دول" أبيك" تتجه لعزل أميركا تجارياً بعدانتخاب ترامب

19 نوفمبر 2016
زعماء القمة تعهدوا بالتصدي للسياسات الحمائية(بريندان سميالوسكي/فرانس برس)
+ الخط -

يواجه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب تحدياً مبكراً من زعماء العالم، بشأن سياساته التجارية المعادية لحرية التجارة والانفتاح، وربما حتى قبل أن يتسلم منصبه رسمياً في 20 يناير/ كانون الثاني المقبل.
وجاء هذا التحدي في قمة مجموعة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ "أبيك" وتنعقد في عاصمة بيرو ليما.
وتعهد العديد من زعماء القمة التي تضم 21 دولة، من بينها اقتصادات عالمية ضخمة مثل الصين والهند وأستراليا،على مقاومة السياسة الحمائية وخطط "العزلة التجارية"، التي ينوي الرئيس ترامب تطبيقها خلال الـ100 يوم الأولى من تسلمه الحكم. وذلك حسب ما أعلن في برنامجه الانتخابي وأكد عليه فريقه الانتقالي خلال الأسبوع الماضي.

وكان وزير الخزانة الأميركي الأسبق والذي يعمل حالياً أستاذاً بجامعة هارفارد، البرفسور لورنس سمرز، قد حذر الرئيس ترامب من "عزلة أميركا" عالمياً في حال تنفيذ سياسات "الحماية التجارية".
وقال في مقال نشره على موقع جامعة هارفارد أن هذه السياسة ستقود تلقائياً إلى دمار الاقتصاد الأميركي وستجر كارثة على الولايات المتحدة ولن تفيد على المدى الطويل العمال والفقراء في أميركا وإنما ستضرهم، كما حدث من قبل في دول العالم الثالث.

وجاءت دعوة مناهضة سياسات ترامب التجارية، على هامش القمة ، حيث عكف وزراء المال والاقتصاد والتجارة في الدول الأعضاء بالمجموعة على وضع خطة عمل لتطوير منطقة التجارة الحرة بدول "أبيك"، والمضي قدماً في الانفتاح التجاري والاقتصادي بدون أميركا.
ويذكر أن الصين وروسيا وعدة دول آسيوية ولاتينية تعمل على إحياء وتنشيط مجموعة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ لتكون بديلاً لاتفاقية الشراكة التجارية عبر المحيط الهادئ التي تعرف اختصاراً بـ" تي بي بي"، ووضع الرئيس الملياردير ترامب إلغاءها على جدول أولويات رئاسته.
وعلى هامش القمة حذر رئيس وزراء أستراليا مالكوم تيرنبول من مخاطر "الحماية التجارية" على الاقتصاد العالمي. وقال تيرنبول أمس، في إشارة إلى الرئيس ترامب دون تسميته "أية توجهات لسياسات الحماية التجارية ستقود إلى تعثر النمو الاقتصادي العالمي الهش حالياً".

من جانبه قال رئيس بيرو، بيدرو بابلو، الذي يرأس الدورة الثامنة عشر الحالية للمجموعة "من المهم عودة التجارة العالمية للنمو ومن المهم هزيمة السياسات الحمائية". وهاجم رئيس بيرو توجهات ترامب كما هاجم كذلك توجهات بريطانيا الانعزالية في أعقاب استفتاء "بريكست".
ويشارك في قمة "أبيك" كل من الرؤساء، الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الصيني شي جين بينغ ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي ورئيس وزراء أستراليا مالكوم تيرنبول، إضافة إلى زعماء بقية الدول الأعضاء.

وتتعارض خطة العمل الاقتصادية والمالية التي أعلنها ترامب أول مرة في حملته الانتخابية وأكد عليها فريقه الانتقالي خلال الأسبوع الماضي، إلى أنه سيعمل خلال الـ100 يوم الأولى على إعادة التفاوض حول اتفاقية التجارة الحرة مع كل من كندا والمكسيك التي تعرف اختصاراً باتفاقية "نافتا" أو الانسحاب منها، مستغلاً في ذلك المادة 2205 من الدستور الأميركي، التي تخوله فعل ذلك دون الرجوع إلى الكونغرس.

كما سيعلن كذلك الانسحاب من اتفاقية الشراكة التجارية عبر المحيط الهادئ المعروفة اختصاراً باسم "تي بي بي"، وهي اتفاقية للشراكة الاقتصادية وفتح الأسواق مع العديد من دول آسيا وجنوب شرقي آسيا وكندا والمكسيك. كما طلب من وزير الخزانة إعلان الصين دولة "متلاعبة بالعملة".
كما تعهد بفرض ضريبة باهظة على البضائع والخدمات المستوردة من الخارج، من بينها ضريبة بنسبة 35% على البضائع المكسيكية وضرائب بنسبة 45% على البضائع الصينية.
ويذكر أن مجموعة "أبيك"، كانت شبه منسية خلال السنوات الماضية، إلا أن دورها سيتعاظم خلال الفترة المقبلة، وحسب ما رشح من تصريحات الوزراء على هامش القمة، خاصة بعد انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة واحتمال نهاية اتفاقيات الشراكة التجارية مع أوروبا والشراكة التجارية عبر المحيط الهادئ وربما "النافتا" أيضاً.
كما لا يستبعد خبراء أن تعلن هذه القمة عن وحدة تجارية من دون الولايات المتحدة.

ويرى خبراء أن سياسات الرئيس دونالد ترامب ستدفع بالصين قريباً لقيادة العالم، الذي يعيش فترة اقتصادية حرجة وبحاجة ماسة إلى التعاون والتكامل تجارياً واقتصادياً ومالياً، حتى يتمكن من العودة للنمو وزيادة فرص العمل وهزيمة التطرف اليميني الذي يكسب سياسياً في أميركا وفي أوروبا تحت شعارات مصلحة "الطبقة العاملة والفقراء" وهزيمة الارهاب المتزايد في أنحاء العالم.
ومن بوادر نوايا الصين استغلال سياسات ترامب لزعامة العالم واستغلال هذه القمة لعزل أميركا، أن الرئيس الصيني سافر إلى ليما برفقة وفد كبير على غير العادة.
ويرى خبراء غربيون، أن قمة "أبيك" قد تتفق على إنشاء منطقة تجارة حرة تضم الدول العشر الأعضاء في منظمة "آسيان" و6 دول كانت قد وقعت معها اتفاقيات تجارة حرة، وهي أستراليا والصين والهند ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية وربما اليابان التي تفقد أملها بعد في أميركا، حيث التقى رئيس الحكومة اليابانية شينزو آبي وهو في طريقه إلى ليما في نيويورك الرئيس الأميركي المنتخب لإقناعه بتوقيع الاتفاقية.



المساهمون