انتعاش الأسهم الأوروبية والأميركية بعد تدهور كبير... و"الفيدرالي" يشتري سندات الخزينة

13 مارس 2020
ارتياح في أوساط المستثمرين في وول ستريت (فرانس برس)
+ الخط -


بعد التدهور الذي أصابها أمس الخميس، عكست الأسهم الأميركية والأوروبية اتجاهها صعودا اليوم الجمعة، وحققت قفزات كبيرة على ضوء التدابير التحفيزية المتخذة لتدعيم الاقتصاد العالمي الذي يدفع ثمناً باهظاً لانتشار فيروس "كورونا".

واليوم، أطلق مجلس الاحتياطي الاتحادي (المصرف المركزي الأميركي) موجة مشتريات لسندات الخزانة حجمها 37 مليار دولار، في إطار إجراءات محسنة لضخ السيولة في السوق، أعلن عنها أمس الخميس، لمعالجة الأوضاع المتقلبة في سوق السندات الحكومية جراء تفشي فيروس كورونا.

وقال بنك نيويورك الاحتياطي الاتحادي، وكيل السوق في منظومة مجلس الاحتياطي، إن المشتريات بدأت في الساعة 14:30 بتوقيت غرينتش وستستمر لما بعد الظهر، مع استهدافها لخمسة قطاعات استحقاق مختلفة.


فقد فتحت الأسهم الأميركية على ارتفاع قوي اليوم، بعد تكبد أسوأ خسائرها اليومية في أكثر من 30 عاما، مع تعلق المستثمرين بالأمل في مزيد من الإجراءات المالية للحيلولة دون ركود عالمي.

فقد انتعشت 
الأسواق الأوروبية بشكل كبير منتصف الجمعة، كما سجلت وول ستريت ارتفاعاً عند افتتاحها، غداة انهيار تاريخي على خلفية توسع انتشار وباء فيروس كورونا المستجد.

وفي كافة أنحاء أوروبا، استعادت المؤشرات عافيتها، لتعوض بعض الخسارات التي لحقت بها الخميس. وفي باريس، ارتفع مؤشر "كاك 40" بنحو 8%، بعدما سجّل أسوأ تراجع له في تاريخه الخميس. وارتفعت كذلك بورصات لندن وفرانكفورت ومدريد وميلانو بشكل أقوى، مع اكتسابها 17%، ما يساوي نسبة الانهيار التي لحقت بها الخميس.

كما انتعشت من جهتها مؤشرات وول ستريت عند الافتتاح، حيث سجل داو جونز ارتفاعاً بنسبة 5.84%، وناسداك بنسبة 5.67%. واعتبر فنسنت بوي، المحلل في مؤسسة "آي جي" فرنسا للتحليل المالي، "تبقى معرفة ما إذا كان المستثمرون سيحافظون على مواقعهم الشرائية خلال عطلة نهاية الأسبوع"، وفقا لبيانات فرانس برس.

ويخشى الفاعلون في السوق خصوصاً "قيوداً إضافية على المستوى العالمي، في حين لا توجد أي إحصائية تسمح بتقييم الأثر على النشاط الاقتصادي في أوروبا أو الولايات المتحدة"، وفق المحلل.

في الأثناء، تعهدت الحكومة الألمانية مساعدة الشركات "بشكل غير محدود"، في سابقة مختلفة عن خطابها الاعتيادي المرتكز على المحافظة على توازن موازنتها.

ورأى المدير العام لمؤسسة "كيبلينك فاينسز" فرانكلين بيشار أن "بلوغ الوباء العالمي ذروته إلى جانب اتخاذ إجراءات دعم نقدي ومالي (وطبعاً اكتشاف لقاح) ستسمح بعودة الطمأنينة إلى الأصول التي تواجه خطراً". وحذّر أنه "في الأثناء، أي انتعاش لن يكون إلا عابراً".

وتقول الصين، حيث بدأ فيروس كورونا المستجد بالتفشي في ديسمبر/كانون الأول، إن ذروة انتشار المرض قد عبرت على أراضيها، لكن فيروس كوفيد-19 يتفشى حالياً في مناطق أخرى خصوصاً إيطاليا وإيران.

