دبي تحت الركود... أزمات مالية وعقارية وفشل في إنعاش الاقتصاد

04 يناير 2019
أسعار العقارات في دبي تهبط 30% (Getty)
+ الخط -
حذر رجال الأعمال من أن سلسلة من الإجراءات الحكومية في السنوات الأخيرة فشلت في إنعاش اقتصاد دبي، في وقتٍ تكافح الإمارة للتخلص من الركود  الذي دام أربع سنوات.

ويخشى كبار رجال الأعمال والمسؤولين، وفق تقرير نشرته "فايننشال تايمز" الخميس، من أن الأزمة التي اندلعت في عام 2015 بسبب التراجع في أسعار النفط  لن تخف حدتها، على الرغم من ارتفاع أسعار الخام في العام الماضي، والتي كان من المتوقع أن تعزز الثقة في مدينة تشتهر بإعادة تدوير البترودولار.

التوتر مع إيران المجاورة المغلف بالحرب الدامية في اليمن، فضلاً عن الحصار المفروض على قطر، قد ضاعف تباطؤاً هيمن على السياحة والتجارة، وسوق التجزئة.

وقال حسنين مالك، رئيس قسم أبحاث الأسهم في شركة "إكزوتيك كابيتال" للصحيفة البريطانية: "تستمر دبي في مواجهة الإفراط في العرض في قطاع العقارات، وتباطؤ نمو الوظائف، وارتفاع تكاليف المعيشة، والتشدد المالي".

وتراجعت أسعار العقارات بنسبة تقترب من 30% من ذروتها في عام 2014، وفقاً لموقع "بيوت دوت كوم". وأدى قطاع العقارات إلى تراجع سوق دبي المالي، إحدى أسوأ البورصات أداء في العالم في عام 2018. وقد أدى انخفاض الإنفاق في الدرهم المرتبط بالدولار إلى تضرر المطاعم وتجارة التجزئة.

وأكد تقرير نشرته وكالة "بلومبيرغ" نهاية 2018، أن مؤشر سوق دبي المالي العام تراجع بنسبة 24%، أكثر من أي مؤشر رئيسي آخر في العالم، ومعظم هذا التراجع جاء تحت ضغط أسهم شركات التطوير العقاري والشركات العقارية.

ويتوقع صندوق النقد الدولي حدوث انتعاش في النمو من 3.3% في 2018 إلى 4.1% هذا العام، مع استعداد مدينة دبي لاستضافة "معرض إكسبو دبي 2020"، إذ رصدت خطة ميزانية 2019 الإنفاق على البنية التحتية استباقاً لهذا الحدث.

لكن العائلات التجارية الكبرى في الإمارة، النشطة في العقارات والبناء والبيع بالتجزئة، حذرت من انخفاض الإيرادات بنسبة تصل إلى 40% هذا العام. وقال مسؤول كبير في دبي: "لا يوجد الكثير مما يمكننا القيام به. جميع المشاكل الجيوسياسية تثقل كاهل المنطقة بأكملها، ونحن على وجه الخصوص".

وأظهرت بيانات رسمية، نشرتها وكالة "رويترز" أوائل الشهر الماضي، توقف نمو عدد الزائرين الأجانب لإمارة دبي في الأشهر التسعة الأولى من 2018، وذلك في تباطؤ حاد للقطاع السياحي. في حين قال البنك المركزي الإماراتي مطلع ديسمبر/ كانون الأول إن إجمالي التوظيف نما 0.6% في الربع الثالث من 2018، وهو أبطأ معدل في أكثر من أربع سنوات.

وتظهر الإحصاءات الرسمية أن عدد سكان الإمارة تجاوز 3.1 ملايين نسمة في عام 2018، كما أن هناك توجها باستبدال المديرين التنفيذيين الذين يتقاضون أجوراً عالية، بموظفين أقل خبرة.

وظل البريطانيون، الذين كانوا في السابق العمود الفقري للاقتصاد، يغادرون البلاد بأعداد كبيرة منذ أن بلغ عدد سكان الإمارات ذروته قبل انهيار النفط، بنحو 130 ألف شخص. بينما كانت آخر حصيلة رسمية في العام الماضي تبلغ نحو 100 ألف شخص.

في حين أن الجنوب آسيويين الذين كانوا يعتبرون المدينة في الماضي مستودعًا للثروة وغسل الأموال، يشعرون بالقلق من امتثال أكبر من قبل الإمارات لفتح حساباتهم أمام الرقابة الضريبية في بلادهم.

وقد اشتهرت الإمارة منذ فترة طويلة كمركز معفى من الضرائب، ولكن مع فرض ضريبة على القيمة المضافة بنسبة 5% في بداية عام 2018، زاد الروتين الحكومي والضغط على ثقة المستهلك. "كل هذه المشاكل تأتي في نفس الوقت"، قال أحد رجال الأعمال الإماراتيين لـ "فايننشال تايمز". وتابع: "الحروب والضرائب ليست جيدة".

وتشكو المؤسسات التجارية في دبي بصخب من تكلفة الرسوم الحكومية، من التأشيرات إلى تجديدات التراخيص، والتي تمثل، إلى جانب الضرائب، 92% من إيرادات الدولة. وقد دعت شركات عدة إلى فرض ضريبة الشركات بدلاً من متاهة هيكل الرسوم السائدة. وقال أحد المديرين: "هكذا على الأقل أستطيع أن أدفع الضرائب عندما أحقق أرباحاً، بدلاً من الاضطرار إلى الدفع أثناء خسارة المال".

ودعا رجل الأعمال الكبير في دبي خلف الحبتور، إضافة إلى غيره، إلى إلغاء ضريبة القيمة المضافة مؤقتاً، وحث على التوقف عن بناء الفنادق. واضطر أصحاب الفنادق إلى خفض أسعار الغرف إلى أدنى مستوياتها منذ 14 عاماً لامتصاص تداعيات ارتفاع أعداد الغرف الجديدة.
المساهمون