وقال وزني، اليوم الأربعاء، خلال كلمة له في "اللقاء الوطني المالي" الذي عُقد في قصر بعبدا ودعا إليه الرئيس ميشال عون رؤساء الكتل النيابية، لعرض خطة التعافي المالي: إن "الحكومة أقرت خطة التعافي المالية الشاملة لمدى خمس سنوات (2020-2025) في جلستها في 30 إبريل الماضي لمواجهة أزمات متعددة اقتصادية ومالية ونقدية واجتماعية غير مسبوقة".
وأشار إلى أن الاقتصاد اللبناني يعاني انكماشاً يقارب 13%، ومعدل التضخم وصل إلى أكثر من 50%، فضلاً عن تدهور سعر صرف الليرة، والشلل التام في القطاع المصرفي، وتزايد معدلات الفقر ليتجاوز 45% من المواطنين وفي البطالة ليفوق 35%، والعجز المرتفع في المالية العامة والدين المرتفع.
ولفت الى أنّ الخطة تعتبر مخرجاً للأزمة، واصفاً إياها بالإصلاحية، والشفافة، وذات المصداقية، ومشيراً إلى قيامها على تسع ركائز تشمل سياسة سعر الصرف والسياسة النقدية، حيث تعتمد الخطة سياسة سعر الصرف المرن في المرحلة المقبلة بشكل متدرج ومدروس.
أما في المالية العامة، فيقول وزني إن الخطة "تخفض العجز في الموازنة العامة من 11.3% من الناتج المحلي عام 2019 الى 5.3% عام 2020، ثمّ الى 0.7% عام 2024 من خلال خفض النفقات العامة"، وتقدّر الاحتياجات التمويلية الخارجية وفقاً لوزني في فترة 2020-2024 بنحو 28 مليار دولار لتمويل العجز في الميزان التجاري والخدماتي.
وشدد على أن الخطة تحاول توفير الدعم من مصادر خارجية متعددة، منها صندوق النقد الدولي (10 مليارات دولار)، ومؤتمر سيدر (11 مليار دولار)، ومن موارد أخرى، مثل قروض وهبات ثنائية مع الدول والصناديق والمؤسسات المانحة، وتتضمن الخطة إنشاء الشركة الوطنية لإدارة الأصول العامة.
وعن إعادة هيكلة الدين العام، قال إنه بلغ نحو 90.2 مليار دولار في عام 2019 موزعة بنسبة 63% للدين بالليرة، و37% للدين بالعملات الاجنبية. وتهدف الخطة إلى خفض الدين العام للناتج المحلي من 175% عام 2019 إلى 99% عام 2024، من خلال إعادة هيكلة الدين العام المحرر بالليرة اللبنانية وبالعملات الاجنبية.
وتقدَّر الخسائر المتراكمة في ميزانية مصرف لبنان بنحو 63.6 مليار دولار ناتجة من كلفة التثبيت النقدي، وعمليات الهندسات المالية، وتغطية عجز ميزان المدفوعات والعجز المالي، ولا سيما الكهرباء والديون المتراكمة للدولة.
وأضاف وزني أن الخسائر المتراكمة للمصارف التجارية تقدَّر بنحو 83.2 مليار دولار ناتجة من خسائر مصرف لبنان، وهي نحو 53.9 مليار دولار، وتعثر القروض للقطاع الخاص 12.3 مليار دولار، وتخلّف الدولة عن سداد ديونها بقيمة 17.3 مليار دولار.
ولفت وزير المال إلى أن الحكومة تعمل على الحفاظ على أموال المودعين واستيعاب الخسائر من خلال استعمال رؤوس أموال المصارف وتقييم أصولها العقارية المدرجة في ميزانيتها وتقييم أصولها الخارجية، وطمأن وزني إلى أنّ ودائع صغار المودعين ستبقى في المصرف.
دعم دولي
وطالب لبنان المجتمع الدولي والصناديق والمؤسسات الدولية المالية بالوقوف إلى جانبه في تحمّل أزماته المتراكمة التي تعاني منها البلاد، وذلك خلال تلاوة البيان الختامي للقاء الوطني المالي الذي عقد، اليوم الأربعاء، في قصر بعبدا بدعوة من الرئيس ميشال عون وبمشاركة عددٍ من رؤساء الكتل النيابية.
ورحب المجتمعون بالخطة الاقتصادية، واعتبروا أنّها بمثابة إطار عام يتكوّن من محاور عدّة ترتكز على إعادة هيكلة الدين العام وإعادة هيكلة القطاع المصرفي وإصلاح المالية العامة، توازيها خطة لتحفيز ونموّ القطاعات الإنتاجية الاقتصادية وخطة لشبكة الأمان الاجتماعي.
وأكد المجتمعون، بغية استعادة الثقة على المستويات كافة، أنه يجب وضع برنامج عمل لهذه الخطة، يتضمن إصدار نصوص تشريعية وتنظيمية وقرارات تنفيذية وآليات لمعالجة ثغرات متراكمة وإقرار إصلاحات بنيوية وهيكلية، ووضع خطة لمعالجة غلاء المعيشة وضبط ارتفاع الأسعار.
خطة إنقاذ مصرفية
من جانبه، قال رئيس جمعية مصارف لبنان سليم صفير، إن البنوك في لبنان تعكف على صياغة خطة إنقاذ مالي وطنية تحفظ لها بعض رأس المال بدلاً من شطبه بالكامل كما هو منصوص عليه في البرنامج الحكومي المطروح.
وأكد صفير، لوكالة "رويترز"، أن "الخطة الحكومية تتجاهل القطاع المصرفي تماماً"، مضيفاً أن البنوك تريد مناقشة اقتراحاتها مع خبراء الحكومة "لإعادة تكوين الثقة من أجل إنشاء لبنان جديد". وذكر أن اقتراحات المصرفيين ستُعلن في غضون أسبوع أو عشرة أيام.
وتابع: إننا "نتحدث عن وضع خطة جديدة مع الحكومة، على أن تحافظ هذه الخطة الجديدة بكل الوسائل على الحد الأدنى من رأس المال (في البنوك) الضروري لبدء دورة اقتصادية جديدة".
وقال إن "الاقتصاد في سائر أنحاء العالم في وضع سيئ للغاية، وهو ما من شأنه أن يجعل جلب مساهمين جدد للاستثمار في النظام المصرفي اللبناني اليوم أو غداً أمراً شديد الصعوبة، ويتعين أن نعتمد على ما لدينا".
وأعلنت جمعية مصارف لبنان، الجمعة الماضي، رفضها التام لخطة الإنقاذ الاقتصادي الحكومية، واصفة إياها بـ"الانفرادية".
وأشارت إلى أن "عملية إعادة الهيكلة المحلية، كما وردت في الخطة، من شأنها الإمعان في تقويض الثقة بلبنان محلياً ودولياً، في الوقت نفسه، ذكرت الخطة المقومات الأساسية لاستعادة وتعزيز ثقة المستثمرين، مثل إعداد استراتيجية فعالة لمكافحة الفساد، ولكن لم يتم تفصيلها، ما يثير تساؤلات عن توقيت التنفيذ".
وأكدت الجمعية أن "الخطة غير مموّلة، فهي تفترض الدعم المالي الدولي، ولا سيما من صندوق النقد الدولي و/ أو مؤتمر سيدر (مؤتمر دولي لدعم لبنان)"، وأردفت: "تبقى الإجراءات المتعلقة بالإيرادات والنفقات - الضرورية لنيل دعم صندوق النقد الدولي - غامضة وغير مدعّمة بجدول زمني دقيق للتنفيذ".