تواجه أوروبا خياراً صعباً في صراع الحرب التجارية الدائرة بين واشنطن وبكين، إذ عليها أن تحدد موقفها مع من ستتحالف، مع الصين التي لديها الأسواق الاستهلاكية الضخمة، ولكنها تؤثر سلباً على مستقبل صناعاتها واقتصادها، أم مع الحليف التقليدي، الولايات المتحدة، التي ترتبط معها بحلف دفاعي ونظام السوق الحر، ولكنها تفرض على صادراتها عقوبات الرسوم وتعيش فترة من الخلافات الحادة مع إدارة الرئيس دونالد ترامب الحالية بشأن الرسوم والنزاعات التجارية والسياسية.
ومنذ صعود ترامب للحكم في الولايات المتحدة في بداية عام 2017، تدور خلافات حادة على عدة جبهات بين بكين وواشنطن ربما تتحوّل إلى حرب باردة في أية لحظة، شبيهة بتلك الحرب التي كانت تدور بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي في القرن الماضي.
في هذا الشأن، يرى معهد غيتستون للدراسات الاستراتيجية السويسري أن الاستمرار في العلاقات الاقتصادية القوية مع الصين سيقود لاحقاً إلى تعزيز النفوذ السياسي لبكين في أوروبا، مثلما هو حادث حالياً بالنسبة للنفوذ الروسي على أوروبا عبر تصدير الغاز. وهو ما تتخوف منه الولايات المتحدة التي تخطط لإنشاء تحالف عريض لمحاصرة التنين الصيني، خلال قمة الدول الغنية المقبلة في سبتمبر/ أيلول المقبل بمنتجع كامب ديفيد. وتعول إدارة ترامب على أوروبا في محاصرة الصين، إذ إنها السوق الكبرى بعد الولايات المتحدة.
وفي المقابل، فإن لدى دول الاتحاد الأوروبي علاقات تجارية واستثمارية قوية مع الصين. وتتفق هذه الدول حول مواضيع رئيسية مع الصين، من بينها العولمة وحرية التجارة وقضايا المناخ، ولكنها تختلف معها في قضايا الحريات السياسية والضغوط الأمنية على هونغ كونغ التي تتمتع بحكم ذاتي عن البر الصيني.
اقــرأ أيضاً
وبحسب إحصائيات "يورو ستات"، تعد الصين ثالث أكبر شريك تجاري لدول الاتحاد الأوروبي، إذ بلغت صادراتها لدول الاتحاد في العام الماضي 2019 نحو 361 مليار يورو، وهو ما يعادل نسبة 9% من إجمالي الصادرات الأوروبية، بينما بلغت واردات الكتلة الأوروبية من الصين نحو 198 مليار يورو، وهو ما يعادل نسبة 19% من وارداتها. وهو ما يعني أن الميزان التجاري بين الصين ودول الكتلة يرجح وبنسبة كبيرة لصالح التنين الصيني.
وتنوي الصين توقيع اتفاق شامل للاستثمار مع دول الاتحاد الأوروبي خلال القمة المشتركة بين بكين وبروكسل التي كان متوقعاً لها أن تقام في سبتمبر/ أيلول المقبل، ولكنها تأجلت بسبب جائحة كورونا، بحسب تقارير ألمانية.
وحتى الآن لم تغير ألمانيا التي ستتولى رئاسة المجموعة الأوروبية في يوليو/ تموز المقبل موقفها تجاه الصين، على الرغم من الانتقادات الخفيفة التي وجهتها لبكين بخصوص القانون الأمني الصيني الجديد في هونغ كونغ.
وبحسب دراسة معهد غيتستون السويسري للدراسات الاستراتيجية، فإن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل تواجه ضغوطاً من الشركات الكبرى في ألمانيا في الاحتفاظ بالعلاقات التجارية مع الصين بعيداً عن الصراع بين بكين وواشنطن، خاصة شركات السيارات التي تستثمر عشرات مليارات الدولارات في السوق الصيني.
