أضحت خطط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لبيع حصة من أرامكو، أكبر شركة نفط في العالم، مهددة بالاحتراق، بعد أن تزايدت وتيرة ضربات الحوثيين في اليمن لمعامل النفط التابعة للشركة، ما يضعف التقييم المادي للشركة، ويجعل مخاطر الاستثمار في أسهمها الأكثر تأثيراً على قرار المستثمرين.
وأعلنت السعودية، اليوم السبت، عن اندلاع حرائق في معملَين تابعين لأرامكو، شرقي المملكة، جراء استهدافهما بطائرات مسيّرة، مشيرة إلى السيطرة على الحريقين، فيما أعلن الحوثيون مسؤوليتهم عن الهجوم من خلال عشر طائرات من دون طيار.
وسبق لجماعة الحوثي أن شنّت هجمات على منشآت نفطية تابعة لعملاق النفط السعودي خلال الأشهر الأخيرة، ما جعل موارد الثروة السعودية في مرمى الاستهداف.
وأتى الحريقان، أمس، على معملين في محافظة بقيق (شرق) وهجرة خريص (تتبع محافظة الأحساء شرق المملكة وتبعد عن العاصمة الرياض بنحو 150 كيلومترا). وتضم بقيق أكبر معمل لتكرير النفط في العالم، بينما تضم خريص "حقل خريص" الذي يعتبر أكبر مشروع بترول في العالم، حيث يقدر إنتاجه بـ1.2 مليون برميل يومياً من الزيت العربي الخفيف، وفق وكالة "الأناضول" التركية.
وتتوالى ضربات الحوثيين لمنشآت النفط السعودية. وفي 17 أغسطس/آب الماضي، أعلن الحوثيون تنفيذ عملية نوعية، باستهداف حقل ومصفاة نفطية في السعودية قرب الحدود مع الإمارات، باستخدام 10 طائرات مسيرة من دون طيار.
وسبق أن استهدف الحوثيون، في مايو/أيار، محطتي ضخ أنبوب نفطي في السعودية، وأكدت الأخيرة وقف التصدير بسبب الأضرار.
ولم تعد الخسائر مقتصرة على توقف حقول وأنابيب صادرات النفط، بل أضحت القيمة السوقية لشركة أرامكو، التي يجرى التخطيط لطرحها في أسواق المال المحلية والدولية مهددة بالتهاوي، لاسيما أن هذه القيمة مهددة بالأساس من تراجع أسعار النفط في السوق العالمية، ما يضرب رؤية بن سلمان لخصخصة حصة من الشركة وجني عشرات مليارات الدولارات من ورائها.
وقال أحمد إبراهيم، محلل أسواق المال والمتخصص في قطاع الطاقة بأحد أكبر بنوك الاستثمار الإقليمية، إن "المخاطر المتزايدة المحيطة بشركة أرامكو تخصم كثيراً من تقييمها ومن اهتمام المستثمرين بها، عامل الأمان والاستقرار هو الأكثر حضوراً عندما يضع أي مستثمر أمواله في شراء أسهم أي شركة".
وأضاف إبراهيم، لـ"العربي الجديد"، "للأسف مخاطر أرامكو تتزايد مع الاستهداف المستمر للحوثيين، الأمر أضحى يهدد فكرة طرح الشركة بالأساس في أسواق المال رغم ضخامة حجمها وأصولها".
وأعلنت أرامكو، الشهر الماضي، لأول مرة في تاريخها، عن إيراداتها النصفية، مشيرة إلى تراجع أرباحها الصافية في النصف الأول من عام 2019 إلى 46.9 مليار دولار، مقابل 53.0 مليار دولار للفترة ذاتها من العام الماضي.
وكان تقرير لوكالة رويترز في الثامن من أغسطس/آب الماضي، قد ذكر أن ولي العهد السعودي، يصر على تقدير قيمة الشركة بمبلغ تريليوني دولار، وذلك رغم أن بعض المصرفيين والمطلعين على بواطن الأمور في الشركة يقولون إن على المملكة أن تقلل القيمة المستهدفة إلى 1.5 تريليون دولار.
وتستهدف السعودية جمع 100 مليار دولار من عملية الطرح الأولي لـ 5 في المائة من أسهم الشركة، منها 2 بالمائة في السوق المحلي، أي نحو 40 مليار دولار.
وحسب تقرير حديث لوكالة بلومبيرغ الأميركية، فإن بن سلمان طلب من العائلات الثرية في السعودية أن تكون "ركائز استثمارية" في طرح حصة في أرامكو، من أجل تحفيز الطلب على الاكتتاب. وطلبت أرامكو رسمياً، الشهر الماضي، من بنوك كبرى تقديم اقتراحات بشأن أدوار محتملة في طرحها العام الأولي المزمع.
ويأتي التلهف لطرح أرامكو بعد تعثّر متكرّر خلال العامين الماضيين. وكانت فكرة اكتتاب أرامكو قد طُرحت للمرة الأولى في 2016 بوصفها مشروعا مركزيا في رؤية بن سلمان 2030، وكان الهدف إدراجها في النصف الثاني من 2018، لكن الخطط تأخرت عدة مرات، لا سيما بعد اغتيال الكاتب والصحافي السعودي جمال خاشقجي بقنصلية بلاده في إسطنبول.