المصريون يقبعون تحت مطرقة ارتفاع الأسعار وسندان اختفاء السلع

27 يناير 2017
أزمة طالت رغيف الخبز في مصر (العربي الجديد)
+ الخط -

زادت معاناة المصريين بعد مرور ستة أعوام على ثورة يناير/كانون الثاني 2011، إلا أن السنوات الثلاث الأخيرة تعد الأشد وطأة على الحياة المعيشية، خاصة أنها شهدت زيادات ثقيلة في الأسعار، فاقت على بعض السلع 500%، وتحديداً السلع الغذائية والسلع الاستهلاكية والأدوية والوقود.

وأرجع خبراء سبب ارتفاع أسعار السلع والخدمات إلى الإجراءات التي اتخذتها الحكومة والمتمثلة في تحرير سعر الصرف، ورفع الدعم عن الوقود، وتقليص السلع التموينية، بالإضافة إلى توقف استيراد أكثر من 500 سلعة.

بحسب الخبراء، فإن السوق المصرية شهدت لأول مرة اختفاءً كاملاً لعديد من السلع الضرورية، والأدوية. وبالأرقام، وصل معدل التضخم السنوي في أسعار المستهلكين إلى 24.3% في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، مقابل 19.4% في نوفمبر/ تشرين الثاني، كما ارتفع معدل التضخم الشهري بنسبة 3.4% في ديسمبر الماضي، مقارنة بشهر نوفمبر، مقابل 13% على أساس سنوي، في عام 2011.

السلع الغذائية تشتعل

يقول أحمد يحيى، رئيس شعبة المواد الغذائية في الغرفة التجارية بالقاهرة: "إن أسعار السلع الغذائية شهدت ارتفاعات كبيرة منذ عام 2011، لكن الارتفاع الأكبر ظهر خلال عامي 2015 و2016". ويضيف لـ"العربي الجديد": "شهد العام الماضي اختفاء العديد من السلع، ورفع أسعارها، حيث ارتفع سعر السكر من 5 جنيهات إلى 18 و20 جنيهاً، كما شهدت أسعار الزيت والأرز ارتفاعات كبيرة جداً، بحيث ارتفع سعر كيلوغرام الأرز من 4 جنيهات إلى 10 و12 جنيهاً".

وبحسب يحيى، فإن القرارات الأخيرة التي أصدرتها الحكومة، والمتمثلة في تعويم الجنيه، وضريبة القيمة المضافة، وزيادة أسعار الوقود والكهرباء، تسببت في رفع الأسعار.
من جهة أخرى، يشير إلى أنّ "الأسواق شهدت موجة كساد، وأصبح الشراء مقتصراً على السلع الضرورية فقط، حيث ألغت الأسر المصرية العديد من السلع من قائمة المشتريات المعتادة".

وتعيش الأسواق المصرية حالة من الغليان، إذ يؤكد رئيس شعبة المستوردين في الغرفة التجارية بالقاهرة، أحمد شيحة، أن الأسعار ارتفعت خلال الفترة الماضية نتيجة زيادة سعر الصرف وارتفاع سعر الوقود والجمارك، وتقليص الدعم الموجه لأصحاب بطاقات التموين.

ويقول "تستورد مصر نحو 70% من احتياجاتها من الخارج، ولذا فإن أي زيادة في سعر الصرف تنعكس على أسعار السلع"، موضحاً أن مصر تستورد 90% من زيت الطعام، ونحو ثلث استهلاكها من السكر، ونحو 65% من استهلاك اللحوم، ونحو 30% من استهلاك الدواجن، كما أنها أكبر مستورد في العالم للقمح.

ووفق تقرير صادر عن غرفة الشرقية التجارية، فقد ارتفعت أسعار جميع السلع الغذائية خلال السنوات الست الماضية بنسب متفاوته أقلها كان بنسبة 50%.

