"معهد كارنيغي": لهذه الأسباب تتضرر مصر من تراجع النفط

07 ابريل 2016
محطة وقود في مصر (Getty)
+ الخط -

قال "معهد كارنيغي للأبحاث" إن تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية يمكن أن يعود بشكل إيجابي على مصر، وفقاً للتحليل النظري؛ حيث سيساهم في تقليل تكلفة الدعم وواردات الطاقة التي تنفق عليها القاهرة أموالاً طائلة.

لكن المعهد الدولي طرح في تقرير حديث له أربعة أسباب رأى أنها قد تحوّل انخفاض أسعار النفط من نعمة على الاقتصاد المصري إلى نقمة عليه، محذراً من اضطرابات سياسية واجتماعية قد تشهدها البلاد جراء توقعات سلبية.

السبب الأول، حسب المعهد البحثي، يتلخص في أن صناعة البتروكيماويات تمثل الجزء الأكبر من الصادرات المصرية، وأحد المصادر الأساسية لعائدات البلاد من العملات الأجنبية. وسينجم عن الهبوط الحاد في أسعار الطاقة هبوط مماثل في إجمالي المردود المادي العائد على القاهرة من هذا القطاع من الصادرات.

وفي هذا السياق، يشير التقرير إلى أن عجز مصر عن تسديد مستحقات شركات الطاقة الأجنبية بالدولار يساهم في تراجع إنتاج الطاقة المحلي، وبالتالي، انخفاض الإيرادات بالدولار التي تجنيها البلاد من قطاع الطاقة.

كما يلفت إلى أن الشركات الأجنبية العاملة بمصر تلجأ، في ظل تواصل هبوط أسعار الطاقة، إلى كبح أنشطة التنقيب؛ ما قد يحد من الإنتاج المصري من المشتقات النفطية في المستقبل، ويحجب مبالغ كبيرة من النقد الأجنبي عن السوق المحلية.

وبخصوص السبب الثاني، قال معهد كارنيغي إن تراجع أسعار النفط يشكل ضغوطاً مالية كبيرة على دول الخليج، التي يعتمد الكثير منها على تصدير الخام كمصدر رئيسي للدخل؛ وبالتالي سيساهم ذلك في تراجع المساعدات التي يمكن أن تأتي من دول الخليج، والتي "تمثل شريان الحياة الأساسي" للاقتصاد المصري في الوقت الراهن.

ورأى أن الضغوط المالية، التي تواجهها السعودية والإمارات جراء انخفاض أسعار النفط، ستدفع البلدين إلى وقف أشكال المساعدة السابقة لمصر، والتي كانت أشبه بـ"شيك على بياض" (مبالغ نقدية)، والاتجاه على الأرجح نحو "الاستثمارات الانتهازية" في مصر، مثل الاستثمار في قطاع العقارات المربح، وفق ما جاء في تقرير المعهد.

أما السبب الثالث، وفق التقرير، فيتمثل في توقعات تحويلات المصريين العاملين في دول الخليج من العملات الأجنبية، والتي تمثل أحد أهم مصادر العملة الأجنبية للبلاد؛ مشيراً إلى أن هذه التحويلات بلغت 18 مليار دولار في العام 2015 مقابل 22 مليار دولار في العام 2014.

وفي هذا الصدد، يرجع معهد كارنيغي سبب تراجع تحويلات المصريين العاملين في دول الخليج من العملات الأجنبية إلى الركود الذي تعاني منه اقتصادات منطقة الخليج، وإجراءات التقشف المحدودة التي يجري اعتمادها، فضلاً عن التفاوت الكبير بين سعر الصرف الرسمي للجنيه المصري، وسعر الصرف في السوق الموازية (غير الرسمية).

وفي منتصف الشهر الماضي، خفض المركزي المصري سعر صرف الجنيه 112 قرشاً أمام الدولار، بنسبة 14.5% ليصل سعر الدولار إلى 8.85 جنيهات، قبل أن يعزز قيمته فيما بعد بسبعة قروش ليصبح سعره الرسمي لدى المركزي 8.78 جنيهات لكل دولار.

لكن سعر الدولار المتداول حالياً في السوق الموازية يصل إلى 10.30 جنيهات.

وحول السبب الرابع، يتوقع معهد كارنيغي تراجع الإيرادات التي تجنيها مصر من رسوم العبور في الممر الملاحي العالمي قناة السويس مع تراجع أسعار النفط.

وأوضح في تقريره أن تراجع أسعار النفط ناجم حتى الآن عن فائض المعروض من الخام، لكن إذا تراجع الطلب أيضاً بسبب التباطؤ في الاقتصاد الصيني أو المشكلات الائتمانية في الأسواق الناشئة، فيمكن أن تخسر مصر مزيداً من الدولارات بسبب الانكماش في حركة التجارة البحرية الدولية، إضافة إلى تراجع عائدات شحن النفط والغاز الطبيعي المسال.

ويخلص تقرير كارنيغي إلى أنه "على ضوء التوقعات الاقتصادية (السلبية)، سوف تعاني مصر على الأرجح من اضطرابات سياسية واجتماعية؛ تبدد الآمال بتحقيق الاستقرار السياسي، وتعطل أكثر فأكثر قدرة الحكومة على إحداث تحول جذري في الأوضاع الاقتصادية".

وتعاني الاقتصاديات الخليجية المعتمدة على النفط في الوقت الراهن من ضغوط مالية حادة؛ جراء الانخفاض الكبير في أسعار النفط، الذي خسر نحو ثلثي قيمته خلال أقل من عامين.

ومنذ يونيو/حزيران 2014، خسرت أسعار النفط نحو 75% من قيمتها.

وتراجع إنفاق السلطات في القاهرة على دعم المشتقات النفطية والغاز الطبيعي من 73 مليار جنيه مصري (8.22 مليارات دولار) في العام المالي 2014-2015 إلى 55 مليار جنيه (6.19 مليارات دولار) في العام المالي 2015-2016، ويعود هذا، بشكل جزئي، إلى الهبوط الحاد في أسعار النفط، الذي قد يتيح لمصر، نظرياً، تخطّي النقص في موارد الطاقة الذي تعاني منه منذ أربع سنوات.

وتعاني مصر من ارتفاع فاتورة الطاقة؛ حيث تحول هذا البلد البالغ عدد سكانه أكثر من 90 مليون نسمة من مصدر صاف للطاقة إلى مستورد صاف لها خلال السنوات القليلة الماضية.

وتحتاج مصر شهرياً لاستيراد نحو 500 ألف طن سولار و160 ألف طن بنزين و220 ألف طن مازوت، إلى جانب شحنات من الغاز المسال.


المساهمون