يتأهب مجلس النواب المصري للتصويت نهائياً على مشروع قانون إنشاء صندوق سيادي تحت مسمى "صندوق مصر"، خلال جلساته المنعقدة هذا الأسبوع، والذي حظى بموافقة مجلس الوزراء في أبريل/نيسان الماضي، برأسمال يُقدر بنحو 200 مليار جنيه (11.2 مليار دولار تقريباً)، كحصيلة متوقعة لبيع أصول الدولة "غير المستغلة" بمنأى عن الأجهزة الرقابية، بالتزامن مع رفض برلماني لإعفاء الصندوق من الضرائب والرسوم.
ووافقت لجنة مشتركة من لجنتي الخطة والموازنة والشؤون الاقتصادية في البرلمان، مساء السبت، على قرار رئيس الوزراء بإنشاء الصندوق السيادي، بعد إدخال تعديلات محدودة، منها إضافة عبارة إلى نص المادة (11) من مشروع القانون "تلزم مجلس إدارة الصندوق بعرض القوائم المالية الخاصة به، وتقارير مراقب الحسابات، على مجلس النواب، لاعتمادها".
وأقرت اللجنة البرلمانية اقتراح وكيل لجنة الخطة والموازنة، النائب مصطفى سالم، بشأن رقابة مجلس النواب على أعمال الصندوق، على اعتبار أن أمواله هي أموال الشعب، الذي يملك الأصول التي سيتم نقل ملكيتها من الدولة للصندوق لإداراتها واستغلالها، وهو ما اتفق معه جميع أعضاء اللجنة، وأيده ممثلا وزارتي المالية والتخطيط.
وتمسكت اللجنة برفض النص على إعفاء الصندوق السيادي من الضرائب والرسوم، وقصر الإعفاء على التعاملات البينية للصندوق مع الصناديق الفرعية التابعة له من الضرائب، بحيث تخضع تعاملاته مع الغير إلى الضريبة، وذلك بعد نقاشات مطولة بين النواب والحكومة، ممثلة في وزير الشؤون النيابية، عمر مروان، ووزير المالية، محمد معيط.
ومن المرجح عودة النص إلى أصله، بحسب ما جاء من الحكومة، عند التصويت النهائي على القانون، بعدما اعترض وزير الشؤون النيابية على قرار اللجنة، قائلاً إن "الصندوق لا يمارس نشاطاً بذاته، بل عن طريق صناديق فرعية، وشركات، من المفترض أنها خاضعة للمعاملات الضريبية"، معتبراً أن فرض الضريبة على الصندوق الرئيسي سيمثل "ازدواجاً ضريبياً".
في المقابل، قال رئيس لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، حسين عيسى، إن المصلحة العامة تقتضي عدم إعفاء الصندوق السيادي من الضرائب والرسوم، خاصة أنه يستهدف في الأصل تعزيز الناتج القومي، والمساهمة في تمويل عجز الموازنة العامة للدولة، من خلال الاستغلال الأمثل للأصول غير المستغلة المملوكة للشعب المصري.
وأضاف عيسى أن رؤية وزارة التخطيط تتعارض مع فلسفة القانون، إذ استندت إلى أن الصندوق لا يقوم بأنشطة بنفسه، وإنما عبر شركات وصناديق فرعية، في حين أن المادة (12) من القانون منحت الصندوق حق إدارة أمواله وأصوله بذاته، وأن يعهد بإدارتها أو بعضها إلى شركات ومؤسسات متخصصة في إدارة الأصول، وفقاً للضوابط المنصوص عليها في نظامه الأساسي، وبناءً على قرار مجلس إدارته.
وأجاز مشروع القانون لرئيس الجمهورية – بناءً على عرض الحكومة - نقل ملكية أي من الأصول غير المستغلّة، المملوكة ملكية خاصة للدولة، أو لأيّ من الجهات أو الشركات التابعة لها، إلى الصندوق، أو أي من الصناديق التي يؤسسها، والمملوكة له بالكامل، وذلك بمعزل تام عن الجهات الرقابية في الدولة.
وبحسب مشروع القانون، فإن للصندوق سلطة ممارسة جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية، بما في ذلك المساهمة بمفرده أو مع الغير في تأسيس الشركات أو في زيادة رؤوس أموالها، والاستثمار في الأوراق المالية المقيّدة بأسواق الأوراق المالية وغير المقيدة بها وأدوات الدين، وغيرها من الأوراق المالية داخل مصر أو خارجها.
كما أتاح كذلك للصندوق التصرّف في الأصول المملوكة له أو الصناديق المملوكة له بالكامل، أو المساهمة بها في رؤوس أموال الصناديق أو الشركات وفقاً لقيمتها السوقية، وبما لا يقل عن التقييم، الذي يتم على أساس متوسّط القيمة المحددة، بموجب ثلاثة تقارير مرفوعة من مقيمين ماليين معتمدين من الهيئة العامة للرقابة المالية، والمصرف المركزي المصري.
ويرى مراقبون أن الصندوق السيادي لا يُعنى بفوائض الميزانية على غرار الصناديق المشابهة، لأن مصر مدينة بأرقام طائلة داخلياً وخارجياً، ولا تحقّق أي فائض، بل باستغلال واستثمار طائفة كبيرة من الأملاك العامة، التي من المفترض دستورياً أن تديرها الدولة بالنيابة عن الشعب، بحجة أن تلك الأملاك في حقيقتها أصول غير مستغلة، والدولة عاجزة عن استغلالها بالصورة المثلى.