الاقتصاد الأردني... الأزمة والحل

16 يوليو 2018
تحسين جودة السلع ودعم الصادرات من ضمن الحلول الاقتصادية(Getty)
+ الخط -
حصل الأردن  على قرض بقيمة 500 مليون دولار من البنك الدولي يوم 28 يونيو/ حزيران 2018، وجاء الدعم الجديد بهدف تعزيز الإصلاحات الاقتصادية، وخلق المزيد من فرص العمل، لا سيّما للشباب والنساء، وتمويل المؤسسات الصغيرة المتوسطة، وزيادة الصادرات، وتحسين مناخ الأعمال، وإطلاق العنان لقدرات رأس المال البشري  والنهوض بالاقتصاد، بحسب بيان للبنك.

كذلك أفاد البنك الدولي بأنَّ هذا التمويل من شأنه أن يوسِّع شبكات الأمان الاجتماعي  لحماية الأسر الفقيرة من آثار الأزمات الاقتصادية، وأن يُمكِّن أيضاً 85 ألف أسرة أخرى من الاستفادة من دعم صندوق المعونة الوطنية.

وجاء القرض الدولي السخي بعد الأحداث والاحتجاجات الواسعة التي شهدها الأردن مؤخراً، بسبب الإصلاحات الضريبية المجحفة والإجراءات التقشفية التي انتهجتها حكومة المملكة للحدّ من الدين العام.

كما حصل الأردن يوم 24 أغسطس/ آب 2016 على قرض من صندوق النقد الدولي قيمته 723 مليون دولار لدعم برنامج الإصلاحات الاقتصادية لمدة ثلاث سنوات.

ساعتها طالب الصندوق بضرورة رفع الضرائب، وبالفعل قدمت الحكومة مشروع قانون معدلاً لضريبة الدخل التي بلغت حدًّا غير مسبوق، إذ تضمن التعديل تقسيم دخول الخاضعين للضريبة إلى 5 فئات، كل شريحة مقدارها 5 آلاف دينار، أي ما يعادل 7050 دولاراً، بمعدل ضريبة يتراوح من 5% إلى 25%.

على عكس ما كان معمولا به في السابق عندما كانت تقسم دخول الخاضعين للضريبة إلى 3 فئات بمعدل ضريبة يتراوح من 7% (على 10 آلاف دينار، أي ما يعادل 14100 دولار) إلى 20%.

وكان من المتوقع أن يوفر قرار توسيع قاعدة الخاضعين للضريبة إيرادات تصل إلى 395 مليون دولار سنوياً، وهذا ما فاق قدرة تحمل الفقراء وأفراد الطبقة الوسطى وقادهم إلى الاحتجاج والتعبير عن سخطهم الكبير، ما أدى إلى استقالة حكومة هاني الملقي الشهر الماضي وتنصيب حكومة جديدة.

وعلى إثر ذلك تعهّدت السعودية والإمارات والكويت بتقديم مساعدات بمبلغ 2.5 مليار دولار لدعم الاقتصاد الأردني، ولا يخفى على أحد أن السبب الرئيسي وراء السخاء المالي هو التأثير على الموقف الأردني إزاء الأزمة الخليجية وحصار قطر. وهكذا تتّضح خطورة الاعتماد الكبير للاقتصاد الأردني على الدعم المالي للحلفاء الغربيين والخليجيين.

وعقب اندلاع الاحتجاجات قالت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغريني، إن الاتحاد سيقدم 100 مليون يورو (118 مليون دولار تقريباً) للأردن.

اقتصاد ريعي

يعتقد معظم الناس أن عائدات النفط تنفرد وحدها بصفة الريع، وأن الاقتصادات المصدرة للنفط هي وحدها الأحق بلقب الاقتصادات الريعية، لكن هذا غير صحيح، لأنه في دول المنطقة توجد دول مستوردة للنفط كالأردن مثلاً الذي يُصنّف اقتصاده على أنه ريعي، نظراً لكون المساعدات الخارجية مصدراً آخر للريع، فقد ساهمت الأموال القادمة من الخارج، كتحويلات الأردنيين المغتربين والقروض وكذلك المساعدات الممنوحة من قبل دول الخليج والدول الغربية، في تحويل الاقتصاد الأردني إلى اقتصاد ريعي من دون وجود ثروة النفط.

