تلاحق شبهات فساد مالي ورشاوى وتهرب ضريبي مترشحين للانتخابات البرلمانية والرئاسية التونسية القادمة التي تجرى في سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول القادمين، وسط استنفار من المجتمع المدني ومنظمات مكافحة الفساد التي تطالب بضرورة قطع الطريق على كل من تحوم حوله الشبهات ويسعى إلى التحصن بالبرلمان للإفلات من العقاب.
وتأتي الدعوات إلى قطع الطريق على الراغبين في التحصن بالبرلمان للهرب من الملاحقات القضائية بعد تقديم سياسيين ترشحاتهم للانتخابات، فضلا عن تقدم برلمانيين في الدورة النيابية الحالية للترشح لمرة ثانية رغم وجود دعوات قضائية ضدهم.
تهم مالية
أغلقت هيئة الانتخابات المستقلة باب الترشحات لانتخابات مجلس نواب الشعب، الخميس قبل الماضي، والتي تقدمت لها 1592 قائمة من بينها قوائم تترأسها شخصيات تعلقت بها قضايا التهرب الضريبي والفساد المالي والرشوة على غرار رئيس حزب الاتحاد الوطني الحر سليم الرياحي الذي تقدم على دائرة "فرنسا واحد"، ونائب البرلمان الحالي سفيان طوبال الذي تقدم على رأس قائمة لحزب قلب تونس بقيادة نبيل القروي والذي تلاحقه بدوره قضايا التهرب الضريبي.
اقــرأ أيضاً
والرياحي رجل أعمال والرئيس السابق للنادي الأفريقي (أحد أكبر النوادي الرياضية بالعاصمة) ورئيس حزب الاتحاد الوطني الحر) الذي تقدم للفوز بمقعد في البرلمان، أصدر في حقه القضاء في إبريل/ نسيان الماضي بطاقة إيداع بالسجن من أجل قضية مرفوعة بشأنه من قبل لجنة التحاليل المالية بالبنك المركزي منذ سنة 2012 بخصوص شبهة تبييض أموال ليبية.
كما سبق للقضاء المختص بالقطب القضائي الاقتصادي أن قرر منع الرياحي من السفر مع تجميد جميع أرصدته وأسهمه وممتلكاته.
النائب بالبرلمان الحالي سفيان طوبال الذي جدد رغبته في الترشح لدورة جديدة لا يخلو سجله من اتهامات بالفساد وتلقي الرشاوى، إذ اقترن اسمه بشبهات استغلال النفوذ.
وفي سبتمبر/ أيلول 2016 تحرّكت أولى القضايا عندما تقدم ضابط متقاعد وأحد المنتمين لهياكل نداء تونس بسيدي بوزيد بقضية لدى المحكمة الابتدائية، اتهم فيها البرلماني أنه تسلّم منه مبلغ قدره 10 آلاف دينار (الدولار = نحو 3 دنانير) مقابل وعده بالتدخل لإنجاح ابنته في مناظرة الملحقين القضائيين.
هذه الادعاءات أكدها حينها المحامي خالد عواينية، مشيرا إلى أن الشاكي بحوزته تسجيلات ورسائل هاتفية تدين سفيان طوبال الذي أنكر ما نسب إليه من تهم متحصنا بكتلته البرلمانية.
لطفي علي البرلماني الحالي الذي جدد ترشحه لا يخلو سجله أيضا من تهم بتحقيق مكاسب لفائدة شركاته التي تعمل في مجال النقل البري وذلك بالحصول على صفقات لنقل الفوسفات.
وكشفت منظمة أنا يقظ (منظمة مدنية مستقلة) في مايو/ أيار 2018 عن وثائق وعقود تؤكد تحقيق مجمع المقاولات الذي يملكه البرلماني لأرباح بـ23 مليون دينار من صفقات نقل الفوسفات على متن الشاحنات التي يملكها المجمع.
