هل تمنع معدلات الفائدة الحالية تباطؤ الاقتصاد الأميركي

14 ابريل 2019
ارتفاع مؤشرات الأسهم لم يقنع المستثمرين باستبعاد حدوث التباطؤ(Getty)
+ الخط -

لم تخل اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدوليين التي عقدت في واشنطن العاصمة الأسبوع الماضي من إشارات إلى وجود احتمالات كبيرة بحدوث تباطؤ في الاقتصاد الأميركي، اعتباراً من الربع الأخير من العام الحالي أو مطلع العام القادم.

وعكست الارتفاعات الكبيرة في مؤشرات الأسهم، وتزايد الإقبال على سندات الحكومات والشركات، في الاقتصادات المتقدمة والناشئة والنامية على حدٍ سواء، ارتفاع شهية الإقبال على المخاطر، إلا أن ذلك لم يفلح في إقناع المستثمرين باستبعاد حدوث التباطؤ، الأمر الذي بات يؤرق الجميع، خاصة عند المستويات المنخفضة الحالية لمعدلات الفائدة.

ولم يدخر الرئيس الأميركي دونالد ترامب جهداً لحث بنك الاحتياط الفيدرالي، على غير عادة الرؤساء الأميركيين، وفي أكثر من مناسبة، أولاً من أجل التوقف عن رفع معدلات الفائدة، ثم مؤخراً لتخفيض معدلات الفائدة، لمنع تباطؤ الاقتصاد الأميركي.
ورشح ترامب قبل أيام هيرمان كين، أحد أكبر مؤيديه، والرئيس التنفيذي لسلسلة مطاعم "بيتزا الأب الروحي"، كما رشح قبلها بأيام ستيفان مور، مستشار حملته للانتخابات الرئاسية في 2016، لمقعدين داخل مجلس محافظي البنك الفيدرالي، رغم ضعف إمكاناتهما الفنية الواضح، من أجل ضمان حشد الأصوات لتنفيذ رؤيته المفضِّلة لمعدلات فائدة منخفضة.


ورغم كل ما سبق، إلا أن العديد من المؤسسات الدولية ومراكز الأبحاث الأميركية أصدرت تحذيراتها مؤخراً من أنه، حتى هذه الجهود المبذولة، لن تفلح في منع التباطؤ الاقتصادي الأميركي، ومن ثم العالمي. 

وفي تقرير حديث صادر عن مركز الأبحاث الشهير كابيتال ايكونوميكس، توقع المركز تباطؤ نمو الطلب المحلي في الولايات المتحدة خلال الجزء المتبقي من العام الحالي. ومع محدودية معدلات النمو في أوروبا وآسيا، "سيتعين على البنك الفيدرالي الإقدام على خفض معدلات الفائدة على أمواله قبل نهاية العام الحالي".


وأرجع مركز الأبحاث السبب في ذلك إلى بعض الإحصاءات التي صدرت مؤخراً، والتي أكدت حقيقة أن رفع معدلات الفائدة يحتاج إلى بعض الوقت، من أجل إتمام تأثيره على الأسواق. وأشار المركز إلى تقارير تؤكد ارتفاع معدلات الفائدة المطبقة على بطاقات الائتمان وقروض السيارات لدى البنوك خلال الربع الأول من العام الحالي، رغم انخفاضها في أسواق السندات.

أيضاً أشار المركز إلى استقصاء الرأي ربع السنوي الأخير، الذي قام به البنك الفيدرالي عن القروض، والذي أظهر تشديد البنوك لشروط منح القروض لبعض الشركات والأسر، خلال الربع نفسه.
وفي استقصاءٍ آخر، أُجري في مارس / آذار وتم إعلان نتائجه هذا الأسبوع، ظهر أن ظروف الائتمان، التي تبدو ميسرة في سياقها التاريخي، ما زالت عند أعلى مستويات تشديدها في عامين ونصف.
ويقول مايكل بيرس، كبير الاقتصاديين المختصين بالشأن الأميركي في المركز "نعتقد أن توقع ضعف الاقتصاد هذا العام، وانقلاب منحنى العائد في الفترة الأخيرة، ساهما في تراجع الإقراض لدى البنوك".


وأكد بيرس أن التراجع الأخير في معدلات الفائدة لم يعكس سوى جزء من الارتفاع الذي حدث قبله، وقال إنه "منذ منتصف 2015، ارتفع العائد على سندات الحكومة الأميركية لمدة عامين بمقدرا 150 نقطة أساس، وباستبعاد أثر التضخم، فإن هذه الزيادة تفوق متوسط الزيادات التي سبقت آخر خمس مرات شهد الاقتصاد الأميركي فيها ركوداً".
وأظهرت البيانات الصادرة يوم الجمعة تراجع القياسات المبدئية لمؤشر جامعة ميتشيغان لقياس معنويات المستهلكين في الولايات المتحدة في أبريل / نيسان الجاري للمرة الأولى منذ ثلاثة أشهر، مخالفاً التوقعات، ليعكس انخفاض النظرة طويلة الأجل للتوقعات الاقتصادية إلى أدنى مستوياتها في خمسة عشر شهراً، بعد انحسار الآثار الإيجابية للإصلاحات الضريبية على الاقتصاد.

وتوقع المستهلكون ارتفاعات محدودة في الأسعار، مخفضين توقعاتهم للتضخم لعامٍ قادم إلى 2.4%، بينما ينخفض إلى 2.3% في السنوات الخمس إلى العشر القادمة، ليصل إلى أقل مستوى تم تسجيله خلال العقود الخمسة الأخيرة، الأمر الذي ربما يمثل ضغطاً على صانعي السياسات في البنك الفيدرالي، حيث يهتمون دائماً بمتابعة الأرقام الواردة في ذلك الاستقصاء.


وعلى نحوٍ متصل، وفي مقال حديث في جريدة فاينانشيال تايمز، حذر الاقتصادي المصري الأميركي محمد العريان من استمرار الضغوط السياسية على البنك الفيدرالي لتخفيض معدلات الفائدة، مشيراً إلى الأثر السلبي البالغ على مصداقية البنك، "وهو ما قد يتسبب في خسائر كبيرة للاقتصاد الأميركي".
وأكد العريان أن المستثمرين حافظوا على هدوئهم رغم تلك الضغوطات على البنك، إلا أن ذلك الأمر ربما لا يستمر طويلاً.


وانتقد وزير مالية مصري شهير سابق، أثناء حضوره اجتماعات البنك والصندوق في العاصمة واشنطن، سياسة ترامب، الخاصة بمضاعفة التعريفات الجمركية المفروضة، لتخفيض الواردات، مؤكداً أن العجز التجاري ليس مجرد زيادة للواردات على الصادرات، وبالتالي فهو يرى أن فرض التعريفات "إجراء خاطئ، ولن يعالج العجز".
وفي تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد" طالبا عدم ذكر اسمه، قال إن "العجز التجاري لا علاقة له بالتجارة، وإنما هو نتيجة لزيادة الإنفاق القومي عن الناتج القومي، وقتها يتم الاستيراد، ويظهر عجز الميزان التجاري، وبالتأكيد لن يكون الحل في فرض التعريفات على منتجات بلدٍ معين، حيث سيتم الاستيراد من بلدٍ آخر". 

وأكد الوزير السابق، الذي يُستعان به أحياناً في وضع برامج الإصلاح الاقتصادي لبعض البلدان، أن تلك التعريفات تسببت في زيادة العجز التجاري الأميركي، وسيكون لها قريباً آثارٌ سلبية على الاقتصاد".

المساهمون