كشفت مصادر يمنية عدة، عن مخطط لجماعة الحوثيين لبيع عقارات مسؤولي الحكومة الشرعية والقادة العسكريين ورجال الأعمال المؤيدين لها، في العاصمة اليمنية صنعاء وفي مناطق أخرى خاضعة لسيطرتهم.
وقال مصدر مسؤول في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن الحوثيين أعدوا قوائم بعقارات جميع مسؤولي الحكومة المتواجدين حالياً في العاصمة السعودية الرياض وبعض الدول الأخرى، وكذلك رجال الأعمال والقادة العسكريين المؤيدين لها، بغرض بيع عقاراتهم من خلال وسطاء.
وأشار المصدر إلى أن العقارات تشمل الأراضي والمنازل الفاخرة، موضحاً أن الحوثيين شرعوا في إعداد القوائم منذ مطلع العام الحالي 2018 بشكل سري، وينفذون المخطط بواسطة سماسرة ووسطاء (رجال أعمال وأصحاب رؤوس أموال كبيرة في البلاد لديهم شركات وبنوك تجارية) بعضهم متواجدون في الداخل اليمني حيث تمنحهم الجماعة الضوء الأخضر للتواصل مع ملاك العقارات من مسؤولي الحكومة.
ولفت المصدر إلى أن هذه العقارات قد تم وضع اليد عليها أو جرى تأميمها منذ اجتياح الحوثيين لصنعاء، حيث يقوم السمسار بالتواصل مع صاحب العقار ويقترح عليه شرائه، على أن يتولى مهمة التفاهم مع الحوثيين، مضيفاً أن السمسار يبلغ صاحب العقار بأن جماعة الحوثي سيفسدون العقار إذ لم يسرع في بيعه والتنازل عنه كابتزاز علني.
وقال أحد كبار رجال الأعمال اليمنيين وهو مسؤول في الحكومة الشرعية أيضاً يتعذر ذكر اسمه، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن أحد السماسرة من التجار تواصل معه فعلياً قبل أيام، وطرح عليه بيع عقاره في صنعاء، ووجد نفسه مضطراً لقبول نحو ثلثي القيمة العادلة للعقار.
وأوضح أن السعر الطبيعي لعقاره يبلغ نحو ثلاثة مليارات ريال يمني (6.2 ملايين دولار) بسعر الصرف الحالي 484 ريالاً للدولار الواحد، لكنه باعه بنحو ملياري ريال (4.1 ملايين دولار)، وهي عبارة عن فيلا جاهزة ضمن مساحة واسعة.
وبحثاً عن الأسباب التي تجعل المسؤولين اليمنيين يتنازلون عن عقاراتهم ويبيعونها بأقل من أسعارها، تواصلنا مع أحد المشايخ الذين كانت لديهم قطعة أرض في شارع حدة، أحد أشهر أحياء العاصمة صنعاء، تُقدَّر قيمتها بنحو 700 مليون ريال (1.4 مليون دولار).
وقال في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه حاول عدم بيعها ولكنه تفاجأ بعد أيام بأن الحوثيين قاموا بتحويلها إلى مقبرة لقتلاهم ولم يعد يعرف ما الذي يفعله، وهو الأمر الذي حدث أيضاً مع رجال أعمال آخرين في محافظة ذمار وسط البلاد، حيث تم إفساد عقاراتهم وتحويلها إلى مخازن أسلحة ومعسكرات تدريب للجماعة، بحسب ما تحدثت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد"، مشيرة إلى أنه من خلال هذه الطريقة يصبح العقار معرضاً لقصف طيران قوات التحالف الذي تقوده السعودية بأية لحظة إن لم يتم التنازل عنه وبيعه.
أحد الوسطاء الذين يقومون بالاستثمار في هذه العقارات تحدث لـ"العربي الجديد" عن الفائدة الحقيقة التي يكسبها الحوثيون من وراء هذا المخطط.
