ضربت الحكومة الأردنية عرض الحائط بكل أشكال المعارضة السياسية والشعبية والبرلمانية الداخلية لصفقة استيراد الغاز الطبيعي من دولة الاحتلال، وأصرت على إتمام الصفقة رغم مخاطرها على الأمن القومي والاقتصادي للبلاد، وتحدت الجميع حيث أعلنت أمس على لسان مسؤول رفيع المستوى أن استيراد الغاز من الاحتلال بات أمراً واقعاً بعد اكتمال الإجراءات اللازمة لنقله إلى المملكة.
وذهب وزير الطاقة في حكومة الاحتلال، يوفال شطاينتس، إلى أبعد من تصريحات المسؤول الأردني حينما حدد "نقطة صفر" تدفق الغاز المنهوب إلى أرضي المملكة، إذ قال، أمس، إن الغاز الإسرائيلي بدأ يتدفق بالفعل على الأردن بعد أن تم بدء تشغيل حقل ليفياثان في البحر المتوسط، وهو ما يعني تحويل الصفقة إلى أمر واقع.
حكومة الأردن لم تأبه بالرفض الشعبي الواسع لاتفاقية استيراد غاز الاحتلال والذي قادته أحزاب ونقابات وفعاليات شعبية منها الحملة الوطنية لإسقاط اتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني (غاز العدو احتلال).
يحدث هذا التجاهل الرسمي رغم أن حكومة الأردن تدرك جيداً أن الغاز المستورد هو غاز منهوب من المياه الإقليمية سرقه الاحتلال في ظل وضع عربي متردٍ وانقسام فلسطيني حاد.
وتدرك ثانيا أنها بتنفيذ الصفقة المشؤومة تجبر الشارع الأردني على التطبيع الاقتصادي مع كيان مغتصب للأراضي العربية، إذ إن هذا الغاز سيوجه لتغطية السوق المحلي واحتياجات المنازل والمصانع والشركات وفي مقدمتها شركة الكهرباء الوطنية المملوكة بالكامل للدولة.
وتدرك ثالثاً أن استيراد هذا الغاز قد يجلب عليها مخاطر أمنية ظهرت بوادرها قبل ثلاثة أيام حينما تم إحراق محولي كهرباء في الأردن يغذيان محطة الغاز القادم من الاحتلال.
وتدرك رابعاً خطورة ربط الأمن الاقتصادي والطاقي الأردني بأمن الطاقة في دولة الاحتلال وإمكانية استغلال الحكومة الإسرائيلية ملف الغاز للضغط على صانع القرار الأردني خاصة في الملف الفلسطيني وقضية القدس، بل وتهديد قطاعات الإنتاج في المملكة إذا ما نشب أي خلاف سياسي في المستقبل.
ورغم هذه الاعتبارات وغيرها إلا أن حكومة الأردن تصر على ربط أمنها القومي الاقتصادي بمصالح الاحتلال الاقتصادية لأسباب غير مفهومة للكثير، وهنا لا تختلف كثيرا عما تفعله الحكومة المصرية.