في شهر فبراير 2018 وقف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عبر مقطع نشره على حسابه بـ"تويتر"، ليصف صفقة تصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر بالتاريخية، وأنها "يوم عيد لإسرائيل".
وقال نتنياهو، والبسمة على وجهه: "أرحب بالاتفاق التاريخي على تصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر، الذي سيدرّ المليارات على خزينة الدولة لإنفاقها على التعليم والصحة، ويحقق الربح لمواطني إسرائيل".
وفي 11 يوليو 2017، عاد نتنياهو ليغرد قائلاً إن صفقة تصدير الغاز الإسرائيلي لمصر، توفر الرفاهية للإسرائيليين من خلال مليارات الدولارات المتدفقة من مصر على خزانة إسرائيل.
بل أعلن نتنياهو، في حفل أقيم بمنزل السفير المصري لدى إسرائيل، خالد عزمي، مساء أمس الأربعاء بمناسبة العيد الوطني لمصر، بدء تدفق الغاز الإسرائيلي المنهوب إلى مصر، قائلاً: "في هذه اللحظة بالذات ننفذ مشروعاً تجريبياً حيث يتدفق الغاز الإسرائيلي إلى مصر".
ولم يكتف نتنياهو بذلك، بل أعلن أن وتيرة تدفق الغاز الإسرائيلي إلى مصر ستزداد بعد أربعة أشهر، وأن صفقة استيراد مصر الغاز الإسرائيلي ليست مجرد صفقة بين طرفين كما يظن البعض، وإنما مشروع يشمل العديد من الاتجاهات والدول في المنطقة.
بل قفز نتنياهو إلى أبعد من صفقة الغاز، ليكشف عن وجود خطة للتطبيع الاقتصادي مع كل دول المنطقة، إذ أعرب عن أمله تعميق التطبيع بين إسرائيل والدول العربية الأخرى، وتعزيز وجود الشركات الإسرائيلية في الأسواق العربية، قائلا: "السلام بين إسرائيل ومصر بمثابة حجر الزاوية للاستقرار الإقليمي".
إذاً، لا تتوقف دولة الاحتلال عن التفاخر بمزايا صفقة تصدير غازها المنهوب من مياه إقليمية عربية لمصر، وأنه يحقق الرفاهية والرخاء لمواطنيها، وخاصة أن هناك 15 مليار دولار ستتدفق من مصر على خزانة إسرائيل في صفقة واحدة، و10 مليارات أخرى من الأردن في صفقة أخرى، أي 25 مليار دولار في صفقتين فقط.
علماً بأن مسؤولين كباراً في شركات إنتاج غاز إسرائيلية أعلنوا في وقت سابق أن هناك صفقات أخرى في الطريق، سواء مع مصر أو الأردن أو السلطة الفلسطينية أو دول عربية أخرى.
وفي المقابل، لا تتوقف الحكومة المصرية عن التصريح من وقت لآخر بحدوث اكتفاء ذاتي من الغاز، بل بدء التصدير من أضخم حقل لإنتاج الغاز في منطقة شرق البحر المتوسط، وهو حقل ظهر الذي اكتشفته شركة إيني الإيطالية عام 2015.
ولا يزال المصريون يتساءلون عن سرّ إصرار حكومتهم على استيراد الغاز الطبيعي من دولة الاحتلال، رغم الاكتفاء الذاتي الذي تتحدث عنه وهو حقيقي، وعدم اسقاط إسرائيل غرامة التحكيم الدولي، والإصرار على قيام وزارة البترول المصرية على سداد نصف مليار دولار للخزانة الإسرائيلية مقابل التنازل عن دعاوي مقامة بسبب وقف تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل منذ العام 2012.
ولا يزال المصريون يتساءلون عن سرّ تصريحات مسؤولين كبار بأن جزءاً من غاز إسرائيل سيوجه لتغطية احتياجات المنازل المصرية، وأن الأمر لن يقتصر فقط على إسالة الغاز الإسرائيلي المستورد وإعادة تصديره خاصة لأوروبا.
والأهم من ذلك عن سرّ تمويل ملايين المصريين المطحونين خزانة إسرائيل، عبر تدبير 15 مليار دولار هي قيمة الصفقة التي يعلم الجميع أنها تتم لصالح الحكومة المصرية، وليس لصالح شركة خاصة لا يتجاوز رأسمالها بضعة ملايين من الدولارات.
بدء تدفق الغاز الإسرائيلي المنهوب إلى مصر هو يوم حزين بمعني الكلمة لكل المصريين، وشعور أي مصري بالمرارة لا يوصف وهو يرى أن غاز إسرائيل قد اقترب من بيته ومطعمه ومخبزه.
وكما وقف مذيع إسرائيلي على قبر الدكتور محمد مرسي قبل أيام ليزف لمواطنيه خبر وفاته وليؤكد لهم أن الرجل الذي قال "لنا نترك غزة وحدها" قد مات، فقد زف إلينا نتنياهو خبر بدء ضخ الغاز الإسرائيلي إلى مصر خلال مشاركته في احتفال السفارة المصرية في تل أبيب بالعيد الوطني المصري المقرر يوم 23 يوليو من كل عام.