رسوم ترامب: تكتيك تفاوضي أم محاولة لاستعادة هيمنة أميركا؟

04 يوليو 2018
ترامب يواصل ادهاش العالم (Getty)
+ الخط -

تتملك الحيرة صناع السياسة ورجال المال في العالم، حول ما الذي يريد فعله الرئيس الأميركي دونالد ترامب عبر الرسوم الجمركية على البضائع الصينية والأوروبية وخروج أميركا من منظمة التجارة العالمية ومؤسسات دولية أخرى.

هل يريد ترامب حقيقة تنفيذ برنامج "أميركا أولاً" الذي روج له في برنامجه الإنتخابي، وبالتالي عزل أميركا من المحيط العالمي بهدف تقوية اقتصادها وبناء نظام عالمي جديد على أنقاض النظام العالمي القائم منذ الحرب العالمية الثانية، ومن ثمة إعادة هيمنة بلاده الدولية، دون أن تكون هنالك مرجعيات قانونية تردع تحركاته السياسية والتجارية، أم أنه يستخدم الرسوم الجمركية ك"تكتيك تفاوضي"سياسياً وتجارياً للإبتزاز والحصول على تنازلات ضمن استراتيجية إرباك التمدد الاقتصادي الصيني والتقدم التقني العسكري؟

ويرى ترامب أن الصين أصبحت مهيمنة من الناحية التجارية على الاقتصاد العالمي وتقترب من التفوق التقني على أميركا، عبر استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وسرقة حقوق الميلكية الفكرية. 
وفي كلا الحالين، فإن خبراء بجامعة هارفارد ومعهد بيترسون للدراسات، يرون أن فترته الانتخابية لن تسمح له بذلك حتى وإن امتدت لثماني سنوات.

في هذا الصدد، يرى الخبير البريطاني بشركة "فينبل أل أل بي"، بيتر آشلي، في تعليقات لصحيفة "أساهي شيمبون" اليابانية، أن الصراع التجاري حقيقي وليس تكتيكاً، وأنه سيتطور إلى حرب تجارية خلال الفترة المقبلة.

وفي ذات الاتجاه يحذر مصرف "بانك أوف أميركا ـ ميريل لينش"، في دراسة تحليلية، من أن الحرب التجارية ستحدث بين أميركا والصين وربما تستمر لفترة عام بأكمله.

وما يخيف ترامب حقيقة هو التقدم التقني أكثر من التمدد الاقتصادي، لأن ترامب اعترف في إحدى تغريداته بأن الصين كسبت الحرب التجارية منذ سنوات بسبب غباء القيادات الأميركية، بحسب زعمه، وبالتالي فهو يتخوف حقيقة من تفوق صيني وهيمنة تقنية، حيث وصلته الكثير من التحذيرات من بعض رجالات البنتاغون.

وكانت الصين قد أعلنت عن صفقات اندماج واستحواذ تزيد قيمتها على 110 مليارات دولار في مجال التقنية، وذلك وفقاً لخبراء أميركيين، ما أثار مخاوف الأمن القومي بسبب دور بكين في بعض الصفقات.

كما أعلنت بكين عن خطة برنامج "صنع في الصين 2025"، التي وصفها رئيس مؤسسة تكنولوجيا المعلومات والابتكار الأميركي، روبرت أتكينسون، في رسالة إلى الكونغرس في كانون الثاني/ يناير الماضي، بأنها "استراتيجية تقنية متطورة تنطوي على التلاعب في السوق والسرقة المتعمدة والنقل الإجباري للمعرفة الأميركية".

وكان أحد خبراء الجيش الأميركي قد ذكر في محاضرة بهذا الشأن، أن أميركا إن لم توقف التقدم التقني الصيني في مجال الذكاء الاصطناعي، فإن بكين ربما تتفوق على أميركا عسكرياً خلال عامين وتكون صاحبة "الضربة الأولى" في أية حرب عالمية مقبلة. وهذه البرامج الصينية التقنية التي تنفذها الصين في مجال العلوم نشأت من حملة لتحديث الجيش والبحرية، حتى تتمكن من مواكبة الولايات المتحدة وروسيا.

ويميل الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى منافسة أميركا على مكانة "الدولة الأولى في العالم" عبر مجموعة من البرامج والاستراتيجيات من بينها استراتيجية "الطريق والحزام"، التي رصدت لها الصين 10 ترليونات دولار، أنفقت منها حتى الآن قرابة ترليون دولار.

وتستهدف هذه الاستراتيجية ربط أسواق أوروبا وآسيا وأفريقيا والمنطقة العربية بالبضائع الصينية، عبر التصدير مباشرة بالقطارات والسفن وإنشاء شبكة متكاملة من الطرق والخطوط البحرية والموانئ عبر الفضاء التجاري الصيني المتصور في استراتيجية الحزام والطريق.

وفي المقابل، فإن واشنطن تجري دراسة للأمن القومي قد تفضي إلى فرض رسوم على واردات السيارات ومكوناتها ومن المتوقع أن تستكمل خلال الشهر الحالي وقد تشمل حظر العديد من شركات التقنية والاتصالات الصينية وتزيد من حدة العقوبات التجارية.

وذلك ببساطة، لأن إدارة ترامب تعالج القضايا التجارية من منطلق الأمن القومي الأميركي الذي يتناول تقنيات الدفاع والتصنيع وليس فقط مسألة منافسة تجارية وعجز تجاري، وذلك بحسب رؤية خبراء.

وبالتالي، على الرغم من القلق الذي يبديه رجال الأعمال والشركات المعتمدة على السوق الصيني، وإعراب شركاء تجاريين كبار للولايات المتحدة من بينهم الاتحاد الأوروبي واليابان عن قلقهم من احتمال فرض واشنطن رسوماً جمركية إضافية على واردات السيارات ومكوناتها وتصعيد النزاع التجاري مع بكين، فإن ترامب يواصل الحرب التجارية، (فرانس برس).

من جانبها، حذرت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، يوم الثلاثاء، من أن تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين سيكبد الاقتصاد الأميركي خسائر فادحة.

وقالت الوكالة في تقرير، تضمن سيناريوهات مختلفة لتطور النزاع التجاري، إن واشنطن ستواجه "سيناريو الصدمة" في حال تبادلت فرض الرسوم الجمركية مع شركائها التجاريين.
وتوقعت الوكالة ارتفاعاً يراوح بين 35% و40% في أسعار البضائع الواردة إلى أميركا، وتأثيراً سلبياً في نمو الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة بنسبة حوالي 0.5%.

وقال كبير الاقتصاديين في وكالة "فيتش"، بريان كولتون، إن التوترات التجارية المتصاعدة زادت من خطر اتخاذ إجراءات جديدة وسيكون لها تأثير في النمو الاقتصادي العالمي أكثر بكثير من التوقعات.

وأوضح تقرير فيتش، أنه مع فرض الولايات المتحدة ضرائب على السيارات المستوردة بنسبة 25%، ورسوماً إضافية على بعض السلع من الصين، والرد الانتقامي المتوقع للدول من شأنه أن يؤثر في ما يقرب من ترليوني دولار من التدفقات التجارية العالمية.
المساهمون