الأردن: آلية غامضة لتسعير المحروقات تلافياً للاحتجاجات

03 يوليو 2018
جانب من احتجاجات زيادة الضرائب وارتفاع الأسعار (فرانس برس)
+ الخط -

تحاول الحكومة الأردنية الجديدة برئاسة عمر الرزاز، تخفيف حدة الاحتقان الشعبي إزاء السياسات القائمة على رفع الأسعار وزيادة الضرائب التي كانت السبب الأساسي في تفجر الاحتجاجات قبل حوالي شهر على نحو غير مسبوق في البلاد.

واليوم الثلاثاء، كشفت وزيرة الطاقة والثروة المعدنية هالة زواتي، ووزير المالية عزالدين كناكرية، عن آلية تسعير المشتقات النفطية التي يكتفها الغموض منذ العام 2012، لإنهاء حالة الجدل حول الموضوع، وفق زواتي.

وأوضحت أن مبدأ تسعير المحروقات يستند إلى الأسعار العالمية في الأول من مايو/ أيار 2018، مشيرة إلى أن الضرائب والرسوم التي تفرض على المشتقات النفطية ستحسب ضمن إجمالي العبء الضريبي على المواطن الأردني.

واستنادا إلى الآلية التي أعلنتها الحكومة، فإن البنزين 95 أوكتان يخضع للضريبة بنسبة 57.2% تضاف إليها نسبة 5.6% كلف نقل وتخزين، وتباع الصفيحة منه حالياً (20 لترا) بنحو 30 دولارا شاملة الضريبة، فيما تبلغ الضريبة على البنزين 90 أوكتان ما نسبته 47.4% تضاف إليها 7.1% كلف تخزين ونقل، وتباع الصفيحة منه بحوالي 23 دولارا.
وبحسب البيانات التي أعلنتها وزيرة الطاقة، يخضع الكاز للضريبة بنسبة 26% والسولار بنحو 26.25% تضاف إليهما 9.6% نقل وتخزين، وتباع الصفيحة من كل منهما بقيمة 17.5 دولارا.

ويبدو أن الحكومة من خلال سعيها لتفكيك لغز تسعير المشتقات النفطية، الذي مضى عليه أكثر من 6 سنوات، تريد أيضا استرضاء النواب قبل تقدمها بطلب الحصول على ثقتهم في الدورة الاستثنائية، التي ستنطلق أعمالها في 9 يوليو/ تموز الجاري بناء على مرسوم ملكي صدر الشهر الماضي.

ويعتبر ملف تسعير المحروقات من الموضوعات الأكثر جدلاً في البلاد، كون الأسعار أعلى بكثير من الدول الأخرى لخضوعها لنسب عالية من الضرائب، إضافة إلى عدم وضوح آلية صرف العوائد المتحققة من تلك الضرائب، وفق نواب في البرلمان.

وتقوم الحكومة نهاية كل شهر بتحديد أسعار المشتقات النفطية للشهر الذي يليه، تبعا للأسعار العالمية، إلا أن الأسعار تثير في كل مرة غضب الشارع والقطاعات الاقتصادية، حيث يرون أنها غير عادلة ولا تعكس الواقع.

وقال جمال قموه، عضو مجلس النواب، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "أسعار المشتقات النفطية محملة بأعباء ثقيلة من الضرائب، وهي أعلى بكثير جداً مما هو موجود في البلدان الأخرى، ما جعل أسعارالمحروقات عالية وبشكل غير مقبول".
وأضاف قموه أن إعلان الحكومة عن آلية التسعير مهم ومن باب الشفافية، لكنه يفتح الباب على مصراعية لأهمية إعادة النظر بتلك الضرائب التي يتحملها المواطن وتزيد من الأعباء المعيشية.

وتابع أن "مجلس النواب سيعمل على تخفيض أسعار المحروقات، خاصة البنزين والسولار والكاز، فالنسب الضريبية المفروضة على هذه المواد مذهلة ويجب إعادة النظر فيها إذا كانت الحكومة معنية بإصلاح اقتصادي حقيقي".

وقدر النائب الأردني حجم العائد من الضرائب المفروضة على المشتقات النفطية بأكثر من 2.8 مليار دولار سنوياً، مشيرا إلى أنها ترتفع مع ارتفاع أسعار النفط عالمياً.

وقال: "مكاشفة الناس بالحقائق غير كافية وتحتاج لخطوات عملية، فلا بد من تخفيض ضرائب المحروقات، وخاصة أن الحكومة تتحدث عن دراسة حجم الوعاء الضريبي بالكامل وبالذات ما يتحمله المواطن".

لكن وزيرة الطاقة والثروة المعدنية قالت إن جميع عوائد المشتقات النفطية تذهب إلى خزينة الدولة، وتوجه للعديد من بنود الإنفاق العام، كما يخصص جزء من إيرادات الضرائب للبلديات بحسب قانون البلديات، مشيرة إلى أن الإيرادات الضريبية المتأتية من المحروقات تشكل نحو 13% من إجمالي الإيرادات.

كانت الحكومة الأردنية قد قررت، مطلع الأسبوع الجاري، إرجاء العمل بتسعيرة الوقود لبعض المشتقات الرئيسية لشهر يوليو/ تموز، وذلك إلى حين الإعلان عن آلية تسعير هذه المشتقّات، فيما رأى الخبير الاقتصادي حسام عايش، في تصريح لـ"العربي الجديد"، السبت الماضي، أن الإرجاء جاء بهدف تفادي احتجاجات الشارع مجدداً.
وذكرت الحكومة، في بيان لها آنذاك، أنّه رغم العبء المالي المترتّب على إرجاء العمل بتسعيرة الوقود الجديدة، إلّا أنّها ستتحمّل تبعاته من خلال إجراءات تتعلّق بضبط الإنفاق، مع تأكيد عودة لجنة تسعير المشتقّات النفطيّة إلى العمل بالتسعيرة الشهريّة بدءاً من نهاية يوليو/ تموز.

وتبعاً لهذا القرار، أعلنت لجنة تسعير المشتقّات النفطيّة بقاء سعر بيع البنزين (90 أوكتان) عند 815 فلسا للتر (1.15 دولار)، وبنزين (95 أوكتان) 1050 فلسا للتر، ومادتَي السولار والكاز 615 فلسا للتر، وبقاء سعر أسطوانة الغاز البترولي المسال المنزلي عند 7 دنانير للأسطوانة.

ويعاني الأردنيون من تزايد الضغوط المعيشية، حيث ارتفعت نسبة الفقر إلى 20%، بحسب تقديرات رسمية، وبلغت البطالة 18.4% خلال الربع الأول من العام الحالي.

واتخذت الحكومة إجراءات، خلال السنوات الثلاث الماضية، استجابة لتوجيهات صندوق النقد الدولي، الذي يطالب بما يصفه بإصلاحات اقتصادية، تمكّنها من الحصول على قروض جديدة، في ظل أزمة اقتصادية متفاقمة، ووصول الدين العام إلى نحو 39 مليار دولار.
المساهمون