أسرع الصياد الفلسطيني عادل الشريف، إلى إصلاح شباك الصيد الخاصة بقاربه الصغير، بعد سماح قوات الاحتلال الإسرائيلي قبل أيام بالصيد لمسافة تتراوح بين 6 أميال و15 ميلاً بحرياً، من شمال قطاع غزة حتى جنوبه.
ويأمل الشريف، وإلى جانبه المئات من الصيادين في قطاع غزة، أن يساهم فتح البحر وزيادة مساحة الصيد نتيجة تفاهمات التهدئة بين الفصائل الفلسطينية والجانب الإسرائيلي بوساطة مصرية في تحسين أوضاعهم، وأوضاع عائلاتهم الاقتصادية المتردية.
يقول الشريف (56 عاماً) والذي يعيل أسرة مكونة من 10 أفراد لـ "العربي الجديد" إن فتح المجال البحري أمام الصياد يمكنه من تحسين عمله بعد فترة من الركود نتيجة إغلاق البحر، واقتصاره على مسافة 6 أميال فقط في أحسن الأحوال، علاوة على الملاحقة الإسرائيلية المتواصلة للصيادين والاعتداء عليهم وعلى معداتهم.
ويشير إلى أنه قام باستدانة مبلغ من المال لربط الصنار والشبك (صنفان من شباك جر الأسماك مختلفة الأنواع)، لتشغيل القارب الصغير، الذي يعمل عليه أربعة أفراد، مضيفاً: "مواصلة فتح البحر، وتمكننا من الحصول على عائد جيد، قد يمكننا من إصلاح القارب الكبير، والذي يحتاج إلى مبلغ أكبر لإصلاحه".
ويضيف "لو استمر فتح البحر لسنوات دون مضايقة أو ملاحقة إسرائيلية، ستتغير أحوالنا للأفضل".
يوافقه في الرأي الصياد ماهر أبو سلطان (45 عاماً) الذي يعيل أسرة مكونة من 9 أشخاص، والذي يرى أن فتح البحر لمسافة تصل إلى 15 ميلاً بحرياً قد توجد أصنافاً جديدة من الأسماك غالية الثمن، والتي قد تعود بعائد وفير للصياد، مثل سمك "بكالاي"، "جربيدن"، "جمبري نايلون الأحمر"، وغيرها.
وتلقى أبو سلطان خبر زيادة مسافة الصيد من هيئة الثروة السمكية في مدينة غزة، والتي اجتمعت بالصيادين فور نشر الخبر قبل نحو أسبوع، لشرح آلية الصيد الجديدة، والتعليمات الخاصة بالصيد في كل منطقة من مناطق قطاع غزة من الشمال حتى الجنوب.
ويُسمح للقوارب من شمال قطاع غزة حتى مدينة غزة بالصيد حتى مسافة 6 أميال بحرية، ومن مدينة غزة حتى وسط قطاع غزة بالصيد حتى 12 ميلا بحريا، بينما يتم السماح بالصيد من المنطقة الوسطى حتى جنوب قطاع غزة حتى مسافة نحو 15 ميلا بحريا.
وعن سر تفاؤل أبو سلطان، يوضح لـ "العربي الجديد" أن منطقة ما بعد 12 ميلا بحريا، هي منطقة صخرية، ويتواجد بها أصناف عديدة من الأسماك والمزارع السمكية، ما من شأنه أن يحسن الأوضاع الخاصة بالصيادين الذين يعانون الأمرين.
وتبدأ رحلة عمل أبو سلطان يومياً في السادسة والنصف صباحاً، حيث يقوم بتجهيز الثلج والوقود الخاص بالقارب، والانطلاق لرمي الشباك، وبعد الصيد يتم فرز أنواع الأسماك وبيعها في حسبة السمك، داخل ميناء غزة.
ويأمل أبو سلطان أن يتم فتح البحر أمام الصيادين وفق اتفاقية أوسلو، والتي تتيح لهم الصيد حتى مساحة 20 ميلاً بحرياً، يليها مياه إقليمية تابعة للسيادة الفلسطينية، كذلك أن يتم السماح بإدخال أسلاك "الستي" المستخدمة في شباك الصيد، و"الفيبر غلاس"، الخاص بصيانة القوارب.
لكن الصياد محمد أبو وطفة (29 عاماً)، لا يبدي تفاؤلا كبيرا بتوسيع سلطات الاحتلال مسافة الصيد، مشيرا إلى أن الصيادين اعتادوا على مماطلة الاحتلال الدائمة وسرعة تغير مواقفه نتيجة الأهواء السياسية.
ولا تتوقف فائدة زيادة مسافة الصيد على الصيادين فحسب، إذ عملت على تنشيط عمل الستيني جهاد أبو عودة في غزل وتصليح وتفصيل شباك الصيد المهترئة والممزقة، والتي لم يتشجع أصحابها على إصلاحها خلال فترة الإغلاق.
ويوضح لـ"العربي الجديد" أنه منذ اللحظة الأولى لسماع الخبر، اتجه عدد من الصيادين لإصلاح شباكهم وربط معداتهم تحضيراً لخوض غمار البحر، أملاً في صيد أصناف جديدة، وبنسب أكبر.
ويبين أبو عودة والذي عمل صياداً في البحر في السنوات الماضية، وقذف به الحال إلى العمل على إصلاح الشباك أن نشاط العمل قد يؤثر إيجابا عليه وعلى دخله اليومي، مشيراً إلى أنّ استمرار فتح البحر، سيشجع باقي الصيادين على إصلاح شباكهم، واقتناء شباك جديدة، وبأحجام مختلفة.
ويأتي نبأ توسعة مساحة الصيد أمام الصيادين في قطاع غزة بعد مرحلة من الركود نتيجة تحديد مسافة الصيد، والملاحقة الإسرائيلية المتواصلة، واعتراض الزوارق الحربية الإسرائيلية لقوارب الصيد واستهدافها أو جرها إلى ميناء أسدود، إلى جانب اعتقال الصيادين، وإطلاق النار عليهم.
وكانت بيانات صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في فبراير/شباط الماضي، قد أظهرت استمرار معدلات البطالة في الارتفاع بشكلٍ كبير في قطاع غزة المحاصر إسرائيلياً للعام الثاني عشر على التوالي، مقارنة بذات المعدلات في الضفة الغربية المحتلة خلال عام 2018.
وأوضحت البيانات أن نسبة البطالة في القطاع بلغت خلال العام الماضي 52% مقابل 44% في العام السابق عليه، بينما بلغت في الضفة الغربية 18% مقارنة بنحو 19% في 2017.
وكان لافتاً انخفاض نسبة العاملين بأجر في القطاع الخاص، الذين يتقاضون أجراً شهرياً أقل من الحدّ الأدنى للأجر إلى 72 % العام الماضي مقابل 81% في العام السابق عليه، إذ يبلغ معدل الأجر الشهري في غزة 671 شيكلاً إسرائيلياً (184.8 دولارا).