حرب العملات... المواجهة التجارية بين واشنطن وبكين تدخل المنعطف الخطر

06 اغسطس 2019
الأحمر يهيمن على مؤشر داو جونز في نيويورك (Getty)
+ الخط -

تتحول الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين والتي بدأت بالرسوم، تدريجياً، إلى حرب عملات، وربما لا تنتهي بحرب باردة بين واشنطن وبكين، مثلما كان الحال في الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية بين الاتحاد السوفييتي وأميركا، وإنما هناك مخاوف من أن تتحول إلى حرب فعلية، وسط استعراض العضلات العسكرية الذي بدأ في المحيط الهادئ، ونقاط الاحتكاك الساخنة في منطقة الخليج وأميركا الجنوبية في فنزويلا وفي آسيا، خصوصا أن واشنطن لم تتمكن من تفكيك الأسلحة الذرية في كوريا الشمالية، والغضب الصيني من إعلان أميركا تصدير أسلحة إلى تايوان. 

وبالتالي، فإن مخاطر تحول تصعيد النزاع التجاري بين واشنطن وبكين وحليفتها موسكو إلى حرب باردة شاملة أو ربما إلى احتكاك عسكري، باتت تقلق أسواق المال العالمية وتزداد مخاوف أصحاب الثروات من ضخ مزيد من المال في سوق "وول ستريت".

وينظر محللون إلى تراجع العملة الصينية إلى أقل من حاجز المقاومة النفسية 7 يوان مقابل الدولار، يوم الإثنين، إلا أن الصين أطلقت فعلياً صفارة إنذار بدء حرب العملات، لتصب مزيداً من الزيت في الحرب التجارية المشتعلة مع أميركا. وهو ما رفع من القلق في أسواق المال والصرف العالمية.

من مظاهر هذا القلق في الأسواق، الاضطراب الذي تشهده الأسواق حالياً، حيث تواصل بورصة "وول ستريت" تراجعها رغم خفض الفائدة، كما هوت الأسهم اليابانية، الإثنين، وخسر مؤشر نيكاي 1.7 في المائة، ليواصل الاتجاه النزولي بعد خسارة كبيرة تكبدها يوم الجمعة بلغت 2.1 بالمائة، وسجل المؤشر 20720.29 نقطة، وهو أقل مستوى إغلاق منذ الخامس من يونيو/حزيران.

كما انخفضت أسعار النفط، في ظل تجدد المخاوف بشأن النمو الاقتصادي العالمي وانعكاساته على الطلب العالمي على النفط الذي يقدر حالياً بحوالى 100 مليون برميل، حسب وكالة الطاقة العالمية.

وحسب وكالة بلومبيرغ، هرع المستثمرون في أسواق الصرف، الإثنين، إلى شراء عملات الملاذ الآمن، والتي من بينها الين الياباني والفرنك السويسري. وبالتالي، تراجع الدولار مقابل العملات الرئيسية بعد صعوده الكبير يوم الجمعة. 

وكان ترامب قد قال يوم الجمعة إن "العملة الصينية تتجه إلى الجحيم"، في إشارة إلى أن الصين مضطرة إلى تخفيض سعر صرف عملتها، تعويضاً عن الرسوم التي تدفعها. فيما سبق أن اتهم ترامب كلا من الصين واليابان ومنطقة اليورو بالتلاعب بسعر صرف العملات.

ويرى محللون أن الحرب التجارية تحولت، في الآونة الأخيرة، إلى شبه حرب شخصية بين الرئيسين الأميركي ترامب والصيني شي، حيث يرى ترامب أن الرئيس شي يستهدف إفشال حملته في الانتخابات الرئاسية المقبلة، فيما يرى شي أن ترامب يسعى إلى تغيير النظام المالي والتجاري العالمي إلى نظام أحادي ويفرض الهيمنة الأميركية على بلاده.

وتدريجياً، تحولت اتهامات التلاعب بسعر الصرف إلى حرب عملات حقيقية، حينما تراجعت العملة الصينية، الإثنين، إلى 7.1137 يوان للدولار، لأول مرة منذ 11 عاماً، وهو ما يعني أن بكين تستخدم الآن اليوان في الحرب التجارية.

وتخطت العملة الصينية بشكل مفاجئ حاجز السبعة يوان للدولار، وهو مستوى يعتبره بعض المتعاملين في السوق مستوى الحاجز النفسي.

وتشير تصريحات بنك الصين المركزي، بشأن تثبيت سعر الصرف التي نقلتها وكالة بلومبيرغ، أمس، إلى أنه يرغب في استقرار سعر صرف اليوان، ولكن العديد من المحللين يرون أن الصين بدأت فعلياً حرب العملات عبر تثبيت سعر صرف اليوان.

وثبّت بنك الشعب الصيني "البنك المركزي" سعر صرف العملة عند حاجز 6.9 يوان مقابل الدولار، في مراكز الأوفشور.

في تفسير بهذا الشأن، قال الاقتصادي في مصرف "تشاينيز بانكنغ كورب"، تومي شي، إن تثبيت سعر صرف اليوان يرسل إشارة مهمة إلى الأسواق، وهي أن سعر صرف اليوان أقوى من معدل 6.9 يوان مقابل الدولار.

كما يرى تومي شي أن الصين تفضل استقرار سعر الصرف، ولكن التثبيت يعني كذلك أن سعر صرف اليوان سينخفض إلى أقل من 6.9 مقابل الدولار.

ماذا تريد الصين من خفض قيمة اليوان؟

ما ترغب فيه الصين من خفض سعر صرف اليوان هو زيادة تنافسية صادراتها في أسواق العالم، لتعويض خسارة صادراتها في السوق الأميركية. وعادة ما يقود رخص العملة إلى رخص منتجاتها بالنسبة للمستورد الأجنبي. حيث ستجد الدول الأوروبية التي تستورد باليورو، والدول الخليجية التي تستورد بعملات مرتبطة بالدولار، البضائع الصينية أرخص من البضائع المنافسة لها.

وبالتالي، ترفع الصين من معدلات التصدير، وتلقائياً تأمل في تحريك دولاب النمو الاقتصادي الذي تراجع في الآونة الأخيرة إلى 6.2%، خلال الربع الأول من العام الجاري، حسب البيانات الرسمية الصينية.

كيف اندلعت شرارة التصعيد بين واشنطن وبكين؟

ما أغضب الرئيس الأميركي دونالد ترامب هو فتح الصين التراخيص للشركات الصينية باستيراد القمح وفول الصويا من روسيا.

ونقلت وكالة رويترز، في الأسبوع الماضي، عن مكتب الجمارك الصيني أن بكين وافقت على استيراد القمح من منطقة كورغان الروسية، ما سيدعم خطة موسكو في زيادة صادرات القمح هذا العام الزراعي.

وذلك بعدما أوقفت بكين وارداته من الولايات المتحدة. وفي المقابل، هدد ترامب برفع قيمة الرسوم الجمركية على ما تبقى من الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة الأميركية والتي تبلغ قيمتها 300 مليار دولار.
المساهمون