يلتزم المستثمرون في أسواق الصرف حتى الآن الحذر تجاه بيع حيازاتهم من اليوان الصيني خوفاً من الخسائر، في حال تدخل الولايات المتحدة بسوق الصرف. ويتوقع خبراء، أن تواصل العملة الصينية تراجعها خلال الشهور المقبلة، وربما تتراجع إلى أقل من مستوياتها الحالية إذا لم تحدث متغيرات في الحرب التجارية بين واشنطن وبكين.
ونزل اليوان لأقل مستوى في 11 عاما في السوق الداخلية، وسجل مستوى قياسيا متدنيا في الأسواق الخارجية أمس، بعد التصعيد الأخير في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين الذي هز ثقة المستثمرين.
وقال رئيس استراتيجيات الأسواق الناشئة بمصرف "سوسيته جنرال" الفرنسي، جيسون دو "نرى أن العملة الصينية ربما تتراجع إلى 7.5 يوان مقابل الدولار، إذا واصلت الولايات المتحدة ضغطها على بكين برفع الرسوم الجمركية".
ويرى الخبير دو، في تعليقات نقلتها صحيفة "فاينانشيال تايمز"، أمس الاثنين، أن الصين ربما لا تتدخل بقوة كبيرة لحماية سعر صرف اليوان مثلما فعلت في أزمة العام 2015.
ويتفق مع هذا التوقع، خبير العملات بمصرف "سكوتيا بانك" الكندي فرع آسيا، قاو جي، الذي يرى أن العملة الصينية ربما تتراجع إلى 7.2 يوان مقابل الدولار.
وما يمنع حتى الآن بيع اليوان بكثافة وتراجعه في مراكز الأوفشور، هو تهيب التدخل الأميركي في سوق الصرف وحجمه. وقال أحد تجار العملات بلندن، "المستثمرون يتهيبون المخاطرة وبيع اليوان بكثافة، خوفاً من أن تكون مضارباتهم على العملة الصينية غير متوافقة مع الخطوة المقبلة التي سيتخذها مجلس الاحتياط الفدرالي "البنك المركزي الأميركي".
كما لا يضعون في حساباتهم كذلك التصريحات الصينية التي نقلتها رويترز، عن كبير المفاوضين الصينيين في محادثات التجارة مع الولايات المتحدة، والتي قال فيها إن بكين على استعداد لتسوية خلافها التجاري مع الولايات المتحدة من خلال "مفاوضات هادئة"، وإنها تعارض بشدة تصعيد النزاع.
ويرى العديد من الخبراء أن حرب العملات بين بكين وواشنطن ستستمر حتى نهاية الانتخابات الرئاسية المقبلة في أميركا، والتي سيتحدد على أساسها مستقبل بقاء الرئيس دونالد ترامب في الرئاسة لدورة ثانية. ومن بين الخطوات المحتملة التي ربما تتخذها واشنطن في الحرب التجارية ضد بكين، التدخل المباشر ضد اليوان.
ولدى إدارة الرئيس ترامب طريقتان للتدخل في أسواق الصرف، إحداهما عبر صندوق استقرار أسعار الصرف. وهذا الصندوق تابع لوزارة الخزانة الأميركية وليس للبنك المركزي الأميركي، وهو بالتالي تحت تصرف ترامب مباشرة.
ومعروف أن ترامب يرغب بشدة في خفض سعر صرف الدولار مقابل اليوان الصيني. وبالتالي يمكن أن يستخدم ترامب الصندوق في أية لحظة ضد العملة الصينية. أما الأسلوب الثاني للتدخل فهو تدخل مجلس الاحتياط الفدرالي المباشر في سوق العملات، عبر شراء اليوان لرفع قيمته.
ويستهدف ترامب في الوقت الراهن إحداث اضطراب فيالسوق الصيني، يؤدي تلقائياً إلى هجرة الرساميل والشركات الأميركية والأجنبية من السوق الصيني. ومثل هذه الخطوات سبق أن نفذتها الولايات المتحدة ضد الصين في الثلاثينيات من القرن الماضي وضد اليابان في السبعينيات من القرن الماضي. وكانت نتيجتها في الحالين كساد الاقتصاد ودخوله في ركود عميق في كل من الصين واليابان.
ومن المؤشرات التي تدل على أن ترامب ربما يتدخل في سوق الصرف بمعزل عن البنك المركزي الأميركي تغريدته الأسبوع الماضي التي تساءل فيها قائلاً، "من هو العدو الأكبر للولايات المتحدة جيروم باول أم شي". وقرأت أسواق الصرف هذه التغريدة على أن ترامب ربما يتدخل في سوق الصرف دون الرجوع إلى مصرف الاحتياط الفدرالي.