مخاطر اقتصادية تهدّد الأردن لرفضه صفقة القرن

05 فبراير 2020
احتجاجات شعبية سابقة ضد صفقة القرن (خليل مزراوي/فرانس برس)
+ الخط -
يواجه الأردن تهديدات بحصار اقتصادي في أعقاب رفضه القاطع لصفقة القرن واعتبارها ضربا من الخيال، وما يزيد مخاطر العقوبات المحتملة أن الولايات المتحدة الأميركية هي أكبر دولة تقدم مساعدات سنوية لعمّان، بهدف دعم الموازنة العامة ومعونات عسكرية.
وحذر مراقبون من أن الصادرات ستكون أكثر القطاعات المتضررة في حال تنفيذ واشنطن عقوبات على الأردن وخاصة أن نسبة كبيرة منها تورد إلى أميركا، موضحين أن مختلف الأنشطة الإنتاجية ستتكبّد خسائر تفاقم من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد.

وفي هذا السياق، قال رئيس جمعية المصدرين الأردنيين، عمر أبو وشاح، لـ"العربي الجديد" إن الولايات المتحدة أكبر مستورد للسلع الأردنية بقيمة تبلغ حوالي 1.5 مليار دولار سنويا وذلك عملا باتفاقية التجارة الحرة الموقعة بين البلدين.
وأضاف أن احتمال تعرض الأردن لعقوبات اقتصادية مباشرة أو غير مباشرة من الولايات المتحدة بسبب موقفه الرافض لصفقة القرن سيطاول الصادرات الأردنية التي تعتمد على السوق الأميركية بشكل كبير وخاصة الألبسة والصناعات الهندسية والأجهزة الكهربائية والأدوية وغيرها.

وكان الأردن رابع دولة في العالم وأول دولة عربية توقع اتفاقية للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة بهدف زيادة حجم الصادرات الأردنية إلى السوق الأميركي.
وأشار رئيس جمعية المصدرين إلى أن احتمال تأثر الصادرات سيؤدي إلى انعكاسات سلبية على الاقتصاد المحلي، موضحاً أن عمّان خسرت أسواقا تقليدية مهمة إبان ثورات الربيع العربي وخاصة في سورية والعراق واليمن وليبيا وغيرها.

وأكد أبو وشاح أهمية إعادة تركيز الحكومة على الأسواق الأفريقية ومحاولة فتح فرص تصديرية للمنتجات الأردنية وذلك تعزيزا لنفاذ صادراتنا إلى الأسواق الخارجية من جهة، وتفاديا لأي هزات قد تواجه تجارتنا الى السوق الأميركية من جهة أخرى. 
ولم يخف مستشار الرئيس الأميركي للشرق الأوسط، جاريد كوشنر، امتعاض الولايات المتحدة من موقف الأردن من صفقة القرن، في تصريحات مؤخرا قال فيها إن الخلاف حول أين تقع عاصمة الدولة الفلسطينية في خطة السلام الأميركية لم يكن من الأساس خلافا فلسطينيا لكن الأردن هي من أثارت ذلك.

وما زال يشهد الأردن العديد من الفعاليات الرسمية والشعبية الرافضة لصفقة القرن، وخرج آلاف المواطنين الأسبوع الماضي في مسيرات احتجاجية ضد السياسة الأميركية في المنطقة، ونفذ البعض وقفة احتجاجية على مقربة من سفارة الولايات المتحدة في عمان وسط إجراءات أمنية مشددة.
وتشكل المساعدات الخارجية التي يحصل عليها الأردن بخاصة من الولايات المتحدة أحد الموارد المالية التي يعتمد عليها لتخفيض عجز الموازنة وتنفيذ مشاريع تنموية ذات أولوية إضافة إلى حصوله على معونات دولية طارئة في آخر 6 سنوات لمساعدته في تحمل أعباء اللاجئين السوريين البالغ عددهم حوالي 1.3 مليون شخص.

وبموجب اتفاق غير ملزم وقع عام 2018، يحصل الأردن سنويا من أميركا على مبلغ 1275 مليون دولار وحتى العام 2020 حيث يعاد تجديد توقيع الاتفاق كل 5 سنوات في ضوء المعطيات الاقتصادية، وربما السياسية في المنطقة، حسب مراقبين.
وحذر رئيس الوزراء الأردني الأسبق، عبد الرؤوف الروابدة، من فرض حصار اقتصادي على الأردن بسبب موقفه من صفقة القرن بقوله إن بلاده مقبلة على حصار اقتصادي، متوقعا أن يكون هناك شح وتشديد في القروض والمساعدات للسنوات المقبلة.

