التونسيون قلقون على أجورهم بسبب ضغوط صندوق النقد

24 مارس 2017
التونسيون غاضبون من تأزم الأوضاع المعيشية (فرانس برس)
+ الخط -
يثير تأخر صرف صندوق النقد الدولي شريحة القرض الثانية التي كان يفترض أن تتسلمها تونس، منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، المخاوف من إمكانية عجز الحكومة عن سداد رواتب موظفي الدولة، في الأشهر القادمة، بسبب اختلال الموازنة وقلة الموارد.
وبالرغم من التطمينات الحكومية في هذا الشأن، إلا أن هاجس عدم توفير الأجور لا يفارق عموم التونسيين، في ظل غموض بشأن مواعيد صرف أقساط قرض الصندوق الثانية والثالثة، التي تناهز قيمتها 700 مليون دولار.
ولم يخف رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، في خطابه، الخميس الماضي، أمام البرلمان، صعوبات المالية العمومية، مشيرا إلى اعتزام الحكومة تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية بالسرعة القصوى، لضمان مواصلة التعاون مع دوائر القرار المالي العالمي التي تعهدت بمساعدة تونس في تنفيذ هذه الإصلاحات.
وقال الشاهد: "الإصلاحات لا تعني الارتهان إلى صندوق النقد الدولي أو غيره"، بقدر ما هي ضرورة يفرضها الواقع الاقتصادي والاجتماعي الجديد للبلاد.
ووفق مصدر مطّلع لـ "العربي الجديد"، فضّل عدم ذكر اسمه، لم تتلق الحكومة، حتى الآن، أي تأكيدات بشأن عودة وفد صندوق النقد الدولي إلى تونس لاستكمال المفاوضات، مؤكدا أن الوفد الذي كان يفترض أن يزور تونس، نهاية مارس/آذار الحالي، سيؤجل الزيارة إلى نهاية أبريل/نيسان المقبل، وفق تأكيده.
وأضاف ذات المصدر أن المخاوف بشأن الأجور لا مبرر لها، مشيرا إلى أن الحكومة قادرة على التصرف من موارد الدولة الخاصة المتأتية من الجباية وموارد الفوسفات وغيرها، غير أنها مطالبة بإيجاد حلول عملية لخفض الأجور، لضمان استمرارية التعاون مع صندوق النقد الدولي الذي يضع هذه النقطة شرطا أساسيا في الإصلاحات الاقتصادية، حسب تأكيده.
ومنذ انطلاق المفاوضات بشأن البرنامج الائتماني الثاني مع صندوق النقد الدولي، كان خطاب المسؤولين واضحا بشأن توجهات البرنامج الذي يفترض أن يخصص الجزء الأكبر منه إلى نفقات التنمية والاستثمار، بعد أن أنفقت الحكومات السابقة جل القروض والمساعدات التي حصلت عليها البلاد، طيلة 6 سنوات، في سداد الأجور والنفقات الاجتماعية تحت ضغط المطالب الاجتماعية والنقابية.
ويرى الخبير الاقتصادي رضا شكندالي، في حديثه لـ "العربي الجديد"، أن المخاوف بشأن عدم توفير رواتب الموظفين بسبب تأخر قرض صندوق النقد الدولي يمكن أن يكون نوعا من "المقايضة" من قبيل الأجور مقابل الإصلاحات، حتى يسهل على الحكومة تمرير الإجراءات التقشفية القادمة من دون اصطدام مع الشارع أو النقابات العمالية.
وقال الشكندالي إن الظرف الحالي ليس الأسوأ، مشيرا إلى أن المالية العمومية مرت بمراحل أصعب بكثير من الوضع الحالي، ومع ذلك تمكنت الحكومة من توفير الأجور لموظفيها.
وكانت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، جدّدت، خلال لقائها وزيرة المالية لمياء الزريبي، على هامش انعقاد اجتماع "مجموعة العشرين لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية في ألمانيا"، دعم ومساندة الصندوق لتونس في المسار الإصلاحي الذي تنتهجه.
وأكدت وزيرة المالية التونسية، خلال هذا الاجتماع، سعي بلادها إلى استحداث نسق النمو، وتحسين مناخ الأعمال، وتحديث القطاع المالي، وتقديم جملة من المقترحات التي تهم عددا من المجالات والبرامج التي يمكن إدراجها ضمن المبادرة الألمانية "Campact with Africa"، معربة عن اعتزاز تونس بالانضمام لهذه المبادرة مع 4 دول أفريقية أخرى.
وكان صندوق النقد الدولي قد صادق، في شهر مايو/أيار 2016، على منح تونس قرضا بقيمة 2.8 مليار دولار، حصلت الحكومة على شريحة أولى منه بقيمة 320 مليون دولار، على أن يتم صرف بقية المبلغ على أقساط مرتبطة بمدى التقدم في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق بشأنه على إجراءات محدّدة، تقول الحكومة التونسية إنها ملتزمة بها.
وتأمل حكومة الشاهد أن تكون الزيارة المرتقبة لوفد صندوق النقد الدولي حاسمة في تحديد موعد الحصول على الشريحة الثانية التي تعول عليها الحكومة في تمويل الموازنة، خاصة أن هذا التأخير أربك التوازنات المالية للدولة.
وتعتمد تونس على تمويلات متعددة الأطراف لتغطية العجز الحاصل لديها خلال العام الجاري، منها 640 مليون دولار من صندوق النقد، و500 مليون دولار من البنك الدولي، و300 مليون دولار من البنك الأفريقي للتنمية، و500 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي.

المساهمون