مصادر "العربي الجديد": هذه قصة خلاف بشار الأسد ورامي مخلوف

08 سبتمبر 2019
خلافات مستعرة بين الأسد ومخلوف (فرانس برس)
+ الخط -

أكدت مصادر خاصة من العاصمة السورية دمشق، لـ"العربي الجديد"، أنّ رئيس النظام السوري بشار الأسد، عيّن ضابطاً في القصر الجمهوري، أمس السبت، بمنصب مدير عام شركة "سيريتل" للاتصالات المملوكة لابن خاله رامي مخلوف.

ولم تفصح المصادر عن اسم الضابط، مكتفية بالقول إنّه "برتبة عميد ومقرّب من بشار الأسد" مضيفة أنّ "المدير الجديد واسع الصلاحيات ومرجعيته فقط الرئيس بشار وزوجته أسماء، ولم يعد من صلاحيات للمديرة التنفيذية للشركة ماجدة صقر، ومدير الموارد البشرية سهيل صهيون، أو لغيرهم من مديري الفروع في المحافظات أو الخارج".


وأشارت المصادر إلى أنّ هذا الموضوع هو حديث الشارع في دمشق، "ولكن بشكل سري، كما أنّ السوريين يرون أنّ الخلاف بين بشار الأسد وخاله محمد مخلوف، وابنه رامي، وراء تهاوي الليرة السورية، حيث لامس سعر الدولار، مساء الأحد، 690 ليرة سورية"، وهو أدنى سعر تتهاوى إليه الليرة في تاريخ سورية.

ولفتت المصادر إلى أنّ التكهنات والشائعات منتشرة في سورية، بواقع التكتم على الأحداث والخلافات داخل "الأسرة الحاكمة"، كما أنّ ثمة تحذيراً لموظفي شركة "سيريتل" بعدم الخوض أو نقل أي معلومات خارجها، تحت طائلة المعاقبة بالطرد.


وتناقلت وسائل إعلامية عدة، أخباراً حول خلافات بين الأسد وزوجته أسماء الأخرس من جهة، وبين خاله محمد مخلوف وأولاده المتنفذين، من جهة أخرى.

وكشفت مصادر وصفت نفسها بالمطلعة على تفاصيل الخلاف، بين الأسد وخاله محمد مخلوف وأولاده، الذي طفا قبل أيام، عن أنّ هناك ترابطات بين الشركات العائدة لآل مخلوف والأسد الشريك الأساس فيها، بالداخل والخارج؛ بين دمشق واللاذقية بسورية، ولبنان، وجنوب أفريقيا، وماليزيا، والنمسا ودبي في الخارج.

ولا أحد، بحسب المصادر من دمشق، يعرف تفاصيل عن الشركات وأرباحها ومواقعها سوى محمد مخلوف وأولاده ومحامي الشركات.

ولأنّ روسيا طلبت مبلغاً كبيراً يُقدّر بنحو ثلاثة مليارات دولار من الأسد، لتسديد بعض الديون المستحقة، فقد طلب الأخير بدوره من خاله محمد مخلوف (84 عاماً) "المريض جداً" المبلغ، لكن رامي تعذّر بحجة عدم وجود "كاش" حالياً، ما دفع الأسد لإصدار أمر باستحضار مديري الشركات والدفاتر والوثائق، بحسب المصادر.

ولأنّ طريقة استحضار المديرين والوثائق جرت عبر أمن القصر الرئاسي وسياراته، فقد تضخم الأمر قليلاً وظن بعضهم، بعد نشر الخبر من عاملين بشركات رامي مخلوف في دمشق واللاذقية، أنّ القصة تصفية أموال الشركات أو قد تنتهي باعتقال رامي مخلوف.


وأكدت المصادر أنّ "زوجة بشار الأسد أسماء، هي من طلبت وثائق الشركات لتُجري مراجعة وتتأكد من الأرقام التي يتم تزويد زوجها بها عن أرباح الشركات"، وذلك بعد ما قيل عن شفائها من مرض السرطان، أخيراً.

وتوقعت المصادر الخاصة في حديثها، لـ"العربي الجديد"، أنّ "قرارات حكومية عليا، ربما تصدر قريباً في دمشق، تتعلّق بالحجز على أموال بعض كبار رجال الأعمال في سورية"، مستبعدة أن يكون رامي مخلوف أو أحد أخويه إياد وإيهاب بينهم، مرجحة أن "تكسر الجرة برأس أحد ممن قيل عن بدء تحقيق هيئة غسل الأموال في دمشق معهم، وفي مقدمتهم؛ أيمن جابر ومحمد حمشو".

ولم تستبعد المصادر أن يكون الأمر "تلميعاً" لصورة الأسد التي اهتزت في الأوساط السورية وأمام قطاع الأعمال الذي يموّل بعضه حرب النظام على الثورة، ولا سيما أنّ روسيا راضية عن إجراءات بدأت تطاول أخيراً، كبار رجال الأعمال بتهمة الفساد "بما في ذلك ملف الفساد في المؤسسة الرئاسية والذي تشرف على متابعته أسماء الأسد، بعد إجازة لونا الشبل بداعي الإنجاب".

وتلفت المصادر إلى "وجود خلاف كبير بين أسماء الأسد والشبل، وأنّ الأولى طردتها من القصر عام 2017، بينما هناك ثمة رضى من بشار وروسيا عن الشبل".


