وأوضح البنك، في تحليله الصادر اليوم السبت، أن توقعاته بتباطؤ الاقتصاد العالمي خلال العام الجاري تعود إلى أربعة أسباب رئيسية، أولها أن آخر البيانات الاقتصادية تشير إلى أن الاقتصاد العالمي بدأ في التباطؤ فعليا، إذ كانت نتائج آخر استطلاع لمؤشر مديري المشتريات العالمي، الصادرة في بداية إبريل/ نيسان، هي الأضعف خلال 16 شهرا.
ولفت إلى أنه على الرغم من أن قراءة المؤشر كانت 53.3% لتكون ضمن النطاق العالي (فوق 50%)، إلا أنها كانت أقل من متوسط القراءات للعام الماضي 2017 البالغ 53.8%.
وعلاوة على ذلك، تشير آخر المؤشرات حول النمو في الولايات المتحدة الأميركية، أكبر اقتصاد في العالم، إلى احتمال حدوث تباطؤ، إذ تشير أحدث أرقام التقديرات التي يصدرها بنك الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) حول الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة، إلى نمو بنسبة 2.0% في الربع الأول من العام الجاري، بانخفاض من 2.9% في الربع الرابع من 2017 ومن 2.3% لعام 2017 ككل.
يُذكر، في هذا السياق، أن وزارة التجارة الأميركية، أعلنت أمس الجمعة، أن الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من السنة، زاد بوتيرة سنوية بلغت 2.3%، وهو أعلى من توقعات المحللين بنمو نسبته 2%، ولكنه أقل من النسبة التي سجلها في الربع الرابع من العام الماضي.
وتوقع البنك أن يتباطأ الاقتصاد الصيني خلال العام الجاري أيضا بسبب الاستمرار في تشديد السياسة النقدية، والتي تهدف السلطات من خلالها إلى تهدئة سوق العقارات وكبح الاستدانة في قطاع الظل المصرفي وتقليص الطاقة الإنتاجية في الصناعات القديمة.
واستقر نمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني في الربع الأول من العام الجاري مقارنة بالربع الذي سبقه عند نسبة 6.8%، لكن بانخفاض طفيف من معدل النمو المسجل في عام 2017 ككل بنسبة 6.9%.
وإلى جانب ذلك، يشير تباطؤ نمو الائتمان إلى حدوث مزيد من التراجع في نمو الاقتصاد خلال ما تبقى من عام 2018. وتباطأ نمو الائتمان في الصين إلى 10.5% على أساس سنوي في مارس/ آذار الماضي من الذروة التي بلغها مؤخرا في يوليو/ تموز 2017 بنسبة 13.2%.
وتعتبر الصين المساهم الأكبر في النمو العالمي، لذلك من المرجح أن يكون لأي تباطؤ في الصين تأثير سلبي على عدد من الاقتصادات الأخرى، خصوصا في آسيا.
وأوضح "بنك قطر الوطني" أن السبب الثالث في توقعاته يدور حول ترجيح أن تصبح السياسة النقدية العالمية، أقل تيسيرا خلال العام الجاري، إذ من المتوقع أن يواصل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جولات رفع أسعار الفائدة المخطط لها، بينما قام البنك المركزي الأوروبي بتقليص مشترياته الشهرية من الأصول إلى النصف منذ الأول من يناير/ كانون الثاني الماضي، ومن المتوقع أن يزيد من وتيرة التقليص ابتداء من شهر سبتمبر/ أيلول المقبل.
كما أنه من المتوقع أن يقوم كل من بنك إنكلترا المركزي وبنك اليابان المركزي بتشديد السياسة النقدية. ونتيجة لذلك، فمن المرجح أن تسوء الظروف المالية العالمية مع ارتفاع عائدات السندات طويلة الأجل، ما من شأنه أن يعوق النمو.
وتمحور السبب الرابع حول أسعار النفط، إذ يمكن لارتفاع أسعار النفط أن يشكل أيضا عبئا على النمو، فهذا الارتفاع يقلل الدخل المتاح للاستهلاك في الدول المستوردة للنفط، خصوصاً أن تأثير انخفاض أسعار النفط خلال الفترة من عام 2014 وحتى 2016، لم ينتقل بالكامل إلى المستهلك، بعدما استغلت دول عدة تلك الفرصة لخفض الدعم، لكن لم تتم العودة إلى اعتماد الدعم منذ أن بدأت أسعار النفط ترتفع، لذلك يُرجح أن ينتقل تأثير ارتفاع الأسعار بالكامل إلى المستهلكين.
وبلغ متوسط أسعار النفط 55 دولارا للبرميل في 2017، ومن المتوقع أن يبلغ متوسط الأسعار 63 دولارا للبرميل في عام 2018 ككل، ونتيجة لذلك، فإن ارتفاع أسعار النفط سيؤثر هو الآخر سلبا على النمو العالمي.
وخلص تحليل بنك قطر الوطني، إلى أنه من المرجح أن تكون الحوافز المالية في الولايات المتحدة المحرك الرئيسي للنمو العالمي في العام الحالي، حيث تتضمن تلك الحوافز عددا من الإصلاحات الضريبية، مثل تخفيض ضريبة الشركات من 35 إلى 21%.
وذكر صندوق النقد الدولي، في آخر تقرير له حول آفاق الاقتصاد العالمي، أنه يتوقع أن تضيف الحوافز المالية في الولايات المتحدة حوالي 0.1 نقطة مئوية إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2018.
ولفت البنك إلى أن العوامل العديدة المثبطة للنمو المذكورة أعلاه ستقابل وبفارق كبير التأثير الداعم للنمو الناتج عن الحوافز المالية في الولايات المتحدة، فالتباطؤ المتوقع في الصين وحده كفيل بخفض النمو العالمي بنحو 0.1 نقطة مئوية، من دون الأخذ في الاعتبار الآثار المترتبة على الاقتصادات الأخرى.
واختتم البنك تحليله بتوقع أن يتراجع النمو العالمي من 3.8% في عام 2017 إلى نحو 3.6% في عام 2018.
(قنا)