تواجه غالبية الصيدليات في المحافظات المصرية، أزمة نقص الأدوية، حيث لا تخلو صيدلية من قائمة تتضمن عشرات الأدوية غير المتوافرة، والتي يحتاجها المواطن البسيط وتشكل عبئاً على المرضى الذين يتكبدون شقاء الحصول عليها من السوق السوداء.
وربطت جهات مصرية مسؤولة، نقص الأدوية التي زادت حدتها خلال الأيام الماضية، بارتفاع أسعار الوقود، ولجوء بعض الشركات إلى تقليل كميات الأدوية الحيوية أو وقف تصنيعها، بانتظار رفع سعر الدواء، والضغط على المريض لتقبل زيادة الأسعار بالتزامن مع صعود أسعار الوقود.
ومن أهم الأدوية الناقصة، تلك المتعلقة بأمراض ضغط الدم والسكر والمضادات الحيوية، وأدوية الاكتئاب والبرد، ومنشطات الدورة الدموية والكولسترول، وأدوية أمراض الكبد والكلى والصداع والسرطان والروماتيزم، وآلام العظام والقولون وأمراض العيون.
ومع اختفاء عدد من الأدوية غير القابلة للاستبدال، انتشرت ظاهرة "سماسرة الأدوية"، من بينهم صيادلة وكذا صيدليات كبيرة، تقوم بسحب عدد من الأدوية بانتظار زيادة الأسعار، وذلك تمهيداً لبيعها بالسعر المرتفع، أو خلط أدوية مغشوشة بأخرى سليمة وزيادة عدد العبوات وبيعها للمرضى، مما يعد خطراً يهدد أرواح آلاف المرضى، وفق عدد من المتابعين في القطاع.
وكشف صيدلي رفض الكشف عن اسمه، أن ظهور السماسرة وانتشار الأدوية المغشوشة في الصيدليات سببه غياب الرقابة الكافية، ما يؤدي إلى شراء الأدوية من دون التأكد من قانونية الشركة المنتجة، وأمان المواد المستخدمة على صحة المريض. إضافة إلى قيام بعض الصيدليات ببيع أدوية مغشوشة.
وطالب الصيدلي بزيادة الرقابة على القطاع الصحي، وأن تقوم النقابة العامة للصيدليات بدورها في إحكام قبضتها على تداول الدواء، خاصة في المناطق العشوائية الفقيرة التي يلجأ البعض إلى استغلال قلة وعي المرضى لتسويق أدوية مغشوشة وفاسدة في بعض الأحيان. وأشار إلى أن وزارة الصحة مسؤولة أيضا تجاه المريض المصري فيما يتعلق بتوفير دواء آمن وفعال، إضافة إلى مواجهة الاحتكار.
بدوره، قال الصيدلي طلعت محمود إن ظاهرة اختفاء الأدوية أو نقصها في مصر، أصبح لها توقيت متعارف عليه بين الصيادلة، مثل ارتفاع أسعار الوقود أو ارتفاع أسعار العملات الأجنبية أمام الجنية المصري، موضحاً أن هناك إهمالاً واضحاً من مسؤولي وزارة الصحة بشأن أزمة اختفاء الأدوية ونقصها. ولفت إلى ازدياد معاناة المرضى، وانتعاش السوق السوداء لتجارة أدوية الأمراض المزمنة، التي لا يمكن للمريض الاستغناء عنها أو استبدالها، ونقصها يؤدي إلى الوفاة أحياناً.
فيما أكد الصيدلي محمد أحمد أنه منذ أكثر من شهر ظهرت بوادر أزمة نقص الأدوية، التي وصلت إلى ما بين 25 إلى 35 في المائة من مجموع الأدوية، بالتزامن مع انتشار المعلومات عن ارتفاع في أسعار الوقود، ومع قرار الحكومة برفع أسعار المحروقات اختفى العشرات من الأدوية، والتي تختلف أصنافها بين صيدلية وأخرى.
وفى سياق متصل، اشتكى بعض الفلاحين وأصحاب مزارع الدواجن، من وجود نقص كبير في سوق الأدوية البيطرية، وارتفاع كبير في أسعارها واختفاء بعضها الآخر، بموازاة انتشار الأدوية المغشوشة، مما يشكل خطرًا كبيرًا على مزارع الدواجن والمواشي خلال الفترة المقبلة.
وأشار الطبيب البيطري ياسر محمود إلى أن شكاوى نقص الأدوية البيطرية، زادت مع ارتفاع أسعار المواد الخام المستوردة، المستخدمة في تصنيع المستحضرات البيطرية، وزيادة أسعار الوقود مؤخراً.
واعتبر أن أصحاب مصانع التزوير استغلوا نقص واختفاء الأدوية البيطرية، وروجوا لأدوية مغشوشة ومجهولة المكونات وغير مطابقة للمواصفات تحمل علامة مزيفة للتسجيل، ولها تأثير سلبي على الحيوان والمستهلك. ولفت إلى أن الهدف هو التربح السريع على حساب الصحة العامة للإنسان والحيوان، مشيراً إلى أن عملية نقل الأدوية وتداولها بلا رقابة تعد كارثة تحتاج إلى حلول.
وتوقع الدكتور ياسر المزيد من الأمراض التي تصيب الحيوانات ومزارع الدواجن، وبالتالي خسائر بمليارات الجنيهات نتيجة نفوق المئات من المواشي، والمتضرر الأول فيها المربون من الصغار والكبار.
وأضاف أن هناك أنواعاً كثيرة من الأدوية الخاصة بالحيوانات اختفت من السوق، سواء التحصينات المحلية والمستوردة، وهو ما يعد خطراً كبيراً على الثروة الحيوانية.