لكن، ما هي الأسلحة الأخرى التي لجأت إليها السعودية؟ ماذا عن روسيا؟
السعودية تصعّد إجراءاتها
أعلنت السعودية مجموعة من الإجراءات التي تعتبر أسلحة في حربها النفطية ضد روسيا. أبرزها، زيادة الإنتاج النفطي إلى 13 مليون برميل يومياً، من متوسط إنتاج بلغ 9.7 ملايين برميل خلال الفترة الماضية حين كان اتفاق أوبك+ لا يزال سارياً.
هذا الإجراء يدفع أسعار النفط نحو المزيد من الهبوط، ما يؤثر بموازنة روسيا. إذ بنت موسكو موازنتها وفق تقدير سعر نفط الأورال الروسي بنحو 42.4 دولاراً للبرميل في 2020، وما يزيد على ذلك المستوى يُحوَّل إلى صندوق الثروة السيادي. وقد أنشأت روسيا هذا الصندوق لتهدئة البلاد من خلال "مجاعة عائدات النفط" بسبب كورونا.
وخفض الأسعار المفتعل بزيادة الإمدادات، بالتزامن مع تراجع الطلب بسبب كورونا، سيكون له انعكاسته على المؤشرات الاقتصادية الروسية، خاصة سعر عملتها المهتز أصلاً، الذي شهد هبوطاً فور إعلان فكّ ارتباط موسكو بأوبك.
كذا، عرضت المملكة تخفيضات كبيرة على شحنات إبريل/نيسان للعملاء في أوروبا، وهي ضربة مباشرة ضد أحد الأسواق الرئيسية في روسيا من جهة، وستفعّل الطلب النفطي في هذه الأسواق بسبب تراجع الأسعار، من جهة أخرى.
أيضاً، تستطيع السعودية التأثير بحلفائها النفطيين في المنطقة وفي منظمة "أوبك"، إذ أكّدت الإمارات اليوم، أنّها على استعداد لزيادة إمداداتها من النفط بنحو مليون برميل يومياً في إبريل/نيسان، في الوقت الذي خفضت فيه الكويت أسعار الخام لشهر إبريل المقبل.
وبدأت السعودية بالتحضير لتوسيع سوقها، على حساب الحصص الروسية، حيث استأجرت الشركة الوطنية السعودية للنقل البحري ما يصل إلى 14 ناقلة عملاقة بشكل مبدئي لشحن النفط الخام إلى العملاء في أنحاء العالم، مع شروع المملكة في تنفيذ تعهدها بزيادة إنتاج النفط الخام.
وكانت السلطات السعودية قد طلبت الأسبوع الماضي من الإدارات الحكومية تقديم مقترحات لخفض ميزانياتها بما لا يقلّ عن 20% في خطوات تقشف جديدة، استعداداً للانخفاض الحاد في أسعار النفط، ما يشير إلى جاهزية خوض حرب نفطية طويلة.
وقال صندوق النقد الدولي إن الرياض تحتاج لسعر 80 دولاراً للبرميل، لضبط ميزانية 2020، التي يبلغ العجز المقدَّر فيها 187 مليار ريال (50 مليار دولار).
روسيا: أبعد من الرياض
وإن كانت السعودية لها عدو واحد في هذه الحرب، فإن لروسيا "أعداءً" تحاول من خلال انسحابها من اتفاق أوبك+ استهدافهم. إذ تقول التحليلات إن روسيا بميزانيتها قادرة على تحقيق أهدافها بأسعار أقل بكثير مما تسمح به ميزانية السعودية. الأولى لديها فائض بقيمة 13.6 مليار دولار، فيما ترزح الموازنة السعودية تحت عجز بقيمة 50 مليار دولار، وقد بنت هذا الرقم على تقدير سعر النفط بـ80 دولاراً، فيما تشير التوقعات إلى انخفاض سعر البرميل خلال الحرب الدائرة، وصولاً إلى 20 دولاراً. نقطة، تسعى روسيا إلى استغلالها إلى الحدود القصوى.
كذا، تمتلك موسكو سلاحاً فاعلاً، إذ يمكنها زيادة إنتاجها كما أعلنت إلى حدود 500 ألف برميل يومياً، فيما يبلغ متوسط إنتاج روسيا النفطي حالياً 11.29 مليون برميل يومياً.
أما قنوات التصدير، فهي لمصلحة موسكو التي تمتلك من خطوط أنابيب لنقل النفط، في حين أن الزيادة في السعودية ستستغرق وقتاً أطول للوصول إلى الأسواق بواسطة الناقلات البحرية.
وأبعد من الرياض، تستطيع روسيا الإضرار بصناعة الصخر الزيتي، حيث تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن إنتاج الصخر الزيتي قد ينخفض في بيئة تبلغ 40 دولاراً للبرميل.
يأتي ذلك بعدما أعلنت الولايات المتحدة في يناير/كانون الثاني خططاً لتصدير النفط الخام إلى الصين، كذلك فإن روسيا قلقة أيضاً من أن المنتجين الآخرين ذوي التكلفة العالية، ومن بينهم الشركات التي تضخ قبالة ساحل البرازيل، سيقتحمون الأسواق الأوروبية والآسيوية.
وصرّحت محطات التلفزة الحكومية الروسية بوضوح حول هذا الهدف، بأنه "في هذه الأسعار، بحلول نهاية العام شركات النفط الصخري ستنهار"، وفق القناة الأولى الرسمية.
وبالفعل، يتوقع المحللون أن تؤدي حرب الأسعار إلى إصابة الاقتصاد الأميركي وقطاع النفط فيه بالأزمات، ما قد يطرد الولايات المتحدة من موقعها كأكبر منتج للنفط في العالم.
تقول هيلما كروفت، خبيرة استراتيجية في السلع العالمية وفق "سي أن بي سي" الأميركية: "نخشى أن يكون هذا صراعاً طويلاً، حيث يبدو أن الاستراتيجية الروسية لا تستهدف شركات الصخر الزيتي في الولايات المتحدة فقط، ولكن سياسة العقوبات التي تفرضها أميركا على عدد من الدول النفطية منها إيران وفنزويلا، مكنتها من تحقيق وفرة في إنتاجها الطاقوي"، خصوصاً أن روسيا غاضبة من العقوبات الأميركية التي عرقلت جهودها لإكمال خط أنابيب نورد ستريم 2، الذي سينقل الغاز الطبيعي إلى أوروبا.
وبالتالي يمكن خفضَ الأسعار عبر زيادة الإنتاج، تحقيق ضربة كبيرة لقطاع النفط الأميركي، حيث تواجه الشركات التي تعاني من ضائقة مالية تخفيضات أكثر حدة وحتى حالات الإفلاس وعمليات الدمج القسري.
ووصل إنتاج النفط الأميركي عند مستوى قياسي بلغ 13.1 مليون برميل يومياً الأسبوع الماضي، ووصلت الصادرات إلى 4.15 ملايين برميل يومياً.