وقال إنه في حال إبقائهم على العقارات في مكانها لن يكسبوا شيئاً خصوصاً وأنها ستكون ما تزال أوراقها تحت تصرف الملّاك ولا يستطيعون بيعها، بينما عندما يسمحون ببيعها عن طريق الآخرين يحصلون على مبالغ مالية كبيرة من التجار والوسطاء، فتكون مصلحة الحوثيين بهذا الإجراء هي حصولهم على نسبة مضمونة من سعر العقار والتي تصل في الغالب إلى 500 ألف دولار من صفقة بيع العقارات الكبيرة التابعة لرجال أعمال وسياسيين انتقلوا للخارج.
وقال الوسيط الذي لديه خطوط تواصل مع مسؤولين في الحكومة والحوثيين، إن إجمالي قيمة الأملاك التي تم بيعها رسمياً حتى الآن تقدر بحوالى 50 مليار ريال (103.3 ملايين دولار)، فيما تقدر النسبة الإجمالية للحوثيين والذين استفادوها من بيع العقارات بهذه الطريقة حتى الآن أكثر من 5 مليارات ريال (10.3 ملايين دولار).
وأضاف أن إجمالي ما قام الحوثيون بإفساده وتحويله إلى مقابر ومساجد ومقرات عسكرية في العاصمة صنعاء ومحافظة ذمار يُقدر بنحو 1.5 مليار ريال (3 ملايين دولار).
كما قال الوسيط إن الحوثيين يخططون حالياً لبيع 25 فيلا جاهزة وعقارات أخرى في صنعاء تقدر قيمة البعض منها بنحو مليار ريال ويقومون بإعداد قوائم إضافية بعقارات ومنازل القادة العسكريين التابعين للشرعية من الصف الثاني والثالث وأيضاً عقارات مقاولي المناقصات، الذين كانوا يعملون مع الدولة في مجال الكهرباء والاتصالات والنفط من أجل احتجازها وتأميمها ثم بيعها كذلك بنفس الطريقة.
من جانبه، قال محمد الزوبة الخبير الاقتصادي، إن هناك نوعين من اقتسام هذه الأموال التي يتحصل عليها الحوثيون من خلال طريقة بيع العقارات، النوع الأول خاص ومباشر للفوائد المالية للأشخاص، الذين يتبعون جماعة الحوثي وفي مقدمتهم المشرفين والقيادات النافذة، وهذه ظاهرة واضحة معروفة داخل المجتمع اليمني من خلال الطفرة في اغتناء فئة محددة مرتبطة بالمشروع الحوثي لم يكن لها وجود في السابق.
وأوضح الزوبة أن النوع الآخر يتمثل في توظيف معظم الأموال في المجهود الحربي، فهذه الأموال تشكل العصب الرئيسي لبقاء الحوثيين.
وتتزايد مؤشرات الفقر والبطالة في اليمن يوماً تلو الآخر، بينما يعد الملايين ممن يعانون من أزمات إنسانية حادة، خارج حسابات المتناحرين. ويعيش حوالى نصف السكان البالغ عددهم 26.8 مليون نسمة في مناطق متأثرة مباشرة بالنزاع، الذي أدى إلى انهيار المؤسسات الاقتصادية، وصعود قياسي في أسعار المواد الغذائية والوقود.
وقال عبد الباسط الشاجع، مدير مركز العاصمة الإعلامي، إن عدد منازل مسؤولي الحكومة والقيادات الحزبية، التي سيطر عليها الحوثيون منذ اجتياح صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول 2014، تجاوز 130 فيلا ومنزلاً متوزعة على عدة مناطق وأحياء في العاصمة، أبرزها حدة والمطار وحي النهضة في الستين الشمالي.
وأضاف الشاجع في حديث لـ"العربي الجديد" أن الجماعة استحوذت على معظم منازل قيادات حزب الإصلاح، وقامت بتسليم منزل أمين عام الحزب عبد الوهاب الأنسي في صنعاء لأحد قيادات الجماعة، تعويضاً له عن منزله الذي دمره طيران التحالف. وتابع أنه بجانب بيع مئات المنازل والممتلكات، تم تحويل البعض إلى مقار ومراكز تابعة للحوثيين.