تواصل معركة الحجز على أموال الدولة في المغرب

31 يناير 2020
جدل حول الحجز على الممتلكات العمومية (Getty)
+ الخط -

 

لن يحمي ما تضمّنه بند مثير للجدل في قانون مالية الدولة العام الحالي، أموال الدولة والجماعات المحلية من الحجز عليها. ويأتي ذلك رغم تشديد الحكومة المغربية على وقاية التوازنات المالية من قرارات الحجز الجبري.

ولم يحُل منع الحجز على أموال وممتلكات الدولة والجماعات الترابية، دون صدور حكمين قضائيين، بعد شهر على الشروع في تنفيذ قانون المالية، حيث يتجاوزان قرار المنع، على اعتبار أنهما يريان أنه لا مانع من تطبيق الحجز في بعض الحالات.

وكان وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، محمد بنشعبون، برر عند مناقشة مشروع قانون مالية العام الحالي في البرلمان، منع الحجز على أموال وممتلكات الدولية، تنفيذا لأحكام قضائية بالرغبة في الحفاظ على التوازنات المالية، مؤكدا أن قيمة الحجز وصلت إلى مليار دولار في ثلاثة أعوام.

وشدد على أن منع الحجز لا يرمي إلى خرق الدستور أو إفراغ الأحكام القضائية من محتواها، وذلك بعدما انتقد قضاة ومحامون ذلك الإجراء الذي رأوا فيه نوعاً من الاستخفاف في حال الحكم بالحجز على أموال الدولة.

وسبق لمحامين وقضاة أن عبّروا عن تحفّظهم على المقتضى الذي تضمّنه البند التاسع من قانون مالية العام الحالي، حيث اعتبروه غير دستوري.

وأفضى تحفّظ القضاة والمحامين، إلى نقاش بين من يميل إلى إلغاء المادة التاسعة المضمنة في مشروع قانون المالية، في وقت اعتبرت وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة ذلك المقتضى يراد منه ضمان استمرار المرفق العام كي تقدم خدماتها للمواطنين.

وكانت الحكومة عبّرت، في إطار الجدل الذي استعر حول ذلك المقتضى، عن برمجة تنفيذ الأحكام التي تترتب عنها التزامات مالية، حيث يفترض في الآمر في الصرف، وضع اعتمادات يفي بموجبها بما في ذمة الإدارة تجاه الدائنين على مدى أربعة أعوام في حدود الاعتمادات المتوفرة، وبما لا يخلّ بالتوازنات المالية.

غير أن حكمين قضائيين صدرا مؤخرا كي يعيدا مسألة الحجز على أموال وممتلكات الدولة والجماعات المحلية إلى الواجهة، حيث تجلى أن مسألة الحجز مفتوحة على تأويلات تفتح الباب أمام القضاء كي يقضوا بالحجز.

وصدر حكم، في الخامس عشر من يناير/كانون الثاني الجاري، عن المحكمة الإدارية بمراكش ضد الجماعة الحضرية لبنكرير، حيث حكم عليها بأداء 20 ألف دولار لفائدة أحد الدائنين.

واعتبرت المحكمة الإدارية في مراكش أن منع الحجز على الأموال العمومية لا يمكن أن يفعل إلا في حال أفضى إلى عرقلة العمل العادي للمصلحة العامة. لم يكن ذلك الحكم معزولا، فقد صدر آخر مماثل أخير، ضد الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، حيث انصب على الحجز على 80 ألف دولار.

ويتصور الباحث الاقتصادي، طارق موتقي، أنه يجب انتظار الاتجاه العام للأحكام التي سيصدرها القضاء في الأشهر المقبلة، بعدما كان القضاة عبّروا عن تحفّظهم على المادة التي تقضي بعدم جواز الحجز على أموال وممتلكات الدولة والجماعات المحلية.

ويرى موتقي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن المقتضى المتضمن في قانون مالية العام الحالي، قد يصبح مبررا بالنسبة لبعض الإدارات بعدم تنفيذ بعض قرارات القضاء، مشددا على أنه يتوجب على المشرّع في حال النص على عدم جواز الحجز على أموال وممتلكات الدولة، إيجاد بدائل تضمن حقوق الدائنين.

ويشير إلى أنه رغم ما سيتجلى من لجوء القضاء إلى الاجتهاد، حسب كل حالة تطرح عليه، إلا أن الثابت لديهم هو أن الدولة ومؤسساتها يفترض أن تتوفر لديها ملاءة الذمة ولا يخشى عسرها، كما أنها مدعوة إلى تنفيذ الأحكام الصادرة، تكريسا لمبدأ المشروعية والعدالة.

وذهب منتقدو التدبير الذي دافعت عنه الحكومة إلى أنه عوض منع الحجز على أموال وممتلكات الدولة، يفترض في الدولة العمل على تفادي أسباب الحجز.

دلالات
المساهمون