وأضاف في تصريحات صحافية، الأحد الماضي: يجب أن يكون الأردن جاهزاً متقبلاً لذلك ونحن نمر بمرحلة اقتصادية ضنكة وحتى نكون جاهزين يجب أن نربي قناعات عند الناس، وعلى الحكومة مخاطبة الشعب بمنطق ووعي ومكاشفة.
وقال الروابدة الذي كان أول رئيس حكومة في عهد الملك عبد الله الثاني، إن الكلفة ستكون غالية والأردن يجب أن يكون جاهزاً لدفع الثمن.

وأشار إلى حصار اقتصادي تعرض له الأردن قبل عدة سنوات لمواقفه من قضايا المنطقة حيث توقفت عنه المساعدات والمنح الخارجية بما فيها العربية.
ويعاني الأردن من تحديات اقتصادية كبيرة بسبب ارتفاع عجز الموازنة العامة والمديونية، وزيادة الفقر المقدرة نسبته بحوالي 15.7 في المائة والبطالة التي ارتفعت نسبتها عن 19.2 في المائة، وفقا لآخر إحصائيات رسمية معلنة.

وتبلغ موازنة الدولة للعام الحالي 13.83 مليار دولار بعجز مقدر بحوالي 1.76 مليار دولار بعد احتساب المنح والمساعدات الخارجية بينما يصل العجز إلى 2.9 مليار دولار قبل احتساب المنح مشكلا ما نسبته 2.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
واتفقت الحكومة وصندوق النقد الدولي، الخميس الماضي، على برنامج جديد للإصلاح الاقتصادي أساسه اقتراض 1.3 مليار دولار لدعم الموازنة العامة وتسديد بعض أقساط وفوائد الدين العام المترتبة على الأردن.

ويعالج هذا البرنامج متطلبات الاقتصاد الوطني وانعكاسات عملية الإصلاح على منهجية الحكومة الرامية إلى تحفيز النمو، ويشمل وضع مخصصات مالية إجمالية تبلغ 1.3 مليار دولار خلال عمر البرنامج والذي يمتد على مدار أربع سنوات.
عضو مجلس النواب الأردني، جمال قموه، قال لـ"العربي الجديد" إن الأردن ربما يجد نفسه أمام تحديات جديدة بسبب رفضه لصفقة القرن ومن ذلك احتمال مواجهة حصار اقتصادي وتراجع المساعدات الخارجية.

وقال قموه: لا بد من أن تدرس الحكومة البدائل الممكنة لمواجهة الظروف المحتملة، وخاصة أن موقف الأردن من هذه الصفقة واضح ومعلن ولا تراجع فيه إطلاقا.
وبين النائب البرلماني أن أي انخفاض في حجم المساعدات الخارجية، يعني ارتفاعا مباشرا في حجم المديونية وفوائدها، إضافة إلى تعطل تنفيذ مشاريع استراتيجية تنموية مدرجة في الموازنة العامة.

ودعا الدول العربية وخاصة الخليجية منها للوقوف الى جانب الأردن في هذه المرحلة ومساعدة اقتصاده على تجاوز الظروف الراهنة. 
وفي سياق متصل، تواجه الحكومة ضغوطات شعبية للتراجع عن شراء الغاز من كيان الاحتلال الاسرائيلي، والمطالبة بعدم إنجاز مشروع قناة البحرين مع الكيان المحتل والذي يقوم على ربط البحر الميت بالبحر الأحمر باعتبارها أعمالا تطبيعية تدعم إسرائيل.

واعتبر مراقبون أن ما تفعله الحكومة بمد يد التعاون إلى الاحتلال، يتناقض مع الموقف الرافض لصفقة القرن، ما دفع الشارع إلى التصعيد من أجل قطع العلاقات مع إسرائيل.
وأعلنت شركة الكهرباء الوطنية الأردنية المملوكة بالكامل للحكومة (نيبكو) الشهر الماضي، عن بدء الضخ التجريبي للغاز الطبيعي المستورد بموجب الاتفاقية الموقعة بين الطرفين.

وقالت الشركة إن الضخ التجريبي سيستمر لمدة ثلاثة أشهر وفقا للمتطلبات الفنية والتعاقدية بين الجانبين، بهدف اختبار الجاهزية الفنية للبنية التحتية لبدء الضخ الفعلي لأغراض توليد الكهرباء.
وتنص الاتفاقية التي جرى توقيعها في سبتمبر/ أيلول 2016، على تزويد الأردن بنحو 45 مليار متر مكعب من الغاز على مدار 15 عاما وبقيمة مقدرة بحوالي 15 مليار دولار بدءا من العام الجاري.


المساهمون