ويطلق في مصر مصطلح المحاصيل الاستراتيجية على المحاصيل واسعة الاستخدام لدى المواطنين مثل القطن والأرز والفول والبطاطس والطماطم وقصب السكر والذرة وغيرها.
يقول أستاذ الاقتصاد الزراعي أشرف زهران، إن عزوف الفلاحين عن زراعة المحاصيل الأساسية، تحول إلى ظاهرة واضحة، تكمن خلفها سياسة موجهة، موضحًا أن أحد أسباب خسارة صغار المزارعين، ارتفاع تكلفة مستلزمات الإنتاج، مع بيع المحصول بأثمان رخيصة جدًا لعدم وجود جمعيات وتكتلات تحميهم.
ويحذر "زهران" من أن عدم تدخل الدولة بمظلة حماية للفلاح عن طريق وسائلها المختلفة كالبنك الزراعي ووزارة الزراعة والمديريات الزراعية بالمحافظات، سيؤدي للمزيد من خسائر الفلاحين.
من جانبه، يؤكد عبد الرحمن شكري، نقيب الفلاحين الأسبق، أن هناك منظومة فساد لها أياد في وزارة الزراعة تهدف لتدمير العصب الرئيسي للمحاصيل الاستراتيجية، وفتح مجال الاستيراد على مصراعيه، تنفيذًا لرغبات مافيا الاستيراد، ضاربًا المثل بأزمة بذور الطماطم المصابة بالفيروسات، حيث فشل وزير الزراعة ومجلس النواب في الحصول على تعويض لصالح الفلاحين من صاحب شركة البذور المستوردة.
ويضيف شكري لـ "العربي الجديد" أنه عندما عرض الملّاك في بعض المحافظات أراضيهم للإيجار لم يجدوا من يستأجرها، نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج والخسائر المتتالية للفلاحين.
ويقول يوسف جعفر، نقيب الفلاحين بالأقصر، لـ"العربي الجديد"، إن الفلاح بصفة عامة في مصر لم يجن من وراء زراعاته سوى مكاسب زهيدة، للعديد من الأسباب، منها، عدم وجود دورة زراعية، واختفاء دور القطاع التعاوني سواء في الإنتاج أو التسويق.
ويقترح "جعفر" إنشاء قطاع متخصص في كل محصول وخاصة المحاصيل الاستراتيجية، يكون همزة الوصل بين الفلاح والحكومة لتنفيذ خطة الدولة، بما يعود على الدولة والفلاح بالنفع العام، مع وجود صندوق خاص لموازنة الأسعار يتم تمويله بعيدًا عن موازنة الحكومة، من خلال رسوم بسيطة تفرض على كل مدخلات العمل الزراعي، بهدف تعويض المزارعين حال حدوث تقلبات سلبية في الأسعار.
وكشف حسين عبد الرحمن أبو صدام، نقيب عام الفلاحين في بيان صحافي، أن أحد أسباب أزمة الزراعة في مصر هي سيطرة رجال الأعمال على أسواق تصدير واستيراد المحاصيل الزراعية والتقاوي بطرق مباشرة وغير مباشره، موضحًا أن درجة نفوذهم وصلت للتأثير على صناعة القرارات المنظمة للزراعة في مصر.
وضرب أبو صدام المثل بفتح باب استيراد الأرز بعد تقليص زراعته، وكذلك تم استيراد الطماطم العام الماضي من الأردن بعد استيراد تقاوي مصابة بمرض (فيروس)تجعد الأوراق.
وأشارت بعض التقديرات الأكاديمية إلى أن المساحة المصابة بالفيروس وصلت إلى 60 ألف فدان، بلغت خسائرها المادية نحو 166 مليون دولار.
وتوقع نقيب الفلاحين، تقليص المساحة المنزرعة بالقطن هذا العام لحوالي 220 ألف فدان، مقابل 336 ألف فدان تمت زراعتها بالقطن العام الماضي، نتيجة الخسائر التي تعرض لها المزارعون، بعد تخلي الحكومة عن وعودها بتسويق القطن.