تحدث ماكرون خلال ساعة من الزمن، بمناسبة الإعلان عن إنشاء "المجلس الأعلى للمناخ"، عن الانتقال الطاقوي، فوعد بتعزيز المساعدة على تغيير السيارات الملوِّثة، وأيضا إغلاق محطات الفحم الحجري من الآن إلى سنة 2022.
كما وعد بالتخلص من نصف المفاعلات النووية في سنة 2035، أي إغلاق مفاعلين اثنين في صيف سنة 2020، و12 مفاعلا نوويا ما بين 2025 و2035، وهو ما يعني خفض الاعتماد على الطاقة النووية إلى مستوى النصف سنة 2035.
إذن فالرئيس ماكرون، الذي حرص على التأكيد على أن خطابَه كان مبرمَجا له منذ وقت طويل، حتى لا يُنظَر إليه باعتباره خضوعا للشارع، لم يُجب، بشكل مباشر، على طلبات "السترات الصفراء" بوقف الضرائب على المحروقات والضرائب التي ستطبق في الأول من يناير/كانون الثاني 2019، والتي كانت السبب الرئيس في تحركاتهم، وهو ما أثار غضب العديد من ممثلي هؤلاء المضربين، الذين رفض العديد منهم الاستماع لهذا الخطاب الطويل.
وعلى الرغم من أن الرئيس إيمانويل ماكرون حاول تفهم مواقف ومطالب هؤلاء وميّز بينهم وبين مثيري العنف والشغب، الذين أشْهَرَ في وجوههم "دولة القانون"، إلا أنه لم يقترح أي حلول عاجلة، مكتفياً بالإعلان عن "استشارة كبرى حول السياسة الاقتصادية والاجتماعية والمناطقية"، يشارك فيها المنتخبون والفاعلون، ومن بينهم بعض ممثلي "السترات الصفراء"، الذين "يتوجب عليهم أن يخرُجوا من الانتقاد إلى اقتراح الحلول".
وفي وجه من طالبه بتأجيل أو إلغاء الضرائب الجديدة في شهر يناير/كانون الثاني 2019، أكد الرئيس إيمانويل ماكرون على تطبيق "نظام ضريبي قابل للتأقلم مع تقلب أسعار المحروقات"، أي "ضريبة عائمة"، تتم مراجعتها كل ثلاثة أشهر، مشدِّدا على أن السعودية وإيران وروسيا تلعب دورا كبيرا في تقلب الأسعار وتأثيرها على المستهلك الفرنسي.
وعلى الرغم من أن الرئيس إيمانويل ماكرون يحرص على ألّا يذكر السترات الصفراء بالاسم، إلا أنه أمر وزير البيئة فرانسوا دي روغي، باستقبال ممثلين عنهم، اليوم الثلاثاء، للتشاور ولتوضيح خطاب الرئيس ونواياه، علما أن هؤلاء الممثلين كانوا يطالبون بلقاء الرئيس أو رئيس حكومته.
يبقى أن نشير إلى أن العديد من ممثلي السترات الصفراء، شككوا في شرعية "الممثلين الثمانية" لهذا الحراك، الذين كشفوا عن أسمائهم ووجهوا رسالة للرأي العام، وهو ما يهدد بتشدد "السترات الصفراء" وانقسامها.
وفي ردود الفعل، أعلن الكثير من ممثلي "السترات الصفراء" عن أن خطاب الرئيس ماكرون غير مُقنع، وأنه لم يستجب للمطالب المستعجلة، التي ينتظرها المواطن في حياته اليومية، رغم تأكيد الرئيس على أنه "يجب التوفيق بين تفكير النُّخَب وبين تفكير المواطنين، خاصة المتظاهرين، في نهاية الشهر".
كما أجمع ممثلو المعارضة الفرنسية، من اليمين واليسار، على أن الرئيس إيمانويل ماكرون لا يقدّر حقيقة خطورة الموقف، ولا يتفهم مآسي ويأس المواطنين، وذهب جاك لوك ميلانشون إلى الحديث عن ظهور نُذُر عصيان شعبي، بدأت ملامحها تتضح في جزيرة لارينيون، وسَخِر من الحلول التي عرضَها الرئيس في وقت يقترب فيه المواطنون من الأعياد ونفقاتها المرتفعة.