تصاعد أزمة نقص مواد البناء في مصر

19 مارس 2018
أزمة مواد البناء تهدّد قطاع العقارات (Getty)
+ الخط -
شهدت العديد من المحافظات المصرية نقصاً حاداً فى مواد البناء، على رأسها الحديد الذي وصل سعره إلى 13.4 ألف جنيه "ما يعادل 761.3 دولارا" داخل المصنع، بزيادة 30% عن سعره قبل أسبوع، فضلاً عن أزمة الإسمنت التي بدأت في التصاعد، حيث اختفى بجميع أنواعه من الأسواق، بعدما ارتفع سعر الطن إلى 1200 جنيه بدلاً من 800 جنيه، الأسبوع الماضي، بزيادة 40%، وهو الأمر الذي يهدد بتوقف العديد من المشروعات في المحافظات، لكون الإسمنت يدخل في كل مراحل البناء.

وزاد من حدة أزمة الإسمنت توقّف الشركة القومية للإسمنت، الشركة الحكومية الوحيدة المنتجة للإسمنت، عن الإنتاج بسبب إضرابات عمالية، إثر خلافات مع الإدارة.
وسادت حالة من الشلل التام عمليات البناء والتشييد في البلاد، بسبب ارتفاع أسعار الإسمنت المفاجئ، وطالب تجار التجزئة الحكومة بسرعة التدخل لإنقاذ الموقف، خوفاً من اشتعال أسعار الوحدات السكنية التي بدأت بالفعل في الارتفاع، حيث بدأت الحكومة رفع سعر وحدات "السكن الاجتماعي" بنسبة 25%، لترتفع قيمة الوحدة من 184 ألف جنيه إلى 250 ألف جنيه، بالإضافة إلى رفع الحد الأقصى لدخل المتقدم للحجز إلى 3500 جنيه للأعزب و4750 جنيها للأسرة، مع زيادة القسط الشهري.

وحمّل الأهالي، الحكومة، عواقب الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها، خلال العامين الماضيين، وأضرت بقطاع البناء والتشييد، ومنها تعويم الجنيه وتحرير سعر الصرف، ورفع أسعار مواد البناء من دون أي تدخّل من جانبها، وهو ما أدى إلى زيادة أسعار الوحدات السكنية التي يطرحها القطاع الخاص، وقالوا إن هذا يتنافى مع الحق في السكن كأحد حقوق الإنسان، وطالب الأهالي بضرورة إصدار قانون لمواجهة مافيا "أسعار مواد البناء" في مصر التي تزداد بصورة يومية.
لكن أحمد الزيني، رئيس شعبة مواد البناء بالغرفة التجارية، اتهم صراحة أصحاب شركات الإسمنت، وعددها 25 شركة، بتعطيش السوق، واستغلال الحوادث الإرهابية في شمال سيناء وتوقّف مصنعي إسمنت بها، بالإضافة إلى توقف مصنع القومية للإسمنت بحلوان، الوحيد التابع للحكومة، نتيجة خلافات إدارية بين العمال والمسؤولين في الشركة.


وعلى الجانب الآخر، أكد عدد من كبار المقاولين أن زيادة أسعار الإسمنت والحديد أدت إلى "خراب البيوت"، وتقدّم هؤلاء بمذكرة إلى عدد من المسؤولين في المحافظات بتوقفهم عن العمل في أنشطة البناء، نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار مواد البناء. وأكد يوسف عبد العال، مقاول، أن جميع المقاولين يصرخون من هذا الارتفاع، لكن لا أحد يسمع. 

وزادت أزمة أسعار الإسمنت بعد قرار وزير قطاع الأعمال، خالد بدوي، بتخفيض حوافز العمال من 400% إلى 70%، وفتح المعاش المبكر أمام العاملين، الأمر الذي أشعل غضب العمال في الشركات، مهددين بتوقف العمل نهائياً والقيام بعمل وقفات احتجاجية، وطالبت اللجنة النقابية، الحكومة، بسرعة التدخل لبحث مشاكل شركات الإسمنت، مؤكدين أن قرار الوزير سيؤدى إلى المزيد من الخلافات، وأشاروا إلى أن توقف عدد من الأفران وراء أزمة نقص الإسمنت بسبب تكاليف إعادة تشغيلها.

من جانبه، أكد مسؤول في أحد مصانع الإسمنت، رفض ذكر اسمه، أن أسعار الإسمنت ستواصل ارتفاعها، خلال الأيام القادمة، وأن المستهلك هو الذي سيدفع الثمن في النهاية، في ظل عدم وجود قانون يجرّم رفع الأسعار، وإحكام الرقابة على مواد البناء، وهو ما أدى إلى انفلات الأسعار، وقد يؤدى إلى انهيار قطاع البناء، ونشر البطالة بين العمال، موضحاً أن شعبة الاستثمار العقاري في الاتحاد العام للغرف التجارية ستعقد اجتماعاً عاجلا، الأسبوع الجاري، لمناقشة أزمة ارتفاع أسعار الإسمنت ونقصه في السوق.
وبالنسبة لمشكلة عمال الشركة القومية للإسمنت وعددهم 2300 عامل، قال إنهم في اعتصام مفتوح في مقر الشركة، نتيجة التصعيد ضدهم من قبل رئيس الشركة، وتخفيض الحوافز للعاملين وعدم صرف مستحقاتهم، محملاً الحكومة مسؤوليتها عن توقف الإنتاج.

وحسب المسؤول، فإن "الخسائر السنوية بالشركة المتوقفة عن الإنتاج قد تزيد على مليار جنيه"، مشيراً إلى أن قرار الوزير الخاص بخفض الحوافز خاطئ، ويصب الزيت على النار لإشعال الموقف بين العمال والإدارة، في ظل صمت حكومي تام، رغم تحذيرات عدد من أعضاء مجلس النواب.
وبالنسبة لرد فعل الأجهزة الرسمية، قال إن الحكومة "أذن من طين وأخرى من عجين"، مطالباً اتحاد العمال والمعنيين في الدولة، بإيجاد حلول وآليات تنهض بالشركة القومية للإسمنت القادرة على إغراق السوق بالإسمنت، بعيداً عن فكرة البيع أو الإغلاق، حيث قرار الوزير يشير إلى خصخصتها.



المساهمون