أظهرت بيانات رسمية أن حجم القروض التي حصلت عليها مصر منذ وصول الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي إلى الحكم في يونيو/ حزيران 2014 تجاوز ضعف الديون التراكمية لمصر منذ نحو 50 عاماً، وسط مؤشرات على تفاقمها خلال الفترة المقبلة في ظل الهرولة نحو الاستدانة، على الرغم من التحذيرات المتصاعدة من مغبة إغراق البلاد في ديون تعصف بالعديد من الأجيال.
ووفق بيانات وزارة المالية، التي فندتها "العربي الجديد"، فإن إجمالي الدين العام المحلي والخارجي تجاوز 4 تريليونات جنيه (226 مليار دولار) نهاية العام المالي الماضي فقط 2016 /2017، كان نصيب السنوات الثلاث للسيسي منها 2.3 تريليون جنيه (129.9 مليار دولار)، حيث تسلم الحكم وكانت ديون مصر تبلغ 1.7 تريليون جنيه.
ومن المتوقع وصول الدين العام إلى 4.8 تريليونات جنيه وفق البيانات الخاصة بإصدار أدوات الدين المحلية والخارجية للعام المالي الجاري، الذي ينقضي في نهاية يونيو/ حزيران، وهو الشهر الأخير في الفترة الرئاسية الأولى للسيسي الذي ترشح لفترة ثانية.
وبلغت الديون الخارجية فقط من إجمالي الدين العام نحو 81 مليار دولار، وفق تصريحات وزير المالية عمرو الجارحي في يناير/ كانون الثاني 2018.
وفي إطار التسلسل الزمني لتاريخ مصر في الديون الخارجية، فقد بدأت البلاد في الاستدانة منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي ترك ديوناً بقيمة 1.7 مليار دولار، تزايدت في عهد الرئيس الراحل أنور السادات إلى 21 مليار دولار، قبل أن تقفز في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك إلى 34.9 مليار دولار، بخلاف ديون داخلية بقيمة 962.2 مليار جنيه.
وخلال فترة حكم المجلس العسكري منذ فبراير/ شباط 2011، حتى منتصف 2012، انخفض الدين الخارجي بنحو 200 مليون دولار، مسجلاً 34.7 مليار دولار، لكن الدين الداخلي زاد إلى 1.23 مليار جنيه، قبل أن تزيد في عهد الرئيس محمد مرسي حتى 30 يونيو/ حزيران 2013 إلى 1.55 تريليون جنيه كديون داخلية ونحو 43.2 مليار دولار خارجية، بينما واصلت الصعود في عهد الرئيس المؤقت عدلي منصور، إلى 1.7 تريليون جنيه داخلياً و46 مليار دولار خارجياً.
لكن الديون المحلية والخارجية منذ وصول السيسي قفزت إلى مستويات وصفها محللون بالجنونية، وغير المسبوقة منذ عقود طويلة، في حين ببرر الرئيس الحالي السيسي زيادة الديون في كلمة له خلال مؤتمر "حكاية وطن" نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، بدفع رواتب الموظفين التي زادت بعد ثورة يناير/ كانون الثاني 2011.
وبينما وصلت الزيادة في ديون مصر خلال عهد السيسي إلى 2.3 تريليون جنيه، تشير بيانات وزارة المالية إلى أن الزيادة التراكمية في قيمة أجور موظفي الدولة بلغت منذ الثورة نحو 144 مليار جنيه، ما يعادل 6.2% من إجمالي الديون التي حصل عليها السيسي.
وبلغت مخصصات الأجور في موازنة العام المالي 2010 /2011 نحو 96 مليار جنيه، لتصل في العام المالي الحالي إلى 240 مليار جنيه.
وجاءت عمليات الاقتراض غير المسبوقة، على الرغم من حصول مصر على مساعدات خليجية، قدرها السيسي في مايو/ أيار 2014، بنحو 20 مليار دولار (354 مليار جنيه وفق سعر الصرف حالياً).
وقال وائل النحاس، الخبير الاقتصادي لـ"العربي الجديد": "وضع الديون في مصر كارثي، هذا يقود للمصير الأسود الذي تابعناه في اليونان وعدد من الدول الأخرى".
كذلك توقع فرج عبد الفتاح، أستاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة، أن يؤدي التوسع في الاقتراض إلى حرمان الأجيال المقبلة من أي مكتسبات للاقتصاد، لأن سداد الديون سيستنزفها.