وبحسب التقرير الاقتصادي الذي حصل "العربي الجديد" على نسخةٍ منه، والذي يقارن أسعار السلع منذ عام 2011 وحتى عام 2016، فقد ارتفعت الأسعار أكثر من 100%، إذ ارتفع سعر العدس الأصفر من 10 جنيهات إلى 34 جنيهاً، وارتفع سعر الأرز السائب من 3.25 إلى 8 جنيات، وارتفع سعر الزيت من 39 إلى 68 جنيهاً، وارتفع سعر علبة التونة من 3.5 إلى 15 جنيهاً، ناهيك عن ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن.


غياب الدعم

بدوره، يقول نقيب البقالين في مصر وليد الشيخ: "أعلنت الحكومة إلغاء 10 ملايين مواطن من التموين، وهناك اتجاه لحذف 31 مليون مواطن خلال الفترة المقبلة، ليتقلص إجمالي الحاصلين على الدعم إلى 30 مليون مواطن فقط، بدلاً من 71 مليون مواطن يحصلون على الدعم"، لافتاً إلى أن منظومة التموين الجديدة بدأت عام 2014، وكانت حينها أسعار السلع الأساسية (الزيت والسكر والأرز) معقولة، ثم ارتفعت الأسعار عام 2015، وبدأت السلع تختفي تدريجياً من الأسواق.

وأوضح الشيخ أن إجمالي زيادة الدعم منذ بداية تطبيق المنظومة عام 2014 ارتفع من 15 جنيها ثم 18 جنيها ثم إلى 21 جنيها للفرد، لكن في المقابل ارتفعت أسعار السلع الأساسية الثلاث (الزيت والسكر والأرز) الأكثر طلباً.

وبحسب الشيخ، فإن منظومة الدعم الجديدة فشلت في مهامها، إذ إن رفع نسبة الدعم من 15 جنيهاً إلى 21 جنيهاً، لم يكن إنجازاً هاماً، كون هذه الزيادة لم تتماش مع معدلات التضخم.

أما مستشار وزارة التموين لقطاع الرقابة والتوزيع السابق، هشام كامل، فيبيّن في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "منظومة التموين الجديدة التي أقرها وزير التموين السابق خالد حنفي، كانت لمصلحة التجار ولم تكن في مصلحة المواطن".

ويضيف "كلفت كل من منظومتي السلع التموينية والخبز، ميزانية الدولة نحو 48 مليار جنيه خلال عام 2016 نصفها خصص لدعم الأشخاص غير المستحقين".

السلع الاستهلاكية

ولم تسلم السلع الاستهلاكية الأخرى من موجة الارتفاع، حيث شهدت الأدوات المنزلية والكهربائية، ومواد البناء، والحديد والإسمنت والدهانات والأخشاب، ارتفاعات كبيرة.

ويقول رئيس شعبة الأدوات المنزلية والكهربائية في الغرفة التجارية بالقاهرة، أشرف هلال، في تصريحات خاصة، إن أسعار السلع الاستهلاكية والأجهزة الكهربائية ارتفعت بنسبة تراوح بين 60 و70% نتيجة قرارات تقييد الاستيراد التي فرضتها وزارة الصناعة والتجارة، ثم ارتفعت لأكثر من 300 و400% بعد قرار تعويم الجنيه وزيادة أسعار الوقود والكهرباء.

كما يشير إلى أن أسعار الأدوات المنزلية والكهربائية ارتفعت بنسب تراوح بين 30 إلى 60% في بداية العام الماضي ثم قفزت إلى أكثر من 250% بعد تعويم الجنيه، وبمقارنتها بعام الثورة، فقد قفزت أكثر من 400%.

أما بالنسبة إلى أسعار مواد البناء، فيقول عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية، أحمد الزيني، "شهدت أسعار جميع مواد البناء زيادة خلال الفترة الماضية تراوحت بين 100 و150%".

المساهمون