وقالت المنظمة حينها إن النائب بمجلس نواب الشعب حقق لنفسه منافع مستغلا منصبه، بعد حصول شركته على عقدين لشحن الفوسفات ونقله من مناطق الإنتاج بمحافظة قفصة إلى المجمع الكيميائي بقابس وصفاقس ومصانع الأسمدة.
خسائر اقتصادية
بسبب الخوف من ارتفاع منسوب الفساد وتأثيره على المؤشرات الاقتصادية تكثف مؤسسات القرض العالمية ومؤسسات التصنيف الائتماني من مراقبتها لتونس، فيما يحث الاتحاد الأوروبي الحكومة على مزيد من تطوير التشريعات والآليات القانونية التي تساعد على مكافحة الرشوة والتهرب الضريبي وغسل الأموال.
ويرجح الخبير الاقتصادي محمد منصف الشريف أن يرفع الاتحاد الأوروبي من شروطه من أجل سحب تونس من القائمة السوداء لغسل الأموال وتمويل الإرهاب، مشيرا إلى أن الأنظار تتجه في هذه الفترة نحو المؤسسات الجديدة التي ستنتجها الانتخابات القادمة.
وأضاف الشريف في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن تونس نجحت في تجويد التشريعات الخاصة بالتصدي لغسل الأموال لكنها لم تتمكن من تحصين السلطة التشريعية والتنفيذية من نفوذ المال وترشحات السياسيين الموسومين بالفساد أو من تحوم حولهم الشبهات، ما يبقيها في دائرة الخطر خاصة وأن موعد السحب النهائي لتونس من القائمة السوداء يتزامن مع الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة بحسب قوله.
وفي يونيو/ حزيران الماضي، قال محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي، إن مجموعة العمل المالي الدولية، ستسحب تونس من القائمة السوداء لغسل الأموال وتمويل الإرهاب، في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل. وأكد أن مجموعة العمل المالي الدولية، ستجري زيارة ميدانية إلى تونس منتصف سبتمبر/أيلول المقبل.
اقــرأ أيضاً
وكان البرلمان الأوروبي، قد أدرج تونس في السابع من فبراير/شباط من العام الماضي 2018، ضمن القائمة السوداء لغسل الأموال وتمويل الإرهاب. وفي 13 فبراير/شباط الماضي، أدرج الاتحاد الأوروبي تونس، ضمن قائمة جديدة للدول غير المتعاونة في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، شملت 23 دولة من بينها السعودية.
تضرر المصارف والتجارة
وتواجه تونس المصنفة ضمن الملاذات الضريبية، أضرارا تلحق بسمعتها وقيوداً أكثر صرامة على التعاملات الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي، لا سيما على صعيد القطاعين المصرفي والتجاري.
وبعض المترشحين للانتخابات الرئاسية لا تخلو سجلاتهم أيضا من تهم الفساد والملاحقات القضائية، حيث أصدر القطب القضائي المالي في تونس (دائرة قضائية مختصة في الجرائم المالية) في يونيو/ حزيران الماضي قراراً بتحجير (منع) السفر بحق رئيس حزب "قلب تونس" ومرشحه للانتخابات الرئاسية القادمة نبيل القروي، وذلك على خلفية شكوى رفعتها منظمة ''أنا يقظ'' (منظمة مدنية) بشبهة التهرّب الضريبي والفساد المالي.
وتأتي ملاحقة القروي قضائيا بعد نشر منظمة "أنا يقظ" تحقيقاً استقصائياً عن التحايل والتهرب الضريبي لمجموعة "قروي اند قروي". ويعتبر عضو منظمة "أنا يقظ" (مستقلة) محمد الجلالي أن تباطؤ القضاء في البت في الدعاوى المثارة ضد النواب والسياسيين الذين تلاحقهم شبهات الفساد يفسح لهم المجال للترشح مجددا وربما التمتع بالحصانة البرلمانية لخمس سنوات قادمة في حال فوزهم.