يستقبل الأردن كل تلك المساعدات الخارجية بفضل موقعه الجيوستراتيجي، إذ يتمتّع هذا البلد بالسلام والأمن على الرغم من وجوده في منطقة مؤججة بالصراعات والنزاعات، ونتيجة لذلك يحصل على أكبر قدر من المساعدات والبالغة 2.7 مليار دولار في سنة 2016، يليه لبنان الذي استقبل 1.1 مليار دولار، وفقاً لإحصاءات البنك الدولي.

كذلك يتألف ريع الأردن أيضاً من تحويلات المغتربين البالغة 4.4 مليارات دولار في 2017 و4.3 مليارات دولار في 2016، بحسب تقديرات البنك الدولي.

وﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ﺃﻥ يجعل الاعتماد الكبير على المساعدات والتحويلات المالية من الاقتصاد الأردني اقتصاداً يتمتّع بالعديد من الصفات التي تميّز الاقتصادات الريعية، إذ يربح الاقتصاد ريعاً وهو معرّض للمخاطر مثله مثل اقتصادات الدول الغنية بالنفط، فعندما ينخفض سعر النفط لا ينخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي للدول المصدرة للنفط فقط، بل ينخفض أيضاً نمو الناتج المحلي الإجمالي للأردن، نظراً لاعتماد اقتصاده على مداخيل مرتبطة بالنفط.

ولا بد من الإشارة هنا إلى الدور الكبير الذي تلعبه دول الخليج في إدارة الصراع في المنطقة العربية، فقد دعمت فعليًا العقد الاجتماعي للأردن ودول عربية أخرى التي يستحيل أن يستمر نظام الدعم فيها ويُستدام من دون الحقن النقدية المنتظمة من جيرانهم الأثرياء.

ويؤدي الغرب دوراً كبيراً ومحفزاً في تعبئة الموارد المُيسرة لمساعدة الأردن على تحسين رفاهية اللاجئين والمجتمعات المضيفة لهم، إذ يستحيل تقييم أي جانب من جوانب الاقتصاد السياسي الأردني من دون الأخذ بعين الاعتبار آثار موجات الهجرة الناجمة عن النزاع إلى الأردن، لذلك فقد مكّن الموقع الجيوستراتيجي الأردن من التمتُّع بريع المساعدات الخارجية المقدمة من الغرب والخليج التي لها مصالح في ذلك، في سبيل ضمان دخلها والحفاظ على أمنها واستقرارها في تلك البقعة من الأرض.

سيناريوهات الحل

الاقتصاد الأردني يُعاني من مشاكل عدة، ومن الحلول التي يحتاجها إليها للتعافي من الأزمات الحادة والمشاكل الجمّة التي ألقت بظلالها على المواطنين البسطاء هناك:
-العمل الجدّي على تنويع مصادر الدخل لأن المساعدات الخارجية، لا سيّما الخليجية منها، لن تستمر طويلاً مع انخفاض أسعار النفط.

- التعامل الجدّي مع ملف الطاقة الذي من شأنه أن يفتح آفاقاً واسعة أمام الصناعة و الزراعة، والبحث عن موارد جديدة كاستغلال الصخر الزيتي لإنتاج النفط واﺴﺘﻐﻼل ﻤﺼﺎدر اﻟطﺎﻗﺔ اﻟﻤﺘﺠددة.

- تعزيز البنية التحتية والبيئة الاستثمارية الأردنية من خلال التقليل من البيروقراطية وسن تشريعات استثمارية تحفز المستثمرين الأجانب على الاستثمار في الأردن، بالإضافة إلى تقديم الحوافز المالية كخفض سعر الفائدة على القروض الإنتاجية.

- إيجاد أسواق خارجية جديدة للمنتجات المحلية وتحسين جودتها، وكذلك تشجيع الإنتاج المحلي والتصدير من خلال التوقف عن زيادة الضرائب التي من شأنها مفاقمة تكاليف الإنتاج وتنفير المستثمرين.

- تقليص النفقات الجارية والقضاء على كل أشكال الفساد والمحسوبية التي ساهمت في هدر المال العام من خلال الردع القانوني وتعزيز الشفافية.
المساهمون