غير أنّ مصادر متطابقة من العاصمة السورية، قد كشفت، لـ"العربي الجديد"، أنّ هناك سببين للخلاف بين الأسد ورامي مخلوف؛ الأول هو طلب روسيا سداد ديون عاجلة، بين 2 أو 3 مليارات دولار، وما نتج من تلكؤ رامي مخلوف الذي يوظف أموال بشار، بتأمين المبلغ".

وتابعت المصادر أنّ "السبب الثاني، وهو الأهم، هو أنّ محمد مخلوف، خال بشار الأسد، الذي يقيم خارج سورية بشكل شبه دائم منذ سنوات في روسيا، ويدير معظم الأزمات المالية للأسد، كملف الحجز على الأموال وخرق العقوبات وحتى دفع مبالغ لموسكو، يعاني من حالة صحية متردية هذه الفترة، ما أخاف الأسد الذي طلب وثائق تتعلق بالأموال والشركات التي يديرها أولاد محمد مخلوف وللأسد حصة كبيرة فيها"، مشيرة إلى أنّ "رامي الابن الأكبر لمحمد مخلوف لم يعط الوثائق ولا حتى المبلغ المطلوب لروسيا، ما ولّد هذا الخلاف".

وحول الأعمال التي يديرها مخلوف، وللأسد حصة فيها، داخل سورية وخارجها، أوضحت المصادر، أنّه "يوجد في سورية عشرات الشركات والمصارف وشركات التأمين العائدة لمخلوف، أو له حصة كبيرة فيها؛ منها (سيريتل) للاتصالات والحصة الأكبر بشركة الاتصالات الثانية بسورية (تسعة أربعة)، فضلاً عن شركات استيراد (راماك) وشركة (شام) القابضة وجمعية البستان، بالإضافة إلى أنّ الأسد شريك رئيس في ثلاثة مصارف وشركتي تأمين وشركة (شام) القابضة وغيرها".

لكنّ المصادر استدركت بالقول إنّ "أموال بشار الأسد دخلت حتى عالم المخدرات، سواء بالتشارك مع لبنان أو عبر رامي مخلوف، وهذا ليس تخميناً أو اتهاماً، بل سعي من رئيس النظام لإخراج الأموال من سورية، منذ عام 2012، وهو ما دفعه للعمل عبر جميع الطرائق وعبر واجهات كثيرة، منها عبر رامي مخلوف وسامر فوز".

ويقول المسؤول الإعلامي السابق بشركة رامي مخلوف الأم "إس تي إس" محمد فراس منصور، لـ"العربي الجديد"، "لا أعلم حجم أموال رامي مخلوف، لكنها بالمليارات، وجزء من أموال بشار الأسد يشغلها مخلوف وأجزاء أخرى يشغلها آخرون مثل سامر فوز، أخيراً، ومحمد حمشو قبله".

وكشف منصور أنّه "لدى رامي مخلوف شركاء كثر، وواجهات يستخدمهم في سورية، منهم نادر قلعي ونبيل الكزبري سابقاً، وأنس بندقجي الذي يدير الشركة الأم وقلّما يرد اسمه في الإعلام".

وتوقع المسؤول الإعلامي السابق لدى رامي مخلوف أن يتم "حل الخلاف بين الأسد ومخلوف، سواء عبر المراجع الدينية العلوية في مدينة اللاذقية أو عبر تدخل دولي، وروسي بشكل خاص"، مضيفاً أنّه "ليس في مصلحة الدول الإقليمية وسواها كشف المستور بين الأسد ومخلوف لأنّ أطرافاً دولية كثيرة متورطة، خاصة بعد العقوبات الأميركية والأوروبية وخرقها".

وكان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، قد أدرجا رامي مخلوف وسامر فوز، على قائمة العقوبات، بسبب دورهما في دعم قوات النظام السوري، وبعض مشروعات الإعمار التي ربطت الدول الغربية المساهمة فيها بالحل السياسي.

كما كشفت "وثائق بنما" المسربة من شركة "موساك فونسيكا" للخدمات القانونية، عام 2016، أنّ ابني خال الرئيس السوري بشار الأسد، رامي وحافظ مخلوف، كوّنا ثروتيهما بناءً على استغلال الروابط الأسرية لعائلة الأسد، طوال سنوات.

وأضافت الوثائق، أنّه كان على أي شركة أجنبية تسعى إلى القيام بأعمال تجارية في سورية، اللجوء إلى رامي مخلوف الذي سيطر على القطاعات الاقتصادية الرئيسية مثل النفط والاتصالات السلكية واللاسلكية.

كما أشارت "وثائق بنما" إلى تسهيل العميد حافظ مخلوف الضابط في الاستخبارات السورية، صفقات أخيه رامي وتقوية نفوذه والقضاء على منافسيه، كاشفة أنّه في عام 1998، كوّن رامي مخلوف علاقات مع المستثمرين الأردنيين في مجال الاتصالات، وفي عام 2002، شارك مخلوف في تأسيس شركة "سيريتل"، وهي شركة الاتصالات الخليوية في سورية، مشيرة إلى خفايا التزاوج بين المال والسياسة، حيث أوردت تفاصيل عن الملياردير السوري الذي سيطر على اقتصاد البلاد لكونه ابن خال الأسد، مع استثمارات امتدت إلى قطاعات البترول والاتصالات.

المساهمون