كلنا لصوص يا عزيزي

11 سبتمبر 2016
أكبر مصرف عقاري أميركي يحتال على عملائه GETTY
+ الخط -
ظلت البنوك العالمية الكبرى مثار اهتمام وإعجاب المستثمرين والمدخرين حول العالم طوال قرون مضت ومنذ اختراع النظام المصرفي، فهي رمز الأعراف والسرية المصرفية، ورمز للانضباط المالي وأخلاقيات العمل المصرفي، وتوجد بها أكثر الخبرات المصرفية مهنية، وتحتل مقدمة المؤسسات الأكثر احترافية في إدارة الأموال والاستثمارات، والأكثر قدرة على تمويل المشروعات الكبرى بما فيها مشروعات البنية التحتية، ومن حين لآخر تبتكر أدوات وحلولاً مصرفية وتكنولوجية متطورة لنيل رضا عملائها. خاصة على مستوى توفير الوقت والجهد والمال وتكلفة المعيشة.

إلا أنه عقب وقوع الأزمة المالية العالمية في عام 2008 صحونا على صدمة عنيفة تقول إن أكبر البنوك العالمية لا تقل فساداً وترهلاً عن الفساد والترهل الموجودين في بنوك العالم النامي.

وإذا كانت البنوك الأخيرة مثلاً باتت مرتعاً للعمليات المالية غير المشروعة مثل تمويل الإرهاب وغسل الأموال، فإن بنوك الغرب باتت ترتكب هذه الممارسات أيضاً، وأكبر دليل على ذلك ما يحدث داخل البنوك السويسرية والبريطانية التي باتت بعض وحداتها المصرفية مرتعاً لعمليات غسل أموال حكام العالم النامي الفسدة مصاصي أموال الشعوب، والمستقبل الأول للثروات المنهوبة من دول العالم الفقير.

ومنذ عام 2008، عقب اندلاع كارثة الأزمة المالية، امتلأت الصحافة الغربية بأخبار تتعلق بفضائح تورط البنوك العالمية الكبرى في النصب على عملائها وممارسة عمليات مضاربة غير مشروعة في العملات والمعادن والذهب وأسعار الفائدة والرسوم المصرفية والعمولات، وخداع عملائها والمؤسسات الرقابية والبنوك المركزية.

ويكفي أن نقول إن إجمالي قيمة الغرامات والتعويضات التي دفعها 20 من البنوك العالمية الكبرى بلغت أكثر من 235 مليارا دولار خلال السنوات السبع الماضية لخرقها مجموعة القواعد واللوائح المالية، وفق موقع "إنترناشونال بزنس تايمز" الأميركي.

وأعقب هذه الكارثة إعلان هذه المؤسسات المصرفية عن وضع قيود شديدة على أنظمتها المصرفية بحيث تراعي القوانين والأعراف المصرفية المتبعة وتطبق بشكل صارم أخلاقيات العمل المصرفي، إلا أنه يبدو أن خطايا وكوارث هذه البنوك لا تزال مستمرة.

آخر نموذجين على ذلك خرجا قبل أيام من داخل أميركا، الأول من داخل واحدة من أكبر الشركات العالمية المتخصصة في إصدار بطاقات الدفع الإلكتروني وهي شركة ماستركارد، والثاني من أكبر المصارف في مجال القروض العقارية وهو مصرف "ويلز فارغو".

فقد أظهرت وثائق قضائية في لندن أن شركة ماستر كارد كانت تفرض بشكل غير قانوني رسوماً مرتفعة على المتاجر عند استخدام المتسوقين بطاقات الخصم أو الائتمان، وكان ذلك ينعكس في فرض المتاجر أسعاراً أعلى على الزبائن.

وحسب الوثائق فإن ماستركارد متهمة بهذه الممارسة لمدة 16 عاماً متواصلة، وأن نحو 46 مليوناً من المقيمين في بريطانيا من المحتمل أن يستفيدوا من دعوى قضائية أقيمت ضد الشركة، تطالبها بدفع قيمتها 14 مليار جنيه إسترليني (19 مليار دولار) على خلفية اتهامات تتعلق بفرض رسوم زائدة.

أما مصرف "ويلز فارغو"، ومنذ عام 2011، فقد أصدر بطاقات ائتمان بأسماء عملاء في البنك دون علمهم وخصم من حساباتهم رسوماً متراكمة، كما اعترف موظفوه بالتلاعب بقوانين حماية المستهلك والإخلال بأخلاقيات العمل المصرفي.

وأثر الكشف عن الفضيحة طرد المصرف 5300 من موظفيه في أعقاب تورطهم في عمليات احتيال ضخمة تناولت تزوير الحسابات وبطاقات الائتمان، وغرمت السلطات التشريعية الخاصة بالمصارف وحماية المستهلك الأميركي المصرف 185 مليون دولار.

الآن، هل ندرك أن بنوكنا العربية أحق بأموالنا وودائعنا ومدخراتنا، وأن هذه الأموال يجب أن تبقى داخل المنطقة لتمويل مشروعات لصالح الاقتصاد والمواطن بدلاً من أن تذهب لبنوك غربية باتت الأكثر فساداً والأقل سعراً للفائدة على الودائع.



المساهمون