بعد تصعيد النزاع التجاري .. توجه أميركي للتحالف مع روسيا

16 مايو 2019
بوتين مع الوفد الأميركي في منتدى آسيان (Getty)
+ الخط -




ما الذي ستجنيه روسيا من تصعيد ترامب المفاجئ مع الصين في النزاع التجاري؟ وهل يعود ترامب إلى التحالف مع روسيا ضد الصين، كما كان مخططاً لذلك قبل التحقيقات معه بشأن علاقاته بموسكو؟

سؤال طُرح بشده، خلال الأيام الماضية، في عواصم غربية، خاصة بعد أن طلبت واشنطن، وبشكل غير متوقع، من روسيا، لقاء على أعلى مستوى خلال قمة العشرين التي ستعقد هذا الصيف في اليابان.

ولم تستبعد صحيفة "غازيتارو" الروسية، حدوث لقاء بين الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب، على هامش القمة المقبلة لمجموعة العشرين. وكانت آخر مرة التقى فيها الرئيسان في صيف عام 2018 في هلسنكي، ولكن حينها لم تحقق المباحثات نجاحاً، بسبب التهم الموجهة لترامب بالتآمر مع روسيا. ولكن بعد خفوت هذه التهم، يرى خبراء أن نافذة جديدة قد فتحت أمام بناء محور موسكو وواشنطن.

على صعيد الفوائد الاقتصادية، يرى رئيس مركز الاتصالات الاستراتيجية، دميتري أبزالوف، في تعليقات لصحيفة "فزغلياد" الروسية، أن المواجهة بين الولايات المتحدة والصين تمنح روسيا مواقف تفاوضية فاعلة في استراتيجية الطاقة. فـ"ترامب، لا يمكنه عرقلة مبيعات النفط الإيراني من دوننا، وكذلك إيقاف نشاط إيران في سورية من دون موافقتنا، ووقف أنشطة الصين الاقتصادية والاستثمارية في إيران".

وأشار إلى أن "الحرب التجارية" تضرب بشكل جدي وتيرة النمو الاقتصادي في إيران. ويشير الخبير الروسي إلى الدور الحيوي الذي تلعبه روسيا في المنطقة العربية لصالح الولايات المتحدة، وترغب في قبض ثمن مقابل هذه الخدمات. 

لكن أبزالوف شدد في تصريحاته على أن النزاع التجاري بين واشنطن وبكين لن يكون مريحاً لروسيا إذا استمر لفترة طويلة، ويقول، في تعليقاته لصحيفة "فزغلياد"، إن العلاقات بين الصين والولايات المتحدة إذا تحولت إلى مواجهة شاملة مع حصار تجاري كامل، فإن ذلك سيؤثر على المدى الطويل وبشكل جدي على اقتصادات جميع البلدان.

وقال: "الأزمة ليست مربحة، لا للولايات المتحدة ولا للصين، لأن الانتخابات ستجري قريبا في الولايات المتحدة، ولا يمكن للصين أن تسمح فعلياً بحدوث تباطؤ يتجاوز 5%. كما أن حربا شرسة ومديدة مع روسيا ليست مربحة، في حين أن مواجهة قصيرة الأجل، تستمر حتى الانتخابات الرئاسية الأميركية، لا تقتصر على الاقتصاد، ستكون مفيدة لروسيا".

من جانبه، قال أستاذ الاقتصاد، نائب مدير معهد دراسات الشرق الأقصى في الأكاديمية الروسية للعلوم، أندريه أوستروفسكي، لصحيفة "فزغلياد": "لا أرى أي فوائد، خاصة لروسيا، من التصعيد التجاري بين واشنطن وبكين. حيث إن 20% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في الصين، و20% أخرى في الولايات المتحدة. أي أن حوالي 40% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في صراع بيني. لا شيء جيداً بالنسبة لروسيا.

لن نربح أي شيء من ذلك، ولن يكسب الصينيون شيئاً. وأضاف "سيخسر الأميركيون.. زودناهم بالغاز الطبيعي وسوف نزودهم. لا يمكن للحرب التجارية أن تؤثر في إمدادات هذه الموارد".

وتحتاج روسيا بشدة إلى علاقات طيبة مع أميركا في الوقت الراهن، خاصة أن الحظر الأميركي على الشركات الروسية الكبرى يعوق نموها ويهدد فرص حصولها على التقنيات الغربية المتقدمة وبيع سنداتها في الأسواق المالية الكبرى. وبالتالي، فإن روسيا ستكون مستفيدة من تحسّن العلاقات مع أميركا، حتى وإن كان ذلك على حساب الصين.

على الصعيد الأميركي، نصح خبراء في السياسة الخارجية، الرئيس دونالد ترامب، بعدم الدخول في مواجهة مع كل من موسكو وبكين في آن معاً، لأن ذلك سيقوي الجبهة العالمية المعارضة للهيمنة الأميركية. 

ولكن هناك مخاوف من هدم مثل هذه العلاقات بين موسكو وواشنطن، أن تهدد صفقات بمئات المليارات بين الصين وروسيا في مجالات النفط والغاز الطبيعي، وربما لا تكسب روسيا الكثير في ظل سياسات ترامب القائمة على مبدأ "أميركا أولاً".

ولكن الباحث السياسي الأميركي، عضو نادي فالداي، ريتشارد فايتس، ينظر إلى آفاق تحسّن العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا بتفاؤل، ويرى أن التحسن في العلاقات لن يحدث قبل مجيء رئيسين جديدين في كلا البلدين، غير مثقلين بأعباء المشاكل السابقة.

ولكنه، يتدارك القول بأن هناك فرصة للدفء في العلاقات على المدى القصير إذا تحسّن الوضع في أوكرانيا.
المساهمون