يبدو الرئيس الأميركي دونالد ترامب شديد الحساسية لارتفاع أسعار النفط، في وقت فقد فيه الحزب الجمهوري الأغلبية في مجلس النواب، ومن المتوقع أن يواجه بمجموعة من التساؤلات حول سياساته الإنفاقية من قبل لجان مالية واقتصادية يرأسها أعضاء من الحزب الديمقراطي الذي يناصبه العداء.
كما أن ترامب يتخوف كذلك من أن يفسد ارتفاع سعر النفط الذي يتواكب مع الدولار القوي خططه الخاصة بالحظر الإيراني، حيث إن الدول الأوروبية ودول آسيا ربما تتمرد على تطبيق الحظر، في حال ارتفعت أسعار النفط فوق 80 دولاراً وهددت نموها الاقتصادي والنمو الاقتصادي العالمي.
وقال ترامب في تغريدة، يوم الإثنين: "آمل أن لا تخفض السعودية وأوبك إنتاج النفط، ويجب أن تكون أسعار النفط أقل مقارنة بمستويات العرض الحالية".
وجاءت التغريدة رداً على تصريحات وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، التي قال فيها إن أوبك متفقة على الحاجة إلى خفض المعروض النفطي العام المقبل بنحو مليون برميل يومياً مقارنة مع مستويات أكتوبر/ تشرين الأول لمنع حدوث فائض في الإمدادات. Twitter Post
|
ويلاحظ أن تغريدة ترامب كانت أقل حدة هذه المرة مقارنة بانتقاداته السابقة المهينة للرياض، كما أنها غير مفهومة ومتناقضة على الصعيد الاقتصادي، كما وصفتها وكالة بلومبيرغ في تقرير لها.
وقالت بلومبيرغ إن التغريدة جاءت في وقت انخفض فيه خام القياس البريطاني بحوالى 15 دولاراً خلال شهر واحد من حوالى 85 إلى 70 دولاراً للبرميل وتزداد فيه الإمدادات النفطية.
لكن ربما يرغب ترامب عبر هذه التغريدة، في إرسال إشارة إلى السعودية أن أي رفع لأسعار النفط فوق مستوياتها الحالية لن يكون مقبولاً.
وينظر ترامب للتحالف النفطي القائم بين الرياض وموسكو منذ أكثر من عامين على أساس أنه "مؤامرة نفطية ضد بلاده".
وكان ترامب قد غرد في إبريل/ نيسان حينما استضافت الرياض اجتماعاً مشتركاً لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وروسيا، قائلاً "يبدو أن أوبك تعمل مرة ثانية لرفع الأسعار... هذا ليس أمراً جيداً ولن يكون مقبولاً".
وبحسب تحليل في دورية "فورن بوليسي" الأميركية، فإن ترامب يتخوف من التداعيات الاقتصادية السالبة لارتفاع أسعار النفط على المستهلك الأميركي الذي يحدد مستقبله السياسي. إذ إن ارتفاع سعر النفط له تداعيات على مستوى التضخم وكذا على سوق "وول ستريت". وعادة ما يقود معدل التضخم إلى مزيد من الارتفاع في سعر الفائدة.
وهذه الارتدادات السالبة لارتفاع أسعار النفط ربما تضرب بالتالي سوق المال الأميركية التي تعاني حالياً من فقاعة في قيمة الأسهم تقترب من الانفجار في الأشهر المقبلة. كما ترامب يتخوف كذلك من أن يدخل ارتفاع أسعار النفط الاقتصاد الأميركي في دورة ركود قبل حلول موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة في العام 2020.
والارتفاع الجنوني في مؤشرات سوق المال وقوة النمو الأميركي من الإنجازات التي يتباهى بها ترامب أمام خصومه في الحزب الديمقراطي.
وبالتالي، وعلى الرغم من أن روسيا تفادت هذه المرة الاتفاق مع الرياض بشأن خفض الإنتاج والسماح لأسعار النفط بالارتفاع فوق مستوى 70 دولاراً الحالية لخام برنت، إلا أن هواجس ترامب من تداعيات التحالف النفطي بين الرياض وموسكو لم ينته، حيث ينظر الرئيس الأميركي دائماً بريبة إلى التحالف القائم بين موسكو وبكين ومصالح الرياض في تسويق نفطها في الصين.
وفي لندن، هبطت أسعار النفط نحو واحد بالمئة، اليوم الثلاثاء، مع نزول خام برنت لما دون 70 دولاراً للبرميل وانخفاض الخام الأميركي عن 60 دولاراً، في أعقاب ضغط ترامب على منظمة الدول المصدرة للنفط"أوبك" لكي لا تخفض الإمدادات بغية دعم السوق.
وجاء الهبوط في الوقت الذي يحوم فيه الدولار قرب أعلى مستوى في 16 شهراً، وهو ما يزيد كلفة استيراد النفط للدول التي تستخدم العملات الأخرى.
وفي التعاملات الصباحية في لندن اليوم الثلاثاء، وحسب وكالة رويترز، بلغت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 59.22 دولاراً للبرميل، منخفضة 70 سنتاً، بما يعادل 1.2% مقارنة مع التسوية السابقة، وبلغت العقود الآجلة لخام برنت 69.41 دولاراً للبرميل، متراجعة 71 سنتاً أو 1 بالمئة مقارنة مع الإغلاق السابق. وانخفض خاما برنت وغرب تكساس الوسيط أكثر من 20% منذ مطلع أكتوبر/ تشرين الأول.
وقال "بنك أوف أميركا ـ ميريل لينش" في مذكرة: "الإنتاج النفطي المرتفع للغاية في الولايات المتحدة، إلى جانب الإمدادات المتنامية من السعودية وروسيا يبدآن في التأثير على فوائض أسواق النفط، وبالتالي بدأت مخزونات النفط الخام في الزيادة مجدداً".
وأضاف البنك أن من المتوقع أن يتجاوز الإنتاج الأميركي من النفط 12 مليون برميل يومياً في العام المقبل.
وبلغ إنتاج النفط بالفعل مستوى 11.6 مليون برميل يومياً في العام الجاري.