مع انتهاء "حملة مكافحة الفساد" التي أثارت الجدل والتساؤلات، واستهدفت رجال أعمال وأمراء سعوديين، زادت السلطات السعودية المخصصات المالية لبعض أفراد العائلة المالكة، وفق ما نقلت "بلومبيرغ" عن ثلاثة مصادر مطلعة.
وبعدما توقفت الحكومة عن دفع فواتير الكهرباء والمياه لأفراد العائلة المالكة، عمدت مؤخراً إلى زيادة الراتب الشهري لهؤلاء 50%، وفق ما أفاد مصدران، إلا أن أحد المسؤولين الحكوميين في السعودية نفى صحة ذلك، قائلاً إن هذا التقرير "عار عن الصحة تماماً".
وفي حين لم يتضح بعد إذا ما كانت هذه الزيادة هي مكافأة لمرة واحدة، أم ستُدفع شهرياً، أفاد أحد المصادر بأن هذا المبلغ لن يشمل فقط أحفاد الملك عبدالعزيز، مؤسس المملكة، بل سيشمل أيضاً أشخاصاً آخرين من العائلة، فيما قال مصدر آخر إن هذا المبلغ سيُدفع للراشدين البالغين عمراً محدداً.
وبحسب "بلومبيرغ" اعترض بعض المواطنين السعوديين على هذه المخصصات، لا سيما أن منح بعض أفراد العائلة المالكة زيادة رواتب، يثير بعض التساؤلات بخصوص جدّية الحكومة في ما يتعلق بكبح الإنفاق المفرط.
وتشير إلى أن هذه المسألة تسلط الضوء على الصراع الذي يواجهه ولي العهد محمد بن سلمان لامتصاص ردات الفعل الغاضبة ضد سياساته أو إثارة المعارضة داخل الأسرة الحاكمة.
وتضيف "يبدو أن بن سلمان يسعى إلى تأديب أقربائه من العائلة المالكة، لكنه لا يستطيع أن يقطع العلاقات معهم".
وكانت السلطات السعودية قد فرضت خلال الأشهر الثلاثة الماضية ضريبة على القيمة المضافة، وأعلنت زيادة أسعار الوقود والخدمات، بهدف إصلاح الوضع المالي العام. كذلك عمدت إلى احتجاز عشرات رجال الأعمال والأمراء، بمن فيهم الملياردير الأمير الوليد بن طلال، في فندق "ريتز كارلتون"، ضمن "حملة لمكافحة الفساد"، لتعود وتتوصل مع بعضهم إلى تسويات مالية مقابل الإفراج عنهم.
لكن يبدو أن بعض القرارات أدت إلى نتائج معاكسة، فتبعاً للاعتراضات على رفع الأسعار، أمر العاهل السعودي الملك سلمان بتوزيع مبلغ وقدره 50 مليار ريال (13.3 مليار دولار) من أجل دعم شرائح من المواطنين السعوديين العاديّين، مستفيداً من بلوغ سعر برميل خام برنت لـ70 دولاراً.
وفي السياق، تقول مستشارة المخاطر السياسية المقيمة في واشنطن، ميلينا رودبان، أن الزيادة في الرواتب تدل على افتقارهم إلى أفكار جيدة لتفعيل الاقتصاد عملياً، وأنهم استندوا فقط إلى سهولة وصولهم إلى المال (من بيع النفط)، وأضافت "هم قلقون في ما يتعلق بالتعامل مع خطر الاضطرابات، وهو تهديد على المدى القريب وكثيراً ما يعيق الجهود الهادفة إلى تحقيق التغييرات طويلة الأمد".
وتضيف "بلومبيرغ" في تقريرها أنه خلال السنوات الثلاث التي شهدت وصول ولي العهد السعودي البالغ من العمر 32 عاماً إلى السلطة، همّش عدداً من الأمراء من كبار العائلة المالكة، وقلص من المحظورات الاجتماعية المفروضة على النساء، ووعد بقيادة السعودية بعيداً عن الإسلام الراديكالي؛ حتى إنه أعلن خططاً بقيمة 500 مليار دولار لبناء مدينة في البحر الأحمر يتم تشغيلها بواسطة الروبوتات.
وفي حين كانت حملة "التطهير" أجرأ خطوة لولي العهد، إلا أن بعضهم اعتبروا الاعتقالات محاولة للاستحواذ على السلطة، لكن المسؤولين السعوديين نفوا ذلك، وقالوا إن بن سلمان يحتاج إلى القضاء على الفساد من أجل استقطاب الاستثمارات.
هذا وفي وقت يُقدّر فيه عدد أفراد العائلة الحاكمة بالآلاف، لم تكشف الحكومة السعودية يوماً عن عدد الأشخاص الذين يستفيدون من الرواتب، كما لم تبيّن مطلقاً مجموع هذه المبالغ.
لكن سبق أن سربت برقية دبلوماسية أميركية عبر "ويكيليكس" تشير إلى أن أفراداً من العائلة الحاكمة يحصلون على رواتب شهرية منذ ولادتهم، وأن المبالغ تتفاوت بحسب قربهم العائلي من الملك عبدالعزيز. في ذلك الوقت، تراوحت المبالغ بين 800 دولار كحد أدنى و270 ألف دولار شهرياً كحد أقصى، وقدّر الدبلوماسي في البرقية إجمالي المبلغ بملياري دولار.