بات النفط محورا مهماً في الصراع على الموارد المالية اليمنية بين الحكومة الشرعية المدعومة من السعودية والإمارات، وجماعة الحوثيين التي لا تزال تسيطر على العاصمة صنعاء.
وتسيطر حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، على حقول النفط في جنوب وشرق البلاد، واستأنفت منذ منتصف أغسطس/ آب 2016 إنتاجه وتصديره من حقول المسيلة بمحافظة حضرموت (شرق)، لكن الإنتاج لا يزال متوقفاً في كل من محافظة شبوة ومشروع الغاز المسيل، نتيجة عدم توفر الحماية الأمنية، كما لا يزال الإنتاج متوقفاً في حقول "صافر"، بسبب وقوع خط أنابيب النفط في مناطق سيطرة الحوثيين.
ويطالب الحوثيون بحصة من النفط المخزن في ميناء نفطي رئيسي لتصدير الخام بمحطة رأس عيسى على البحر الأحمر (شمال غربي اليمن)، والميناء عبارة عن باخرة ضخمة عائمة بها عدة خزانات لتخزين الخام، وتحمل نحو 1.2 مليون برميل من النفط وباتت مهددة بخطر حدوث تسرب نفطي بسبب تخزين الخام فترات طويلة ودون صيانة كافية.
واستثمر الحوثيون قلق المجتمع الدولي من خطر حدوث تسرب نفطي في البحر الأحمر، في المطالبة بتقاسم عائدات النفط الذي يتم تصديره من مناطق الحكومة الشرعية، ودعا قيادي حوثي، بداية الشهر الجاري، الأمم المتحدة إلى ترتيب آلية لبيع النفط الخام اليمني، وتوريد عائداته إلى بنكي صنعاء وعدن بهدف استخدام إيراداته لتمويل استيراد الوقود، وصرف مرتبات موظفي القطاع العام كلّ في نطاق سيطرته.
وقال عضو "المجلس السياسي الأعلى" التابع للحوثيين، محمد علي الحوثي: "ندعو الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى وضع آلية تقوم على بيع النفط الخام اليمني ومنها نفط خزان صافر العائم في ميناء رأس عيسى النفطي في البحر الأحمر".
وأضاف في تغريدة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، أن ذلك سيعمل على توفير واستيراد البترول والديزل والغاز المنزلي كونها مواد ضرورية للمواطنين.
ويعتبر النفط المحرك الرئيس لاقتصاد اليمن، ويمثل 70% من موارد الموازنة، و63% من الصادرات، و30% من الناتج المحلي، وتمثل عائداته نسبة كبيرة من موارد النقد الأجنبي، ومنذ استئناف تصدير النفط من بعض حقول شرق البلاد يبلغ الإنتاج 45 ألف برميل يوميا فقط.
وساعد ارتفاع أسعار النفط في السوق العالمية خلال العام الماضي في ارتفاع عائدات الحكومة من بيع النفط، وبلغت قيمة تصدير نفط المسيلة كل شهرين نحو 150 مليون دولار، بحسب البنك المركزي اليمني.
وكانت الحكومة قد اتهمت الحوثيين في بداية الشهر الجاري بمنع تفريغ سفينة صافر النفطية الراسية في ميناء رأس عيسى، والتي تحوي أكثر من مليون برميل من الخام، محذرة من المخاطر البيئية الكارثية المحتملة جراء ذلك.
ودعا رئيس الحكومة، معين عبد الملك، خلال لقائه منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، ليزا غراندي، بالعاصمة المؤقتة عدن، الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للتحرك المطلوب بالتنسيق مع الحكومة لتفادي خطر تسرب نفطي سيترك تداعيات خطيرة.
واعتبر الخبير النفطي، عبد الواحد العوبلي، أن الصراع الجديد حول عائدات النفط ستترك تداعيات على الاقتصاد بشكل عام، مشيراً إلى أن طلب الحوثيين قد يجد تجاوبا من الأمم المتحدة، ما يعني انقسام اليمن إلى حكومتين تتقاسمان عائدات النفط والمصرف المركزي.
وحذر العوبلي في حديثه لـ"العربي الجديد" من انفجار محتمل لباخرة النفط صافر، نتيجة التجاذبات السياسية، قائلا: "هناك خلافات بشأن الوسائل الممكنة للتعامل مع حالة الباخرة وصراع حول المبالغ والعمولات، بينما الوقت ينفد والكارثة باتت وشيكة، وانفجارها سيضرب الاقتصاد اليمني و التجارة البحرية في البحر الأحمر".
وأوضح أن أحد الحلول، التي طرحت يتم سحب الباخرة إلى البحرين، من قبل شركة متخصصة بهذا النوع من الأعمال، وكانت الأمور تمضي بهذا الاتجاه، وكانت الشركة البحرينية بدأت تجهز لهذه المهمة، لكن خلافات بين الطرفين أحبطت النقل بالإضافة إلى الحالة الفنية للباخرة المتهالكة.
وكشف مسؤولون لـ"العربي الجديد" عن فشل محاولات الأمم المتحدة لتفريغ خزانات السفينة "صافر" في محطة رأس عيسى لتصدير النفط على البحر الأحمر، مؤكدين أن الوقت ينفد وأن السفينة المتهالكة مهددة بالانفجار في أي وقت.
وأوضح مسؤول في شركة صافر المحلية للنفط، رفض ذكر اسمه، أن اتفاقا تم بخصوص تولي الأمم المتحدة عملية التقييم الفني للسفينة "صافر" وإجراء عملية صيانة قبل تفريغ النفط الخام، لكن الفريق الأممي أكد عدم إمكانية تفريغ الخزانات بسبب تهالك السفينة وعدم القدرة على سحب النفط نتيجة توقف عمل الغلايات".