بينما أغلق الكثير من وكلاء ومصنعي السيارات في مختلف أنحاء العالم أبوابهم ليدخلوا في حجر إلى أجل غير مسمى، بسبب تفشي فيروس كورونا الجديد، حاول آخرون الصمود، لكنهم اضطروا إلى إطلاق صفقات مجنونة لجذب المشترين والتخلص من مخزونهم خوفاً من المجهول، لا سيما في ظل استمرار الوباء في الانتشار وعدم اليقين من إمكانية محاصرته في أجل منظور.
ويتخوف الكثير من الوكلاء والمنتجين من عدم القدرة على تصريف ما لديهم، حتى لو انحسر الوباء، لأن الكثير من المشترين المحتملين سيكونون تحت ضغط مالي، خاصة الذين فقدوا دخولهم أو كانوا بحاجة إلى تعديل ميزانياتهم في ظل التداعيات التي يخلفها الفيروس.
ويتوقع متخصصون في قطاع السيارات أن تتراجع مبيعات العام الجاري 2020 بنسبة كبيرة مقارنة بالعام الماضي، ويقول البعض إن انخفاض النسبة المئوية يمكن أن يصل إلى رقمين.
قد تكون هناك إمدادات محدودة من بعض المركبات من قبل المنتجين، ولكن العديد من الوكلاء لديهم مخزون وفير، وفق تقرير لموقع "موتور تريند" الأميركي المتخصص في السيارات.
فقد أقدمت العديد من الشركات على تقديم حوافز قوية لجذب المشترين، مثل معدلات التمويل المنخفضة أو المدفوعات المؤجلة لمدة تصل إلى ستة أشهر على سيارة جديدة، فقد وصلت الفائدة على سيارات جنرال موتورز الجديدة بالتقسيط لمدة 84 شهراً في السوق الأميركية إلى صفر.
تصف جيسيكا كالدويل، المديرة التنفيذية المختصة في تحليل قطاع السيارات في شركة إدموندز للاستشارات، الفائدة الصفرية على بيع السيارات الجديدة لفترة طويلة من التقسيط، بالجنون.
ولم يقتصر الأمر على هذه التسهيلات، وإنما تؤجل جنرال موتورز الدفعة الأولى لمدة أربعة أشهر. تذكّر هذه الأجواء الكثيرين بالفترة التي تلت هجمات 11 سبتمبر/أيلول في عام 2001، عندما قدمت جنرال موتورز برنامج Keep America Rolling الذي قدم تمويلاً بنسبة صفر في المائة للمساعدة في تحفيز الاقتصاد. ولكن في ذلك الوقت كانت مدة التقسيط 5 سنوات وليس 7 سنوات، كما هو مطروح حاليا.
العديد من شركات السيارات في مناطق متفرقة من العالم أقدمت أيضا على طرح برامج دفع مؤجلة. فقد أعلنت فورد قبل أيام عن برنامجها الجديد، الذي يقضي بمنح فترة سماح لتسديد الدفعات لمدة 90 يوما لعملائها الحاليين والمستقبليين. كما تعتبر هيونداي الكورية الجنوبية ونيسان اليابانية من بين شركات السيارات التي تقدم تسهيلات بتأجيل دفعات السداد للطرازات الجديدة.
بالإضافة إلى برامج الشركات الأم، هناك صفقات محلية يمكن للتجار من خلالها تقديم خصوماتهم الخاصة، والتي غالباً ما تختلف حسب المنطقة والطراز، ولكن لا يُسمح لهم ببيع سيارة أقل من سعر التجزئة المقترح من قبل المنتج.
كما امتدت العروض إلى تأجير السيارات، فقد طرح وكيل شيفروليه في كاليفورنيا بالولايات المتحدة، بعض العروض المذهلة حتى 31 مارس/آذار الماضي، منها: "استأجر سيارة شيفروليه إكوينوكس 2020 مقابل 74 دولاراً في الشهر لمدة عامين. هل تريد بيك آب؟ تتوفر شيفروليه سيلفرادو 2020 مقابل 53 دولاراً في الشهر لمدة 24 شهراً".
تقول المديرة التنفيذية في شركة إدموندز "من المتوقع أن تظهر المزيد من الصفقات في الأسابيع أو الأشهر المقبلة في مختلف أنحاء العالم، عندما يتراجع الاقتصاد، بينما يكون قد تم إنهاء الإغلاق والحجر الصحي وعاد الناس أحراراً".
تضيف: "لن أتفاجأ حينما أرى الحكومة الأميركية تشجع صفقات التحفيز، حيث اعتمدت على جنرال موتورز وبقية الصناعة في 2001 لإنعاش الاقتصاد".
هذا الأمر لا يستبعد حدوثه في العديد من البلدان الأوروبية، خاصة ألمانيا التي تضم العديد من قلاع صناعة السيارات في العالم، وكذلك فرنسا وإيطاليا، لإزالة آثار عدوان كورونا.
فقد هوت مبيعات "بي إم دابليو" الألمانية، خلال الربع الأول من العام الجاري، بنسبة 20.6 في المائة على أساس سنوي، وعزت ذلك إلى تسبب جائحة كورونا في انهيار المبيعات بالصين خلال فبراير/شباط الماضي، كما كانت عواقب الوباء ملموسة على نحو واضح في أوروبا والولايات المتحدة، خلال مارس/آذار.
وأشارت الشركة في بيان، الاثنين الماضي، إلى أن نحو 80 في المائة من وكلاء البيع أغلقوا في أوروبا و70 في المائة في الولايات المتحدة. وبحسب الأرقام، باعت الشركة 477.1 ألف سيارة من العلامات التجارية "بي إم دابليو" و"ميني" و"رولز رويس" خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام. وهوت مبيعات الشركة في الصين بنسبة 31 في المائة، وفي أوروبا بنسبة 18 في المائة، والولايات المتحدة بنسبة 17 في المائة.
كما كشفت جنرال موتورز عن تراجع مبيعاتها خلال الربع الأول بنسبة 7.1 في المائة، وفيات كرايسلر بنحو 10 في المائة، وفق بيانات أوردتها وكالة بلومبيرغ الأميركية، في وقت سابق من إبريل/نيسان الجاري.
وأشارت بلومبيرغ إلى أن الشركتين أخفتا مبيعات مارس/آذار الماضي بشكل منفرد، وهو الذي سيكون شهد انهيارا للمبيعات بسبب أزمة كورونا، حيث تراجعت مبيعات الشركات المنافسة مثل هيونداي الكورية الجنوبية وهوندا اليابانية بأكثر من 40 في المائة خلال الشهر الماضي.