نقص إمدادات الغاز تفاقم أزمة الأسمدة بمصر مجدّداً

04 فبراير 2015
الزراعة في مصر (أرشيف/getty)
+ الخط -

أدى وقف إمدادات الغاز الطبيعي لمصانع الأسمدة الأزوتية، اليوريا والنترات في مصر إلى توقف المصانع عن الإنتاج بصورة جزئية في مصنع أبو قير، المورد الأكبر للسوق المحلي بنسبة 60%، أو بصورة كلية في مصانع شركة الدلتا، ثاني أكبر الموردين، وانخفض الإنتاج بمعدل 30-50% في باقي الشركات حتي نهاية الشهر الماضي، وهو ما سيفشل خطة الحكومة التي أعلنتها أخيراً للسيطرة على سوق الأسمدة.

وبرر المسؤولون في هذه المصانع توقف الإمدادات بتحويل الحكومة الغاز المخصص لهذه المصانع إلى محطات توليد الكهرباء اللازمة للاستهلاك المنزلي الذي يعاني هو الآخر من الأزمات.

وكان وزير الاستثمار قد اعترف بوجود نقص حاد في كميات الغاز الموجهة لشركات الأسمدة. وتستهلك صناعة الأسمدة ثلث كميات الغاز المستخدمة في قطاع الصناعة المصرية كوقود وفي الوقت نفسه كمادة خام بنسبة 60% من تكاليف الإنتاج، وهو ما يفاقم الأزمة.

وكانت حكومة محلب قد لبّت طلبات الشركات بزيادة سعر طن السماد من 1500 جنيه إلى 2000 جنيه منذ شهرين. وادعى وزير الزراعة، عادل البلتاجي، حينها أن هذه الزيادة تصب في مصلحة الفلاح لأنها ستوفر الأسمدة وتقضي على السوق السوداء التي تكلف المزارعين ضعف ثمن السماد، وتعهد بأن الموسم الشتوي الذي بدأ لن يشهد أزمات في الأسمدة، وهو ما نفاه الواقع بمرور الأيام، حيث لم يصرف المزارعون سوى 25% من حصة اليوريا المقررة لمحصول القمح.

المدهش أن مصر، التي تعاني من أزمة طاحنة في الأسمدة، تصدّر 6 ملايين طن من اليوريا بأنواعها وتنتج 18 مليون طن، وتستهلك 12 مليوناً، توفر شركات قطاع الأعمال العام 9 ملايين طن منها، وهذه الشركات بنيت في عهد عبد الناصر والسادات بأموال المزارعين التي كانت تحصل عليها الحكومة من فارق أسعار الأسمدة الذي كان يزيد عن السعر العالمي بنسبة 60% والقطن الذي كان يورده المزارع بأقل من نصف السعر العالمي.

كما تحصل الحكومة على 3 ملايين طن لسد احتياجات السوق المحلي من خلال شركات المناطق الحرة التي تحصل على الغاز الطبيعي بثلث السعر العالمي، كما حصلت على الأرض بالمجان في عهد مبارك عند ظهور الليبراليين الجدد المتحكمين في السلطة والمال والأعمال، ثم تصدّر 6 ملايين طن بسعر 400 دولار (3000 جنيه تقريباً).

وحتى عهد قريب كانت هذه الشركات جميعها حريصة على البيع في السوق المحلي لارتفاع السعر عن السوق العالمي بنسبة 60% كما ذكرنا، لكن المشكلة الآن أن السعر العالمي ارتفع عن السعر المحلي بنسبة 30%، كونها صناعة ملوثة للبيئة، وهو ما يغري الشركات بالتصدير وللحصول على الدولار لتوفير قطع الغيار، كما أن شركات قطاع الأعمال، التابعة للدولة، تعتبر هذا الفارق خسائر كان يمكن أن تتحول لأرباح لو أنها باعت إنتاجها في السوق العالمي هي الأخرى مثل الشركات الاستثمارية.

ومع استمرار العلاقات القديمة بين النظام الجديد في مصر ورجال أعمال دولة مبارك، أتوقع أن تتخلى الحكومة عن ضبط سعر الأسمدة ليرتفع مجدداً لنسبة قد تصل لـ50% حتى يساوي السعر العالمي، خاصة بعد طلب الحكومة من شركات الأسمدة استيراد الغاز من الخارج، وهو ما وافق هوى الشركات بسبب المكاسب العالية التي تجنيها من صناعة السماد.

وفي ظل توافق أصحاب شركات الأسمدة مع الحكومة وغياب حقيقي لنقابات الفلاحين، فإن أزمة الأسمدة و"ترعرع" سوقها السوداء، سوف تزيد من تكاليف الزراعة وفقر المزارعين في ظل انخفاض الإنتاجية وثبات أسعار المحاصيل.

المساهمون