مخاوف على مخزون السلع في الأردن: طلب الأغذية يقفز 80%

17 مارس 2020
الأردن يستورد غالبية المواد الغذائية من الخارج (Getty)
+ الخط -

يتحسب الشارع الأردني لحدوث أزمة في الأسواق المحلية، جراء احتمال حدوث نقص في المواد الغذائية، سواء المحلية أو المستوردة وارتفاع أسعارها بشكل كبير، متأثرة بتداعيات انتشار فيروس كورونا الجديد، فيما لم تخف السلطات قلقها من احتمال طول أمد التداعيات لتتخطى فترة المخزون السلعي في الدولة.

ويستورد الأردن غالبية المواد الغذائية من الخارج، خاصة من روسيا والصين ودول عربية وأوروبية، فيما لا يشكل الإنتاج المحلي من المنتجات الزراعية أو الأغذية المصنعة، سوى جزء بسيط من احتياجات السوق.

وبينما أشار وزير الصناعة والتجارة والتموين، طارق الحموري، في تصريحات صحافية، إلى أن مخزون المواد الغذائية يكفي احتياجات بلاده لفترة لا تقل عن أربعة أشهر لبعض السلع وأخرى تصل فترة الكفاية منها إلى عام، إلا أنه يتحسب لطول فترة الأزمة، وما ينجم من تداعيات محتملة من إغلاق بعض الأسواق العالمية وحظر تصدير بعض السلع.

وتشهد الأسواق الأردنية والمحال التجارية المختلفة، منذ مساء السبت الماضي، إقبالا غير مسبوق، عقب إعلان الحكومة عن إجراءات لمواجهة الفيروس واسع الانتشار، فيما قدر مسؤولون ومختصون في القطاع التجاري نسبة ارتفاع الطلب على المواد الغذائية منذ مطلع الأسبوع بنحو 80 في المائة، حيث شهدت المولات والمتاجر الكبرى ضغطاً شديداً من قبل المستهلكين.


وحذر رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز، يوم الأحد الماضي، من ارتفاع أسعار السلع بسبب الإقبال غير المبرر عليها، قائلا في رسالة صوتية وجهها للمواطنين، إن "المخزون من السلع الأساسية والغذائية والدوائية كاف ويفيض عن الحاجة، والأردن لم يعلق رحلات الشحن البري والجوي والبحري للسلع والأغذية والأدوية".

لكن الهلع من إمكانية تضرر الأسواق التجارية، يدفع المستهلكين نحو عمليات شراء محمومة بغية تخزين السلع الرئيسية لمواجهة المجهول على حد قول مواطنين.

وبينما اتخذت الحكومة العديد من الإجراءات لدعم القطاعات الإنتاجية والخدمية في الدولة إلا أن اقتصاديين أبدوا قلقاً متزايداً من إمكانية حدوث أزمة اجتماعية خلال الفترة المقبلة، جراء ارتفاع أعداد العاطلين مع تضرر الكثير من الشركات، فضلا عن زيادة الضغوط المعيشية مع ارتفاع الأسعار.

ويعاني الأردنيون بالأساس من تراجع مستويات المعيشية، بسبب الارتفاعات المتوالية في الأسعار، مع زيادة الضرائب وإلغاء الدعم الذي كانت تقدمه الحكومة لبعض السلع والخدمات مثل الخبز والمحروقات قبل نحو عامين.

وأكد أحمد عوض، رئيس المرصد العمالي، أهمية الإجراءات التي اتخذتها الحكومة للمحافظة على السلامة العامة ومنع انتشار المرض، لكن أشار إلى أنه في ذات الوقت يجب الأخذ بعين الاعتبار التبعات السلبية التي ستلحق بأصحاب العديد من القطاعات الاقتصادية والعاملين فيها، ما يتطلب تقديم معونات طارئة لهم لمساعدتهم على تجاوز الظروف الراهنة.

وبلغ معدل البطالة في الأردن 19 في المائة خلال العام الماضي 2019، وفق البيانات الحكومية، فيما تقدر منظمات دولية مثل البنك الدولي النسبة بأكثر من ذلك.

وقال عصام حجازي، الذي يعد أحد أكبر تجار المواد الغذائية واللحوم في الأردن، إنه يتوقع ارتفاع أسعار العديد من السلع خلال الفترة المقبلة بسبب ارتفاع كلفتها في بلد المنشأ، لافتا إلى أن بعض أصناف اللحوم زادت أسعارها بنسبة 30 في المائة مؤخراً.

وتم تشكيل لجنة تنسيقية مشتركة ما بين الحكومة والقطاع الخاص، بغية التنسيق بشأن المحافظة على مخزون السلع وإيجاد البدائل في حال إغلاق بعض الأسواق التي يستورد منها الأردن احتياجاته من السلع لا سيما الغذائية منها.

وقال رئيس نقابة تجار المواد الغذائية، رئيس غرفة تجارة عمان، خليل الحاج توفيق، لـ"العربي الجديد" إن الوضع حالياً مطمئن ولا يبعث على القلق من حيث وفرة المخزون من السلع المصنعة محلياً أو المستوردة، ما يتطلب عدم التهافت على الشراء وتخزين المواد بشكل غير مبرر.

لكن توفيق لا يستبعد أي تطورات إذا ما طال أمد أزمة كورونا، وما ينتج عنها من تداعيات على الاقتصاد العالمي، واحتمال إغلاق بعض الأسواق وحظر تصدير سلع معينة في البلدان المنتجة لها ما يعرض الأمن الغذائي العالمي برمته للخطر.

ووفق محمد عبيدات، رئيس جمعية حماية المستهلك، فإن المرحلة تتطلب تكثيف الرقابة على المحلات التجارية، خاصة أن المواد التموينية التي تباع حالياً مستوردة من قبل، وبالتالي لا يوجد أي مسوغ لرفع أسعارها، مشيرا إلى ضرورة الإسراع في توفير أسواق جديدة لاستيراد الأغذية، للمحافظة على المخزون الاستراتيجي، خاصة مع قرب حلول شهر رمضان نهاية إبريل/نيسان المقبل والذي ترتفع فيه معدلات الاستهلاك بالأساس.

وتأتي تداعيات كورونا، بينما يعاني الاقتصاد الأردني من صعوبات، ما دفع الحكومة إلى طرح حزم عدة لتحفيز الاقتصاد في الأشهر الأخيرة من العام الماضي 2019.

ويرى خبراء اقتصاد أن تداعيات كورونا قد تثني الحكومة عن أي تدابير من شأنها تحميل المواطنين أي أعباء إضافية من أجل الحد من العجز المالي بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي، تفادياً لغضب الشارع في ظل هذه الظروف.

وكانت الحكومة قد اتخذت قرارات صعبة منذ 2018، حين رفعت نسبة الضريبة على عدد كبير من السلع وأوصلتها إلى الحد الأعلى البالغ 16 في المائة، بعد أن كانت لا تتجاوز 8 في المائة. كما أجرت تعديلاً على قانون ضريبة الدخل، بدأ تنفيذه بحلول العام الجاري، ليؤدي إلى زيادة الضرائب على الأفراد وتوسيع قاعدة الخاضعين لضريبة الدخل، ورفع الضريبة أيضاً على عدد من القطاعات الاقتصادية.

المساهمون