وقال جلالي في تصريح لـ"العربي الجديد" إن المنظمات المدنية لا تملك آليات لقطع الطريق أمام المترشحين المتهمين بالفساد، لكنها ستواصل حملات التشهير بهم حتى لا يكرس البرلمان القادم ثقافة الهروب من العقاب ضد المدانين، متهما السلطة التشريعية والتنفيذية بعدم القيام بدورها في فرض شروط انتقائية على المترشحين، بحسب قوله.
وتأتي الدعوات إلى قطع الطريق على الراغبين في التحصن بالبرلمان للهرب من الملاحقات القضائية بعد تقديم سياسيين ترشحاتهم للانتخابات، فضلا عن تقدم برلمانيين في الدورة النيابية الحالية للترشح لمرة ثانية رغم وجود دعوات قضائية ضدهم.
تهم مالية
أغلقت هيئة الانتخابات المستقلة باب الترشحات لانتخابات مجلس نواب الشعب، الخميس قبل الماضي، والتي تقدمت لها 1592 قائمة من بينها قوائم تترأسها شخصيات تعلقت بها قضايا التهرب الضريبي والفساد المالي والرشوة على غرار رئيس حزب الاتحاد الوطني الحر سليم الرياحي الذي تقدم على دائرة "فرنسا واحد"، ونائب البرلمان الحالي سفيان طوبال الذي تقدم على رأس قائمة لحزب قلب تونس بقيادة نبيل القروي والذي تلاحقه بدوره قضايا التهرب الضريبي.
والرياحي رجل أعمال والرئيس السابق للنادي الأفريقي (أحد أكبر النوادي الرياضية بالعاصمة) ورئيس حزب الاتحاد الوطني الحر) الذي تقدم للفوز بمقعد في البرلمان، أصدر في حقه القضاء في إبريل/ نسيان الماضي بطاقة إيداع بالسجن من أجل قضية مرفوعة بشأنه من قبل لجنة التحاليل المالية بالبنك المركزي منذ سنة 2012 بخصوص شبهة تبييض أموال ليبية.
النائب بالبرلمان الحالي سفيان طوبال الذي جدد رغبته في الترشح لدورة جديدة لا يخلو سجله من اتهامات بالفساد وتلقي الرشاوى، إذ اقترن اسمه بشبهات استغلال النفوذ.
وفي سبتمبر/ أيلول 2016 تحرّكت أولى القضايا عندما تقدم ضابط متقاعد وأحد المنتمين لهياكل نداء تونس بسيدي بوزيد بقضية لدى المحكمة الابتدائية، اتهم فيها البرلماني أنه تسلّم منه مبلغ قدره 10 آلاف دينار (الدولار = نحو 3 دنانير) مقابل وعده بالتدخل لإنجاح ابنته في مناظرة الملحقين القضائيين.
هذه الادعاءات أكدها حينها المحامي خالد عواينية، مشيرا إلى أن الشاكي بحوزته تسجيلات ورسائل هاتفية تدين سفيان طوبال الذي أنكر ما نسب إليه من تهم متحصنا بكتلته البرلمانية.
لطفي علي البرلماني الحالي الذي جدد ترشحه لا يخلو سجله أيضا من تهم بتحقيق مكاسب لفائدة شركاته التي تعمل في مجال النقل البري وذلك بالحصول على صفقات لنقل الفوسفات.
وكشفت منظمة أنا يقظ (منظمة مدنية مستقلة) في مايو/ أيار 2018 عن وثائق وعقود تؤكد تحقيق مجمع المقاولات الذي يملكه البرلماني لأرباح بـ23 مليون دينار من صفقات نقل الفوسفات على متن الشاحنات التي يملكها المجمع.
وقالت المنظمة حينها إن النائب بمجلس نواب الشعب حقق لنفسه منافع مستغلا منصبه، بعد حصول شركته على عقدين لشحن الفوسفات ونقله من مناطق الإنتاج بمحافظة قفصة إلى المجمع الكيميائي بقابس وصفاقس ومصانع الأسمدة.
