تلوذ شركات ومؤسسات عمومية استراتيجية بالحكومة المغربية من أجل إنقاذها بعد تراجع إيراداتها في فترة الحجر والطوارئ الصحية جراء توقف نشاطها أو تعثره.
وتتوقع المؤسسات والشركات المملوكة للدولة المغربية خطة إنقاذ مالية من السلطات العمومية في حدود 1.6 مليار دولار بهدف مواجهة تداعيات فيروس كورونا، علما أن تلك المؤسسات ساهمت في صندوق مكافحة فيروس كورونا بحوالي 900 مليون دولار.
وأكد مدير عام مديرية الشركات العمومية والخصخصة بوزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، عبد الرحمان الصمار، أن الطلبات الموجهة للدولة من قبل تلك الشركات والمؤسسات العمومية تتجاوز 1.6 مليار دولار، من بينها مليار دولار تتطلع إلى ضخها بشكل عاجل.
غير أن الصمار أوضح في ندوة نظمتها مديرية الشركات والمؤسسات العمومية والخصخصة وهيئة الخبراء المحاسبيين بالمغرب، أن انتظارات تلك الشركات والمؤسسات تتوزع بين زيادة رأسمالها وضخ أموال وتقديم مساعدات مالية.
وتمثلت الشركات والمؤسسات المملوكة للدولة التي تضررت أكثر من الجائحة في الخطوط الملكية المغربية، والمكتب الوطني للمطارات، والمكتب الوطني للماء والكهرباء، والمكتب الوطني للسكك الحديدية، والشركة المغربية للطرق السيارة، كما تضررت الشركة الراعية للإذاعات والتلفزيونات العمومية.
وتجلت أكبر الخسائر في الخطوط الملكية المغربية، التي كانت قد قدرت خسائرها اليومية منذ توقف طائراتها مع الحجر الصحي والطوارئ الصحية بـ5 مليارات دولار.
ويبدي مراقبون اهتماما أكبر بالطريقة التي ستتعاطى بها الحكومة مع الخطوط الملكية المغربية، حيث يفترض أن تفضي المفاوضات إلى إنعاش الشركة، عبر توفير ضمانات أو تمويلات أو قروض أو ضخ مالي يتيحه المساهمون الممثلون في الدولة وصندوق الحسن الثاني.
ويعتبر الخبير في المالية العمومية محمد الرهج أن الدولة يمكنها أن تختار ضمن خطة لتعافي تلك المؤسسات والشركات المملوكة لها إحدى صيغ الشراكة بين القطاعين العام والخاص، التي تقوم على منح مستثمر في القطاع الخاص تمويل إنجاز مشروع لفائدة الدولة أو مؤسسة أو شركة عمومية أو جماعة محلية، على أن يتولى المستثمر استغلال المرفق بعد اتفاق على طريقة السداد من قبل الفاعل العمومي أو الحكومي.
ويضيف الرهج لـ"العربي الجديد"، أن السلطات العمومية أتاحت ضمن تدابير الإنعاش الاقتصادي من تداعيات كورونا، الاستفادة من قروض مضمونة عبر صندوق الضمان المركزي، كما تتجه الحكومة نحو إحداث صندوق استثمار عمومي، وهو الصندوق الذي يمكن أن تتضح تفاصيله عبر مشروع قانون المالية التعديلي الذي تنكب الحكومة على إعداده.
وكانت لجنة اليقظة الحكومية قد كشفت عن أن الصندوق سيمكن "المؤسسات والشركات العمومية المتضررة من جائحة كورونا من الولوج إلى مصادر مالية جديدة لتعزيز قدراتها التمويلية الدائمة، وبالتالي ضمان نمو قوي ومستدام لأنشطتها".
وتستفيد شركات الدولة، ضمن تدابير التعافي الاقتصادي، من ضمانة صندوق الضمان المركزي، في حدود 95 في المائة من قروضها التي يمتد سدادها على مدى سبعة أعوام بسعر فائدة حدد في 3.5 في المائة.
ويشكل توضيح الرؤية للشركات العمومية بالمغرب أهمية كبيرة للشركات المتوسطة والصغيرة في القطاع الخاص، التي يرتبط وجودها بصفقات التوريد وإنجاز خدمات لفائدة تلك الشركات، ما يطرح مسألة تقليص آجال السداد في ظرفية التعافي الاقتصادي.
ويفترض في مؤسسات وشركات الدولة، حسب ما قررته السلطات العمومية، وضع لائحة مفصلة بالشركات الخاصة التي يجب سداد مستحقاتها، حيث تضمن الدولة حصول شركات الدولة ومؤسساتها على الأموال من أجل الوفاء بما في ذمتها.
ويتوجب على المصارف في هذه الحالة أن توفر القروض للشركات والمؤسسات العمومية، غير أنه يفترض فيها أن تحول للشركات الصغيرة والمتوسطة والصغيرة جدا مستحقاتها.
وينتظر أن تتبنى عدة شركات ومؤسسات عمومية خططا تقشفية في حال تدخلت الدولة لمساعدتها، حيث ستجبر على تقليص تكاليفها، بل إن شركات منها قد تلجأ إلى توقيف التوظيف أو تقليص عدد العاملين عبر الإحالة إلى التقاعد المبكر.
وتشير بيانات حكومية إلى أن محفظة المغرب تتشكل من 209 مؤسسات عمومية و44 شركة عمومية ذات مساهمة مباشرة في الخزانة العامة.