أطلق مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي إجراءات واسعة النطاق قيمتها 2.3 تريليون دولار اليوم الخميس، لدعم الحكومات المحلية والشركات الصغيرة والمتوسطة، في أحدث خطواته لتحصين اقتصاد الولايات المتحدة في خضم أزمة جائحة فيروس كورونا.
وقال البنك المركزي إنه سيعمل من خلال البنوك لتقديم قروض مدتها 4 سنوات للشركات التي يصل عدد موظفيها إلى 10 آلاف شخص وشراء سندات الولايات والمقاطعات والمدن ذات الكثافات السكنية المرتفعة بشكل مباشر من أجل مساعدتها في مواجهة الأزمة الصحية.
وفيما قد تصبح الخطوة الأكثر فرادة خلال الأزمة الراهنة، قال جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي إن دور البنك المركزي اتسع متجاوزا تركيزه المعتاد على صيانة "السيولة" بالأسواق وضمان قدرتها على مواصلة العمل، ليشمل إتاجة متنفس اقتصادي ومالي تحتاجه الولايات المتحدة لإصلاح وضع صحي طارئ.
وقال باول في بيان صدر اليوم "الأولوية القصوى لبلدنا يجب أن تكون معالجة هذه الأزمة الصحية العامة وتوفير الرعاية للمرضى والحد من انتشار الفيروس... دور مجلس الاحتياطي توفير أكبر قدر من الإغاثة والاستقرار خلال هذه الفترة من النشاط الاقتصادي المضغوط، وإجراءاتنا اليوم ستساعد على ضمان أن يكون التعافي اللاحق بأقوى ما يمكن".
يضخ البرنامج الجديد ما يصل إلى 500 مليار دولار للحكومات المحلية، التي تقف على الخطوط الأمامية للمواجهة مع المرض بينما قد تشهد انهيارا في حصيلة الضرائب مع ارتفاع البطالة وتوقف الشركات بموجب قواعد المباعدة الاجتماعية الهادف لكبح انتشار الفيروس.
وقفزت الأسهم عند الفتح اليوم الخميس، بعد أن أطلق "المركزي" برنامجه، في حين تراجعت طلبات إعانة البطالة إلى 6.6 ملايين الأسبوع الماضي من 6.87 ملايين معدلة بالزيادة الأسبوع السابق.
وارتفع المؤشر داو جونز الصناعي 1.1% إلى 23690.66 نقطة، وزاد المؤشر ستاندرد أند بورز 500 بنسبة 0.98% مسجلا 2776.99 نقطة، وتقدم المؤشر ناسداك 0.97% إلى 8169.01 نقاط، وفقا لرويترز.
الملايين إلى دائرة البطالة
ويأتي إطلاق البرنامج فيما ارتفع عدد الأميركيين العاطلين عن العمل مجدداً للأسبوع الثالث ليبلغ مستويات لم تشهد لها البلاد مثيلاً من قبل، مع تسجيل 6.6 ملايين طلب للحصول على إعانة البطالة في الأسبوع الفائت.
وتخطى هذا الرقم بأشواط توقعات المحللين الذين كانوا يعوّلون على 5 ملايين طلب للأسبوع من 29 مارس/آذار إلى 4 إبريل/نيسان. وهو يمثل انخفاضاَ طفيفاً عن الأسبوع الذي سبقه والذي لا يزال يمثل الرقم القياسي التاريخي عندما سجل 6.8 ملايين شخص أسماءهم للبحث عن عمل جديد، وفقًا لرقم عدلته صعوداً وزارة العمل.
وفي 3 أسابيع، ملأ 16.7 مليون شخص طلب إعانة لأول مرة، وهذا رقم لم يسبق له مثيل. وتضطر الشركات الأميركية في الواقع لتسريح العاملين لديها بسبب الانخفاض المفاجئ في النشاط الاقتصادي المرتبط بتدابير العزل التي تهدف لاحتواء جائحة كوفيد-19.
ومن ثم أضيف إلى أولئك الذين فقدوا وظائفهم الأشخاص المصابون بفيروس كورونا المستجد والأفراد الخاضعون للحجر الصحي أو يعانون من بطالة مؤقتة وكذلك أصحاب المهن الحرة. إذ يمكن لهم جميعاً خلال فترة الأزمة هذه، أن يطالبوا بإعانة البطالة وهو وضع نشأ بعد تفشي الوباء، تبعا لما أوردت فرانس برس.
وسُنت تدابير المساعدة الاجتماعية هذه لتصبح قانوناً كجزء من الخطة الفيدرالية الضخمة لدعم الاقتصاد وكان من تأثيرها أن تضخمت الأرقام. وتحاول إدارة ترامب بكل الوسائل الحفاظ على الوظائف وضمان استعداد الشركات لاستئناف العمل بمجرد رفع تدابير العزل التي فرضت على معظم سكان البلاد.
وإجراءات البنك المركزي الأميركي الخميس، والبالغة 2.3 تريليون دولار، بما في ذلك 600 مليار مباشرة للشركات المتوسطة الحجم، تُضاف إلى 350 مليار دولار تم توزيعها منذ الجمعة على الشركات التي توظف 500 موظف أو أقل لتجنب فصلهم أو لتشجيعها على إعادة التوظيف دون انتظار تشغيل عجلة الاقتصاد.
ويجري التفاوض على شريحة ثانية من 250 مليار دولار بين الكونغرس وإدارة ترامب ويمكن إقرارها هذا الأسبوع.
تداعيات أقصر أمدا من أزمة 2008
وفي الوقت الحالي، تتشكل صفوف انتظار طويلة أمام وكالات التوظيف في البلاد، كما يلاحظ مراسل فرانس برس، حيث في ميامي بولاية فلوريدا، اضطر مئات الأشخاص للانتظار ساعات ليتمكنوا من ملء ملف بخط اليد بعد توقف الموقع الإلكتروني المخصص بسبب العدد الهائل للطلبات.
وقالت ساره سانتوس (42 عاما) التي وصلت عند الساعة السابعة صباحا وكانت ما تزال تنتظر ظهرا "لا أعمل منذ شهرين والمتجر الذي كنت أعمل فيه أغلق أبوابه".
من جهته، قال غابريال رودريغيز (55 عاما) الذي كان ينتظر منذ خمس ساعات "إني أختنق. يجب أن أسدد قسط السيارة وفاتورة التلفون. كيف سأدفع كل ذلك؟ هذا دون ذكر الإيجار".
ومع ذلك، رأى أعضاء في اللجنة النقدية للاحتياطي الفدرالي (المصرف المركزي) في آخر اجتماع لهم نشر محضره الأربعاء أن الآثار السلبية للأزمة الراهنة قد تكون أقصر أمدا من تبعات الأزمة المالية الكبرى في 2008. وقالوا إن "الوضع الحالي لا يقارن بشكل مباشر مع الأزمة المالية التي حدثت خلال العقد الماضي".
لكن الاقتصاديين يبدون متشائمين إذ يرون أن ارتفاع معدل البطالة إلى 4.4% في مارس/آذار قد لا يكون سوى مقدمة لما ينتظر البلاد اعتبارا من إبريل/ نيسان.