إفقار الفلاح

12 ديسمبر 2014
80% من الفقراء في مصر هم من صغار المزارعين(أرشيف/Getty)
+ الخط -
عادت الحكومة المصرية مرة أخرى، بعد 3 يوليو/تموز 2013، لتمارس سياسات مبارك نفسها في قضية تصدير الأرز، وبدأت القصة كالمعتاد بقرار من وزير التجارة والصناعة بفتح باب تصدير الأرز في نوفمبر/تشرين الثاني 2013 بعد بيع المزارعين محصولهم للتجار، لكن أعضاء شعبة الأرز بغرفة صناعة الحبوب تضرروا من القرار، واتهموا الوزير بأنه أصدره لمورّد بعينه وبهدف زيادة سعر الأرز محلياً بواقع 500 جنيه للطن، وهذا سيؤدي إلى امتناع الموردين عن تسليم كميات الأرز المتعاقد عليها لصالح هيئة السلع التموينية عن شهري نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول.
واقترح أعضاء الشعبة أن يتم السماح لهم بالتصدير أيضاً، على أن يوردوا طن أرز للهيئة مقابل كل طن للتصدير، وهو الطلب الذي رفضه مجلس الوزراء حتى يتم توفير احتياجات الهيئة البالغة 1,4 مليون طن سنوياً، ولم يمر شهر فبراير/شباط 2014 حتى تم تغيير وزير التموين الذي صرح في 22 أغسطس/آب بأن إقالته كانت لرفضه تصدير الأرز ومنع استيراد أرز هندي سيئ.
وفي 13 سبتمبر/أيلول الماضي، نشرت وكالة أنباء الشرق الأوسط الحكومية أن اتحاد الصناعات اشترى شهادات استثمار بمشروع قناة السويس الجديدة، بقيمة 25 مليون جنيه، وهو خبر له دلالته، حيث تقدم الاتحاد بعد اسبوع من الخبر بطلب لمجلس الوزراء للسماح بتصدير الأرز، وتم مناقشة الطلب في اجتماع اللجنة الوزارية الاقتصادية، وتمت الموافقة عليه والتأكيد على أن القرار يهدف إلى المحافظة على اقتصاديات المزارعين، والعمل على استغلال الميزة النسبية للأرز المصري، والحد من ظاهرة تهريب الأرز للأسواق التقليدية، واقترحت اللجنة الوزارية السماح بتصدير كمية مليون طن، ثم رفعت اللجنة مشروع القرار لمجلس الوزراء للموافقة عليه. وفي اجتماع المجلس رفض وزير الري القرار لمنع الفلاحين من التوسع في زراعة الأرز، ثم عاد المجلس ووافق، ساعتها قال رئيس اتحاد الصناعات، إن قرار فتح باب تصدير الأرز جيد، وإن الحكومة وافقت عليه، بعد التأكد أن السوق المحلي لن يعاني من أى عجز، وأن القرار سيسمح بتصدير مليون طن أرز أبيض بقيمة مليار دولار، ما يؤدي إلى توريد 280 مليون دولار لخزانة الدولة، وتوفير العملة الصعبة لمصر.
السؤال: أين مصلحة الفلاح من كل هذا، ولماذا تفرض الحكومة رسم تصدير على الأرز، ولا يذهب هذا المبلغ لجيب المزارع، في حين تدفع الحكومة مبالغ مالية لمصدري المحاصيل غير الاستراتيجية، مثل البرتقال والفراولة والبطاطس في صورة حوافز تصدير، ثم تتعامل مع مزارع الأرز الذي يكد لينتج قوت الشعب ويؤمن غذائه، فتتعامل معه الحكومات على هذا النحو غير المنصف، وتقارير البنك الدولي تؤكد أن 80% من الفقراء في مصر هم من صغار المزارعين، وتعترف وزارة الزراعة أن هذه الفئة من المزارعين هي من تنتج 85% من المحاصيل الأساسية من قمح وأرز.
المساهمون