أمام هذه المصالح، تتخوّف دول الاتحاد الأوروبي من الاستثمارات الصينية في الشركات الأوروبية، خاصة سوق التقنية. ويرى محللون أن الصين بما تملكه من يد عاملة رخيصة وكلفة تصنيع منخفضة وإدارة مركزية للاقتصاد يمكنها التفوق على منافستها الأوروبية في السيطرة تدريجياً على قطاع التقنية الأوروبي وتوظيفه لصالح الصناعة في الصين، وتوسع تلقائياً من تمددها في السوق الأوروبي على حساب الشركات الأوروبية وتهدد سوق العمل مثلما حدث في الأعوام التي تلت أزمة المال.
اقــرأ أيضاً
وتزايدت المخاوف الأوروبية من الصين خلال العام الجاري، تحت وطأة جائحة فيروس "كوفيد 19" وتداعياتها المالية السلبية على الشركات الأوروبية التي وضعت العديد منها على تحت ظروف مالية يرثى لها وهددتها بالإفلاس، وبالتالي ربما تصبح فريسة سهلة للسيطرة عليها من قبل الشركات الصينية.
في هذا الشأن، شدد حكومات دول الاتحاد الأوروبية خلال الشهر الماضي من إجراءات فحص الصفقات الأجنبية لحيازة حصص في شركاتها، وأدخلت كل من ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا بنوداً جديدة على قوانينها، كما دعمت السلطات الممنوحة لوزارات التجارة ومؤسسات الأمن القومي لفحص الصفقات الأجنبية.
على صعيد العلاقات الأميركية، فإن أوروبا ترتبط تقليدياً بعلاقات تجارية واقتصادية ودفاعية متينة مع الولايات المتحدة، ولكن إدارة الرئيس ترامب هددت هذه العلاقات خلال السنوات الأخيرة. ويرى محللون أن إدارة ترامب ساهمت إلى درجة ما في خلخلة التماسك داخل دول الاتحاد الأوروبي عبر دعم الحركات الشعبوية والانفصالية، كما فرضت رسوماً تجارية كبيرة على صادراتها في قطاع السيارات وقطع الغيار والمنتجات الغذائية.
وهناك خلافات ضخمة بين إدارة ترامب والمستشارة الألمانية ميركل التي تقود إلى جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الكتلة الأوروبية في قضايا منظمة التجارة العالمية التي تنظم الانسياب الحر للبضائع والخدمات، وتعارض بشدة السياسة الانعزالية ومبدأ" أميركا أولاً" الذي تنتهجه إدارة ترامب.
ولكن رغم هذه الخلافات، فإن أميركا تظل الشريك التجاري الرئيسي لدول الاتحاد الأوروبي. وبحسب إحصائيات "يوروستات" بلغت صادرات الكتلة الأوروبية للولايات المتحدة في العام الماضي336.7 مليار دولار، بينما بلغت وارداتها منها 178.4 مليار دولار.
ومنذ صعود ترامب للحكم في الولايات المتحدة في بداية عام 2017، تدور خلافات حادة على عدة جبهات بين بكين وواشنطن ربما تتحوّل إلى حرب باردة في أية لحظة، شبيهة بتلك الحرب التي كانت تدور بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي في القرن الماضي.
في هذا الشأن، يرى معهد غيتستون للدراسات الاستراتيجية السويسري أن الاستمرار في العلاقات الاقتصادية القوية مع الصين سيقود لاحقاً إلى تعزيز النفوذ السياسي لبكين في أوروبا، مثلما هو حادث حالياً بالنسبة للنفوذ الروسي على أوروبا عبر تصدير الغاز. وهو ما تتخوف منه الولايات المتحدة التي تخطط لإنشاء تحالف عريض لمحاصرة التنين الصيني، خلال قمة الدول الغنية المقبلة في سبتمبر/ أيلول المقبل بمنتجع كامب ديفيد. وتعول إدارة ترامب على أوروبا في محاصرة الصين، إذ إنها السوق الكبرى بعد الولايات المتحدة.
