مطابع مصر تهدد بالإغلاق نهائياً بعد صدمة الدولار

23 يناير 2017
أكثر المطابع توقفت عن طباعة الكتب المدرسية (محمود شاهين/Getty)
+ الخط -
لم يعد ثمة بد من مواجهة مؤجلة بين صناع الورق في مصر والحكومة، منذ قرار تحرير صرف العملة المحلية الذي قفز بسعر الدولار لأكثر من الضعف، مما يهدد بتوقف ماكينات إنتاج يُعوَّل عليها في طباعة الكتب لملايين التلاميذ والطلاب.
وتئن مصانع الورق تحت وطأة أسعار الغاز التي قفزت بأكثر من 100% منذ تحرير الجنيه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إذ تشتري المصانع هذه المادة من الحكومة وفق تسعيرة دولارية، فضلا عن أزمة نقص خامات الورق نتيجة تراجع استيرادها من جهة، والسماح بتصدير المحلي منها، من جهة أخرى.
وأمهل الاتحاد العام لصناع الورق في مصر الحكومة شهراً قبل غلق أنشطتهم نتيجة لارتفاع الأسعار، لافتين إلى أن أكثر من نصف المطابع المرخصة توقفت تماماً عن الإنتاج.
وقال عضو الاتحاد، وليد رياض، لـ "العربي الجديد": "سعر طن الورق ارتفع إلى 15 ألف جنيه (853 دولارا) بعدما كان يباع بمتوسط 6250 جنيها، فضلا عن ارتفاع أسعار جميع مستلزمات الإنتاج الأخرى مثل الأحبار والزنجات وقطع الغيار التي شهدت زيادة بين 35 و40%".
وأوضح أن عملية طباعة الكتب المدرسية الخاصة بالفصل الثاني لهذه السنة مهددة بالتوقف تماما، نتيجة لارتفاع الأسعار وتوقف الشركات، مشيرا إلى أن عدد المطابع، التي كانت تعمل في الكتاب المدرسي، تقلص إلى 65 مطبعة فقط من إجمالي 145 مطبعة كانت مشتركة في مناقصة الفصل الدراسي الأول.
وتراجع عدد المطابع المسجلة لدى اتحاد الصناعات إلى حدود ألفي مطبعة فقط في 2016، مقابل قرابة 4200 مطبعة كانت مسجلة قبل نحو عامين. وتقول مصادر مهنية إن هناك نحو خمسة آلاف مطبعة أخرى غير مسجلة، لكنّ عدداً كبيراً منها توقف عن الإنتاج أيضا.
وطالب رياض الحكومة بتحفيز القطاع الذي يشغل قرابة 500 ألف عامل، عبر تسهيل فتح الاعتمادات المستندية اللازمة لعملية الاستيراد وتوفير العملة الصعبة وتسهيل التراخيص وخفض رسوم الغاز والكهرباء، موضحاً أن بند الكهرباء وحده يكلف المطابع مبالغ طائلة، حيث قفز متوسط ما تدفعه المطابع لشركات الكهرباء من 500 جنيه في عام 2014، إلى حدود 3500 جنيه حالياً.
وتدخل الطباعة في أغلب الصناعات، وتمثل نحو 35% من عملية التغليف، مما يعني أن زيادة أسعارها تنعكس سلباً على أسعار السلع بشكل عام.
وكشف الاتحاد العام لغرف صناعة الورق بمصر عن أن أغلب مصانع الورق متوقفة منذ أشهر، مما ينذر بكارثة كبرى تهدد العاملين بها والصناعة بشكل عام وتسريح الفنيين والمهندسين والعمال.
وقال رئيس الاتحاد العام لصناع الورق، بشير حمد، في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي، إن صناعة الورق في مصر مهددة بالتوقف التام، في حال عدم مراجعة الحكومة لعدد من قراراتها، خاصةً في ما يتعلق بأزمة سعر الغاز الطبيعي للمصانع، إلى جانب تأخر قرارها في استيراد المواد الخام المهمة التي تدخل في صناعة الورق.
وتقول مصادر في قطاع البترول في مصر، إن أسعار بيع الغاز للقطاع الصناعي محددة في العقود بالدولار، ويسدد المصنع الفواتير بالجنيه المصري وفقاً لسعر الصرف وقت التحصيل.
وتقدر أسعار الغاز للصناعات متوسطة وكثيفة الاستهلاك بنحو 8 دولارات لكل مليون وحدة حرارية لصناعة الإسمنت، و7 دولارات للحديد والصلب والألومنيوم والنحاس والسيراميك والزجاج، و5 دولارات للصناعات الغذائية والأدوية والطوب، و4.5 دولارات للأسمدة والبتروكيماويات بخلاف بعض مصانع الأسمدة المتعاقدة على معادلة سعرية مرتبطة بسعر الأمونيا عالمياً.
وتشير بيانات الاتحاد إلى أن صناعة الورق توفر فرص عمل لأكثر من 500 ألف عامل، وتشغل استثمارات تقدر بنحو 30 مليار جنيه.
وقال حمد: "سننشر استغاثة للحكومة، وإن لم تستجب سيتم اتخاذ قرارات عاجلة وتصعيدية، منها وقف جميع المصانع لحين حل الأزمة. تواصلنا مع وزارة الصناعة ولم يحدث شيء".
وقالت شعبة الورق بغرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات، مؤخرا، إن مستثمرين منضوين تحت لواء الشعبة أغلقوا نحو 20 مصنعا لمنتجات الورق، فقد في إثره قرابة 4 آلاف عامل وظائفهم.
وأضافت الغرفة أن إنتاجية باقي مصانع الورق القائمة سجلت انخفاضا بنسبة 75% بسبب ارتفاع أسعار ورق "الدشت" الخام، بحدود 50%، مؤكدة أن تصدير الدشت المُعاد تدويره في مصر لا يزال مستمرا وبكيمات كبيرة، على الرغم من رسم الصادر المفروض على صادراته بقيمة ألف جنيه على الطن.
وتطالب الغرفة، وزارة الصناعة والتجارة بمنع تصدير ورق الدشت نهائيا، باعتباره أحد خامات الإنتاج الأساسية للصناعة المحلية.
وقال عضو الاتحاد العام لصانع الورق، سامي شاكر: "لدي مطبعة يعمل بها أكثر من 650 عاملاً ما بين فني وإداري وسائق، سأضطر لإغلاقها إذا استمر هذا الوضع السيىء".

المساهمون