فاقمت تداعيات فيروس كورونا الجديد معاناة عمال الجزائر الذين يواجهون صعوبات معيشية منذ عدة سنوات في ظل الغلاء، بينما لا تقوى الأجور الزهيدة على مواجهة الضغوط.
أكثر من مليون ونصف المليون عامل يتقاضون أجوراً لا يتعدى متوسطها 30 ألف دينار شهريا (290 دولارا)، وفق البيانات الرسمية، التي تشير إلى أن نحو ثلثهم لا يتمتعون بعقود عمل نهائية، بينما جاءت جائحة كورونا لتدفع عشرات آلاف العمال نحو البطالة.
عمر كداري، واحد من العمال الذين اضطرهم الفيروس واسع الانتشار إلى البقاء من دون عمل قسرا، بعدما توقفت شركة المقاولات التي يعمل فيها.
يقول كداري لـ"العربي الجديد" إنه توقف عن العمل منذ 22 مارس/آذار الماضي، بسبب تجميد مشاريع البناء بقرار حكومي، مضيفا أن آخر أجر تقاضاه كان في ذلك الشهر بينما لم يحصل بعده على دينار واحد.
ويضيف أنه "يتصل دوريا بالشركة، وفي كل مرة يبلغه مالكها أن العمل لا يزال متوقفاً"، ولا يدري كداري كيف سيدبر قوت يومه بينما فرص العمل أضحت منعدمة في البلاد.
ومطلع الأسبوع الماضي، أصدرت الحكومة قرارا يسمح بالحد من الآثار الاقتصادية والاجتماعية لأزمة فيروس كورونا، يتضمن استئناف العمل في بعض النشاطات، منها المحلات التجارية، لكن سرعان ما تراجعت عن هذا القرار وباشرت، اليوم الأحد، بإغلاق المحلات في مختلف الولايات، مبررة ذلك بعدم احترام أصحابها إجراءات الوقاية المطلوبة.
يقول خالد بن زرقة، عامل في مصنع لتجميع السيارات، إنه "دخل في بطالة تقنية منذ شهرين، المصنع متوقف لسببين، الأول تجميد استيراد الهياكل والثاني بسبب كورونا، حيث اتخذت منهما إدارة المصنع حجة لتسريحنا في عطل استثنائية تمهيدا للاستغناء عن الكثير من العمال".
وحل عيد العمل هذا العام في الأول من مايو/أيار بلا حلم سوى استمرار البقاء في العمل، بينما كانت الآمال ترنو إلى تحسين الأجور في مواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة.
يقول رياض خوني، الذي يعمل في مؤسسة حراسة خاصة في العاصمة الجزائر، إن راتبه قبل كورونا لم يكن ليصمد أكثر من 3 أسابيع على أقصى تقدير، بينما يلجأ للاقتراض لإكمال باقي أيام الشهر، لافتا إلى أن راتبه لا يتعدى 21 ألف دينار (190 دولارا).
وعادت المخاوف من ارتفاع الأسعار لتتقدم المشهد الاقتصادي، بعد إعلان بنك الجزائر المركزي تعويم الدينار بشكل موجه، ما ينذر بمزيد من الغلاء في ظل تداعيات كورونا.
وخسرت العملة الجزائرية أكثر من 4 دنانير أمام الدولار منذ تفشي الوباء، حيث بلغ سعر الصرف 127.02 دينارا للدولار الواحد، كما ربح اليورو هو الآخر من الدينار، بعدما قفز سعره من 135 إلى 137 ديناراً.
وفي بداية أزمة انهيار أسعار النفط منتصف عام 2014، كان سعر صرف العملة المحلية يساوي 83 دينارا لكل دولار، لكنه هوى تدريجيا منذ ذلك الحين، فيما قدمت الحكومات المتعاقبة تبريرات بأن تعويم العملة كان جزئيا فقط، والهدف منه امتصاص ارتدادات الصدمة النفطية التي أضرت باقتصاد البلاد.
ويقول رئيس الاتحاد الجزائري لعمال التربية والتكوين، صادق دزيري، إن على الحكومة تحمل مسؤولية الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة فئة العمال محدودي الدخل، في ظل التداعيات الحالية.
وأضاف أن " قضية رفع الأجور يجب أن تفتح عاجلا، فالدينار فقد قرابة 50% من قيمته في 5 سنوات، فيما بقيت الأجور ثابتة، وهذا غير منطقي، غلاء المعيشة بات يكوي جيوب عمال الجزائر، ولا يمكن أن تتواصل الظروف كما هي عليه الآن".