وفي المقابل، فإن لدى دول الاتحاد الأوروبي علاقات تجارية واستثمارية قوية مع الصين. وتتفق هذه الدول حول مواضيع رئيسية مع الصين، من بينها العولمة وحرية التجارة وقضايا المناخ، ولكنها تختلف معها في قضايا الحريات السياسية والضغوط الأمنية على هونغ كونغ التي تتمتع بحكم ذاتي عن البر الصيني.
وتنوي الصين توقيع اتفاق شامل للاستثمار مع دول الاتحاد الأوروبي خلال القمة المشتركة بين بكين وبروكسل التي كان متوقعاً لها أن تقام في سبتمبر/ أيلول المقبل، ولكنها تأجلت بسبب جائحة كورونا، بحسب تقارير ألمانية.
وحتى الآن لم تغير ألمانيا التي ستتولى رئاسة المجموعة الأوروبية في يوليو/ تموز المقبل موقفها تجاه الصين، على الرغم من الانتقادات الخفيفة التي وجهتها لبكين بخصوص القانون الأمني الصيني الجديد في هونغ كونغ.
وبحسب دراسة معهد غيتستون السويسري للدراسات الاستراتيجية، فإن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل تواجه ضغوطاً من الشركات الكبرى في ألمانيا في الاحتفاظ بالعلاقات التجارية مع الصين بعيداً عن الصراع بين بكين وواشنطن، خاصة شركات السيارات التي تستثمر عشرات مليارات الدولارات في السوق الصيني.
أمام هذه المصالح، تتخوّف دول الاتحاد الأوروبي من الاستثمارات الصينية في الشركات الأوروبية، خاصة سوق التقنية. ويرى محللون أن الصين بما تملكه من يد عاملة رخيصة وكلفة تصنيع منخفضة وإدارة مركزية للاقتصاد يمكنها التفوق على منافستها الأوروبية في السيطرة تدريجياً على قطاع التقنية الأوروبي وتوظيفه لصالح الصناعة في الصين، وتوسع تلقائياً من تمددها في السوق الأوروبي على حساب الشركات الأوروبية وتهدد سوق العمل مثلما حدث في الأعوام التي تلت أزمة المال.
في هذا الشأن، شدد حكومات دول الاتحاد الأوروبية خلال الشهر الماضي من إجراءات فحص الصفقات الأجنبية لحيازة حصص في شركاتها، وأدخلت كل من ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا بنوداً جديدة على قوانينها، كما دعمت السلطات الممنوحة لوزارات التجارة ومؤسسات الأمن القومي لفحص الصفقات الأجنبية.
على صعيد العلاقات الأميركية، فإن أوروبا ترتبط تقليدياً بعلاقات تجارية واقتصادية ودفاعية متينة مع الولايات المتحدة، ولكن إدارة الرئيس ترامب هددت هذه العلاقات خلال السنوات الأخيرة. ويرى محللون أن إدارة ترامب ساهمت إلى درجة ما في خلخلة التماسك داخل دول الاتحاد الأوروبي عبر دعم الحركات الشعبوية والانفصالية، كما فرضت رسوماً تجارية كبيرة على صادراتها في قطاع السيارات وقطع الغيار والمنتجات الغذائية.
وهناك خلافات ضخمة بين إدارة ترامب والمستشارة الألمانية ميركل التي تقود إلى جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الكتلة الأوروبية في قضايا منظمة التجارة العالمية التي تنظم الانسياب الحر للبضائع والخدمات، وتعارض بشدة السياسة الانعزالية ومبدأ" أميركا أولاً" الذي تنتهجه إدارة ترامب.
ولكن رغم هذه الخلافات، فإن أميركا تظل الشريك التجاري الرئيسي لدول الاتحاد الأوروبي. وبحسب إحصائيات "يوروستات" بلغت صادرات الكتلة الأوروبية للولايات المتحدة في العام الماضي336.7 مليار دولار، بينما بلغت وارداتها منها 178.4 مليار دولار.