بغض النظر عمن يفوز في هذه الانتخابات البريطانية التي ستعلن نتيجتها صباح غد الجمعة، حزب المحافظين أوالعمال، فإنه سيواجه تحديات وخيارات صعبة لإنعاش الاقتصاد البريطاني.
ففي حال فوز حزب العمال، فإن فوزه سيهدد بنزوح الأثرياء من بريطانيا، إذ إنه وعد بتأميم العديد من قطاعات الخدمات العامة وزيادة الضريبة على الثروة، وبالتالي فإن تدفق الاستثمارات الأجنبية على بريطانيا قد يتأثر وتكون له تداعيات خطيرة على النمو الاقتصادي في بريطانيا خلال السنوات المقبلة، وذلك على الرغم من أن فوزه سيضمن علاقات اقتصادية وتجارية مرنة مع دول الاتحاد الأوروبي.
وفي حال فوز حزب المحافظين الذي يعد بإخراج بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي وربما بدون ترتيبات تجارية، سيكون لفوزه تداعيات سالبة كبيرة على "جواز المرور التجاري" الذي تستخدمه الشركات المالية والمصارف الاستثمارية في المتاجرة مع أوروبا. وبالتالي ربما تفقد بريطانيا آلاف الوظائف في القطاع المالي وتهاجر بعض البنوك وشركات الاستثمار إلى دول أخرى حتى تستطيع مواصلة تجارتها مع أوروبا. ولكن في مقابل هذه السلبيات، فإن فوز المحافظين يضمن علاقات تجارية قوية لبريطانيا مع أميركا ومؤسساتها المالية.
ويرى موقع "باوند ستيرلنغ" البريطاني المتخصص في سوق الصرف، في تحليل أمس الخميس، أن فشل حزب المحافظين في الحصول على أغلبية برلمانية مريحة سيقود إلى صدمة في حي المال البريطاني وبالتالي إلى انخفاض كبير في سعر صرف الجنيه الاسترليني. ولم يستبعد الاقتصادي أوليفر ألين، المحلل بمؤسسة "كابيتال إيكونومكس"، أن ينخفض الاسترليني إلى أقل من 1.2 دولار. ولكن عادة ما تهول المؤسسات المالية من تداعيات حزب العمال الذي تنظر له كـ"عدو للنظام الرأسمالي وحرية السوق".
وعلى الرغم من أن استطلاعات الرأي تراهن حتى الآن على فوز حزب المحافظين، ولكن حزب العمال ربما يفاجئ المستطلعين ويفوز بعدد أكبر كثيراً من المقاعد المتوقعة له في الاستطلاعات. وسبق أن فشلت هذه الاستطلاعات التي تعتمد على نوعية العينات التي تدلي برأيها، في التنبؤ بنتائج انتخابات الرئاسة الأميركية التي فاز فيها دونالد ترامب كما فشلت في التنبؤ بنتيجة بريكست في بريطانيا.
كما أن بريكست يعد أهم الأسباب وراء التباطؤ الاقتصادي البريطاني في الربع الثالث الماضي، حيث سجل الاقتصاد البريطاني أبطأ وتيرة نمو سنوي في نحو 7 أعوام في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وذكر مكتب الإحصاءات البريطاني، أن الإنتاج الصناعي انخفض بنسبة 0.7% في الشهور الثلاثة المنتهية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بينما نما قطاع الخدمات البريطاني بنسبة 0.2% وهي أقل زيادة منذ يونيو/ حزيران.
من جانبها، ترى موسسة موديز، المتخصصة في إعداد التصنيفات الائتمانية للدول والشركات، أن الحزبين الرئيسيين المتنافسين في الانتخابات التي ستعلن نتيجتها صباح الجمعة، قد لا يتمكن أي منهما في حال فوزه، على الأرجح من التصدي لمستويات الاقتراض المرتفعة التي سيكون إصلاحها أكثر صعوبة في حال الانسحاب من الاتحاد الأوروبي دون ترتيبات تجارية مرضية.
وبلغ الدين البريطاني في نهاية مارس/آذار الماضي 1.823 تريليون جنيه استرليني "أي نحو 2.34 تريليون دولار".
وذلك وفقاً للبيانات التي نشرها مكتب الإحصاء الوطني البريطاني في الشهر الماضي. ووفقاً لبيانات المكتب بلغت مديونية الحكومة البريطانية الصافية أو العجز بالميزانية خلال العام المالي المنتهي في مارس/ آذار الماضي 25.5 مليار دولار. وهذه الديون تعادل 1.2% من إجمالي الناتج المحلي البريطاني المقدر بحوالى 2.828 ترليون دولار في 2018، وفق بيانات البنك الدولي.