حذّر مختصون في الشأن الاقتصادي وناشطون أردنيون من احتجاجات جديدة ضد الغلاء وعدم شمول قضايا "الغرامات المالية" ضد المواطنين بالعفو العام، واصفين خفض ضريبة المبيعات على نحو 150 سلعة، نهاية الأسبوع الماضي، بالخطوة المهمة، لكن الحد من الأعباء المعيشية المتزايدة بحاجة إلى إجراءات إضافية.
وأثار استثناء الحكومة "العقوبات المالية" من مشروع قانون العفو العام، الذي أقرّته وأحالته إلى البرلمان، يوم الخميس الماضي، انتقادات في أوساط المواطنين، لا سيما أنه جاء بعد رفع ضريبة الدخل على المواطنين.
وقال أحمد عوض، رئيس مركز الفينيق الاقتصادي، إن إعلان الحكومة، يوم الخميس الماضي، عن تخفيض ضريبة المبيعات على أسعار عدد من السلع الغذائية، بما يصل إلى 150 سلعة، هو خطوة مهمة، لكنها غير كافية لإيقاف الاحتجاجات، والأمر يتطلب أيضا تخفيض أسعار المحروقات هذا الأسبوع، في ضوء التراجع الكبير في أسعار النفط الخام عالميا.
وأشار إلى ضرورة خفض أسعار الكهرباء نتيجة بدء عمليات الاستيراد الفعلي للغاز من مصر وانخفاض الأسعار العالمية، إلى جانب ضرورة الاستجابة لتوصيات اللجنة المالية في مجلس النواب برفع الحد الأدنى للأجور وعدم رفع الأسعار خلال العام الجديد 2019.
وحذّر من أن "الاحتجاجات ستستمر الأسبوع الحالي، ما لم تقم الحكومة بالتعاون مع البرلمان بتوسيع دائرة القضايا المشمولة بقانون العفو العام، بما في ذلك الغرامات المالية المترتبة على المواطنين لصالح الخزينة، وهذا ما ينتظره الشارع الأردني منذ أكثر من عام".
ويواجه الأردنيون موجات متتالية من الغلاء والأعباء المعيشية، بسبب الإجراءات الحكومية الهادفة إلى الحد من أزمتها المالية وتقليل عجز الموازنة.
وكان آخر هذه الإجراءات مصادقة الأردن، بشكل نهائي، في وقت سابق من ديسمبر/كانون الأول الجاري، على قانون ضريبة الدخل المعدل، بعد إقراره من البرلمان بغرفتيه.
وأثار مشروع القانون قبل التعديل، في مايو/أيار الماضي، موجة احتجاجات عارمة في البلاد، استمرت لنحو 8 أيام متتالية، على مقربة من مقر الحكومة بوسط العاصمة الأردنية، دفعت رئيس الحكومة السابق، هاني الملقي، إلى تقديم استقالته، وتكليف عمر الرزاز، خلفاً له.
وقال حسام عايش، الخبير الاقتصادي، لـ"العربي الجديد"، إن "الاحتجاجات ستبقى حاضرة في أذهان المواطنين، خاصة النشطاء منهم، في حال لم تقم الحكومة بتحسين الوضع الاقتصادي، والاستجابة لمطالب النقابات بتحسين معيشة أعضائها، إلى جانب أهمية معالجة مشكلات الفقر والبطالة".
وأضاف عايش: "العام الجديد يجب أن يحفل بإنجازات يشعر بها المواطن، من حيث انخفاض الأسعار، وزيادة شبكة الأمان الاجتماعي، وتوفير فرص العمل، والحد من المديونية العامة المرتفعة، والتي أصبحت تشكل 95% من الناتج المحلي الإجمالي".
وكان قاسم الزعبي، مدير عام دائرة الإحصاءات العامة (حكومية)، قد كشف، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، مطلع الشهر الجاري، أن بيانات مسح نسب الفقر الأخيرة التي أجرتها الدائرة أظهرت وجود فجوة كبيرة بين إنفاق الأسر الأردنية ودخلها، موضحا أن العجز التمويلي لموازنات الأسر يبلغ سنويا ما بين 1400 و2800 دولار، وهي تحتاج إلى هذا المبلغ لتغطية التزاماتها المالية.
وأضاف الزغبي أنه إزاء هذه الأوضاع المالية، فإن الأسر والأفراد يلجؤون إلى الاقتراض من البنوك والمؤسسات التمويلية الأخرى، وأعداد كبيرة منهم تقوم ببيع الأصول العقارية والممتلكات، مؤكدا أن انخفاض دخل الأسر وفي المقابل ارتفاع التضخم، خاصة في السنوات الأخيرة، قد فاقم من العجز المالي للمواطنين.
ووفق بيانات حديثة صادرة عن البنك المركزي، فإن قيمة ديون الأفراد بشقيها الاستهلاكية والسكنية ارتفعت في نهاية 2017 إلى حوالي 15 مليار دولار، بزيادة نسبتها 9% عن عام 2016، مشيرا إلى أن حوالي 67% من دخل الأفراد يذهب لسداد الديون للبنوك وجهات أخرى دائنة.
وقال خالد البكار، رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب، لـ"العربي الجديد"، إن "الحكومة تعهدت بعدم رفع الأسعار في 2019، والعمل سينصب على تحسين الأوضاع المعيشية".
وفي خطوة فسرها مختصون في شؤون النقابات المهنية بأنها تدخل في سياسة الاحتواء، فقد سارع رئيس الوزراء، عمر الرزاز، إلى لقاء مجلس النقابات المهنية، مساء الخميس الماضي، لمناقشة مطالبها، واعداً بدراستها وحلها، خاصة ما يتعلق بتحسين أوضاع منتسبي النقابات.
وأظهرت أرقام دائرة الإحصاءات العامة التي أصدرتها مؤخرا أن 49% من الأسر يقل إنفاقها عن 14 ألف دولار سنويا، و9% يقل إنفاقها السنوي عن 7 آلاف دولار، في حين أن 13% يزيد إنفاقها السنوي عن 28 ألف دولار.
وكشف البنك المركزي الأردني مؤخرا، عن توجه البنوك المحلية إلى تقليل منح القروض والتسهيلات المالية للأفراد وتوجيهها بشكل أكبر للشركات المختلفة، وذلك لارتفاع عامل المخاطرة في القروض الممنوحة للأفراد.
وفي ما يتعلق بالقروض الممنوحة لقطاع الأفراد، فإن أكبر حصة من هذه القروض تعود إلى القروض السكنية التي شكلت نحو 44.1% في نهاية عام 2017، ثم السلف الشخصية بنسبة 33.1%، بينما شكلت قروض السيارات 12.5%.