خسائر اقتصادية
بسبب الخوف من ارتفاع منسوب الفساد وتأثيره على المؤشرات الاقتصادية تكثف مؤسسات القرض العالمية ومؤسسات التصنيف الائتماني من مراقبتها لتونس، فيما يحث الاتحاد الأوروبي الحكومة على مزيد من تطوير التشريعات والآليات القانونية التي تساعد على مكافحة الرشوة والتهرب الضريبي وغسل الأموال.
ويرجح الخبير الاقتصادي محمد منصف الشريف أن يرفع الاتحاد الأوروبي من شروطه من أجل سحب تونس من القائمة السوداء لغسل الأموال وتمويل الإرهاب، مشيرا إلى أن الأنظار تتجه في هذه الفترة نحو المؤسسات الجديدة التي ستنتجها الانتخابات القادمة.
وأضاف الشريف في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن تونس نجحت في تجويد التشريعات الخاصة بالتصدي لغسل الأموال لكنها لم تتمكن من تحصين السلطة التشريعية والتنفيذية من نفوذ المال وترشحات السياسيين الموسومين بالفساد أو من تحوم حولهم الشبهات، ما يبقيها في دائرة الخطر خاصة وأن موعد السحب النهائي لتونس من القائمة السوداء يتزامن مع الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة بحسب قوله.
وفي يونيو/ حزيران الماضي، قال محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي، إن مجموعة العمل المالي الدولية، ستسحب تونس من القائمة السوداء لغسل الأموال وتمويل الإرهاب، في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل. وأكد أن مجموعة العمل المالي الدولية، ستجري زيارة ميدانية إلى تونس منتصف سبتمبر/أيلول المقبل.
وكان البرلمان الأوروبي، قد أدرج تونس في السابع من فبراير/شباط من العام الماضي 2018، ضمن القائمة السوداء لغسل الأموال وتمويل الإرهاب. وفي 13 فبراير/شباط الماضي، أدرج الاتحاد الأوروبي تونس، ضمن قائمة جديدة للدول غير المتعاونة في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، شملت 23 دولة من بينها السعودية.
تضرر المصارف والتجارة
وتواجه تونس المصنفة ضمن الملاذات الضريبية، أضرارا تلحق بسمعتها وقيوداً أكثر صرامة على التعاملات الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي، لا سيما على صعيد القطاعين المصرفي والتجاري.
وبعض المترشحين للانتخابات الرئاسية لا تخلو سجلاتهم أيضا من تهم الفساد والملاحقات القضائية، حيث أصدر القطب القضائي المالي في تونس (دائرة قضائية مختصة في الجرائم المالية) في يونيو/ حزيران الماضي قراراً بتحجير (منع) السفر بحق رئيس حزب "قلب تونس" ومرشحه للانتخابات الرئاسية القادمة نبيل القروي، وذلك على خلفية شكوى رفعتها منظمة ''أنا يقظ'' (منظمة مدنية) بشبهة التهرّب الضريبي والفساد المالي.
وتأتي ملاحقة القروي قضائيا بعد نشر منظمة "أنا يقظ" تحقيقاً استقصائياً عن التحايل والتهرب الضريبي لمجموعة "قروي اند قروي". ويعتبر عضو منظمة "أنا يقظ" (مستقلة) محمد الجلالي أن تباطؤ القضاء في البت في الدعاوى المثارة ضد النواب والسياسيين الذين تلاحقهم شبهات الفساد يفسح لهم المجال للترشح مجددا وربما التمتع بالحصانة البرلمانية لخمس سنوات قادمة في حال فوزهم.
وقال جلالي في تصريح لـ"العربي الجديد" إن المنظمات المدنية لا تملك آليات لقطع الطريق أمام المترشحين المتهمين بالفساد، لكنها ستواصل حملات التشهير بهم حتى لا يكرس البرلمان القادم ثقافة الهروب من العقاب ضد المدانين، متهما السلطة التشريعية والتنفيذية بعدم القيام بدورها في فرض شروط انتقائية على المترشحين، بحسب قوله.