صب الزيت على النار

وعلى عكس الأسواق الأوروبية، أغلقت بورصة طوكيو الجمعة على انخفاض بنسبة 6.08%، بعدما كانت قد خسرت 4.4% الخميس. تراجعت البورصات الصينية كذلك الجمعة، لكن على مستوى أقل من تراجع طوكيو، وذلك على خلفية بحث المستثمرين عن الصفقات المربحة، بحسب ما تشير شركة "وانلونغ سيكوريتز" الاستشارية.

ومن باريس إلى وول ستريت، مروراً بلندن وساو باولو، شهدت الأسواق انهياراً كبيراً الخميس، وعرف بعضها أسوأ جلساته منذ أكتوبر/تشرين الأول 1987.

وفي ذلك العام، أدى الإعلان عن عجز تجاري كبير في الولايات المتحدة، ورفع البنك المركزي الألماني لمعدلات الفائدة، إلى انهيار كبير في الأسواق كان يتراكم تضخمه منذ مدة. وفي 19 أكتوبر/تشرين الأول، خسر مؤشر داو جونز نسبة 22.6%.

وفوجئ المستثمرون الخميس بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعليق دخول الأوروبيين من منطقة شنغن إلى الولايات المتحدة لمدة 30 يوماً.

وكتب المحلل الاستراتيجي في البنك الوطني الأسترالي رودريغو كاتريل الجمعة، أن التدابير المتفرقة التي تتخذها الدول والمصارف المركزية حول العالم لمواجهة الفيروس "تصب الزيت على النار" عبر تضخيمها لحالة عدم اليقين.

وكشف البنك المركزي الأوروبي، الخميس، عن سلسلة تدابير للحد من الأثر الاقتصادي للأزمة الصحية في منطقة اليورو. لكنه لم يخفض معدلات الفائدة، كما فعل بشكل مفاجئ الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سابقاً.

واتخذ الاحتياطي الفيدرالي إجراءات جديدة الخميس، عبر تجديد شراء الديون من خلال سندات الخزينة، والسماح بضخ آلاف المليارات من النقد الجديد، لكن ذلك لم يمنع مؤشر داو جونز من الانهيار بنحو 10%.

وانخفضت قيمة اليورو الجمعة أمام الدولار. وبلغت 1.1105 دولار نحو الساعة 13:10 بتوقيت غرينتش، مقابل 1.1185 دولار الخميس. في الأثناء، ارتفعت أسعار النفط الجمعة، بشكل كبير نحو الساعة 13.10 بتوقيت غرينتش. وبلغ سعر برميل خام غرب تكساس الوسيط 33.25 دولارا بعدما اكتسب 5.56%، بينما كسب سعر برميل برنت 5.72% ليبلغ 35.12 دولارا.

تخارج من الأسهم والسندات

على صعيد متصل، قال بنك أوف أميركا، اليوم الجمعة، إن المستثمرين تخارجوا من السندات والأسهم وجميع بقية فئات الأصول الكبرى، وضخوا أموالا في أدوات النقد في أسبوع مضطرب للأسواق شهد محو تريليونات الدولارات، في ظل تصاعد مخاوف الركود بسبب تفشي وباء فيروس كورونا.

وقال محللون لدى بنك أوف أميركا ميريل لينش، الذين يحللون بيانات أسبوعية من إي.بي.إف.آر المتخصصة في تتبع التدفقات، إن أسواق النقد سجلت دخول تدفقات، بقيمة 136.9 مليار دولار، هي الأكبر على الإطلاق.

وسحب المستثمرون تدفقات قياسية بلغت 25.9 مليار دولار من صناديق السندات في الأسبوع المنتهي يوم الأربعاء، فيما تتجه الأسهم العالمية، اليوم الجمعة، صوب أسوأ أداء أسبوعي منذ الأزمة المالية في عام 2008، بعد أن انخفضت 10% أمس الخميس، وفقا لرويترز.

وقال بنك أوف أميركا إن "الانهيار" في الأسواق يشير إلى مخاوف من ركود اقتصادي وحالات تخلف عن سداد الديون، مما يؤدي إلى عمليات تسييل إجبارية في وول ستريت وانعدام كفاءة السياسات.

ولم تكن تخفيضات لأسعار الفائدة من جانب العديد من البنوك المركزية، وإجراءات تحفيز اتخذتها حكومات، كافية لتهدئة مخاوف المستثمرين، إذ إن الضرر الاقتصادي الناجم عن الفيروس ما زال من الصعب تقييمه.

المساهمون