أزمة خطيرة وحكومة مرتبكة

22 فبراير 2015
باخرة تنقل مصريين عائدين من ليبيا (أرشيف/الأناضول)
+ الخط -


طيب ضربنا داعش في ليبيا وأخذنا بثأر 21 مصرياً قتلوا غدراً على يد عصابة إجرامية، والسؤال: وماذا عن حماية العمالة المصرية المهددة في ليبيا؟

نحن أمام أزمة تعد من أعنف الأزمات التي واجهت صانع القرار المصري خلال السنوات الأخيرة، فهناك مصير غامض يكتنف عمالة يقدرها البعض بنحو مليون شخص وربما 1.5 مليون، في حين تقدرها مصادر ليبية رسمية بمليونين، حيث يواجه هؤلاء مخاطر شديدة أقلها الترحيل والخطف والسطو على أموالهم وأشدها القتل.

وبدلاً من أن تشكل الحكومة المصرية خلية أزمة من وزراء ومسؤولين ومنظمات أعمال للتعامل بجدية مع هذا الملف الخطير، راحت تتعامل معه كالهواة، بل وتطلق تصريحات أقل ما توصف بأنها بهلوانية وغير مسؤولة لأنها خادعة وغير حقيقية.

خذ مثلاً التصريح الناري الذي أطلقته وزيرة القوى العاملة ناهد العشري قبل أيام، وتتعهد فيه بتوفير فرص عمل مناسبة لجميع العائدين من ليبيا، وكذا تصريح رئيس اتحاد الغرف التجارية المصرية أحمد الوكيل والذي يقول فيه إن الاتحاد يعطي أولوية لتشغيل العائدين من ليبيا.

تصريحات ناهد العشري تقال على سيرك وليس حيال التعامل مع أزمة خطيرة لأنها تعرف جيدا أن الحكومات المصرية المتعاقبة ومنها حكومتها الحالية، فشلت في توفير فرص عمل لملايين الشباب العاطل والذي فضل الموت في الخارج على البقاء عاطلا في الداخل، وأحمد الوكيل يعرف جيداً أن اتحاده لا يستطيع أن يوفر فرصة عمل لخادمة فيليبينية وليس عامل مصري حتي ولو كان راتبه لا يتعدي 100 دولار شهرياً، لأنه عبارة عن منظمة مجتمع مدني لا تقدم ولا تؤخر.

بل إن التصريح الذي أطلقه رئيس هيئة الموانئ البرية جمال حجازي  مثير للشفقة والسخرية أيضا ولا تختلف كثيراً عن تصريحات العشري والوكيل، حيث قال الرجل إن الهيئة جهزت 16 أتوبيساً، وقطاراً لنقل العائدين براً من ليبيا وبالمجان.

لم أستغرب مثل هذه التصريحات الصادرة عن مسئولين مصريين تجاه أزمة المالة في ليبيا، كما لم أستغرب عدم معرفة الحكومة بأعداد المصريين في ليبيا، حيث لا يوجد تقدير رسمي لهؤلاء، فوزارة القوي العاملة لا تعرف العدد لأنها أغلقت مكتبها في ليبيا منذ بداية العام الماضي، ووزارة الخارجية لا تعرف العدد لأن عدداً كبيراً من المصريين يدخلون ليبيا بطرق غير مشروعة وعبر الصحراء، وأغرب تقدير كان لرئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أبو بكر الجندي، الذي قال قبل أيام إن العدد يتراوح ما بين 200 إلى 250 ألف عامل.

حكومة لا تعرف عدد مواطنيها العاملين في ليبيا، فكيف تحميهم إذن؟
المصريون في ليبيا في خطر، وعلى الحكومة أن تتحرك لإنقاذهم قبل فوات الأوان وقبل أن نصحوا علي جريمة ذبح مصريين جدد.


اقرأ أيضاً: الليبيون يهرعون لشراء الغذاء والعمالة المصرية مهدّدة

المساهمون