصة ما يتعلق بالإنفاق العسكري ومخصصات قدامى المحاربين، مع تزايد نفقات الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي، تسببا معاً في وصول العجز إلى هذا الرقم الكبير.

وينذر هذا الرقم بتسجيل عجز قياسي من نهاية السنة المالية. وتوقعت وزارة الخزانة أن يصل العجز في العام الحالي إلى 1.08 تريليون دولار، أي ما يقرب من 5% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بمبلغ 984 مليار دولار في السنة المالية 2019.
المساهمون