خيارات الصين في الردّ على الرسوم الأميركية الجديدة

11 مايو 2019
الاقتصاد الصيني يعاني من انكماش الفائض التجاري(فرانس برس)
+ الخط -
يتوفر للصين العديد من الخيارات التي يمكن بها الرد على التعريفات التي فرضها الرئيس الاميركي دونالد ترامب امس الجمعة، تبدأ من إضافة منتجات أميركية جديدة للقائمة التي تطبق عليها التعريفات حالياً في الصين، أو زيادة التعريفات المطبقة بالفعل على بعض أو أغلب المنتجات الأميركية. 

كما يمكن للصين إيقاف منح ترخيصات جديدة للشركات الأميركية الراغبة في دخول السوق الصينية، أو معاقبة سلعٍ بعينها من المنتجات الأميركية التي تستورد منها الصين كميات ضخمة، مثل لحم الخنزير وفول الصويا، وهو ما دفع ترامب إلى تأكيد استعداد إدارته لشراء تلك المنتجات من المزارعين الأميركيين، حال تعرضهم لخسائر من جراء الرد الصيني.

وقالت الصين يوم الجمعة إنها تأسف لزيادة التعريفات، وإنها مضطرة لاتخاذ اجراءات مضادة للرد على الخطوة الأميركية، وفي بيان نقلته وكالة الأنباء الصينية، قالت الصين إنها "تتمنى أن يلتقي البلدان في منتصف الطريق، وأن يبذلا جهداً مشتركاً لحل المشكلات الحالية".

وقال المفاوض الصيني إن التعثر الأخير "هو مجرد مطب على طريق المفاوضات"، مضيفاً أن الصين متفائلة بحذر بشأن المباحثات القادمة.

وكانت الصين قد أعادت تقديم مسودة الاتفاق التجاري الشامل المقترح من الولايات المتحدة، بعد تعديلها بحذف كل المطالب الأميركية، ومنها إيقاف نقل التكنولوجيا القسري، ومنع سرقة الملكية الفكرية، وعدم الضغط للحصول على الأسرار التجارية للشركات الأميركية، وإيقاف الدعم الحكومي للشركات الصينية، وصولاً إلى الخدمات المالية، مع ضرورة إيقاف تدخل البنك المركزي الصيني في تحديد قيمة العملة الصينية، وتحويلها إلي وعود بلا صيغة قانونية ملزمة، الأمر الذي دفع ترامب لاتخاذ قرار، يوم الأحد الماضي، ببدء التنفيذ الفعلي لزيادة التعريفات المؤجلة منذ حوالي ستة أشهر.

ويرى الطرف الأميركي أن تعثر المفاوضات هو نتيجة لتراجع الصين عن تنفيذ بعض ما تم الاتفاق عليه من قبل، الأمر الذي اضطر ترامب للإعلان المفاجئ خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضية عن زيادة التعريفات، معتمداً إلى حدٍ كبير على قوة اقتصاد بلاده، التي تسمح له باتباع تكتيكات عدوانية في التفاوض. 

ويواجه الرئيس الصيني تشي جينبنغ مأزقاً في كيفية التعامل مع التشدد الأميركي في التفاوض، خاصة في ظل معاناة الاقتصاد الصيني من انكماش الفائض التجاري، وتباطؤ طلبات الاستيراد خلال فترات المعارض التصديرية في الفترة الأخيرة، وهو من اعتاد على الظهور في صورة الرئيس القوي الذي لا ينثني أمام الضغوط الاقتصادية.

على الجانب الآخر، يتوقع بول دونوفان، مسؤول ادارة الثروات ببنك الاستثمار يو بي اس، ألا ترفع الشركات الأميركية أسعارها فوراً، لاحتمال تغير الأوضاع خلال جولات التفاوض القادمة، إلا أنه يقول "هذه التعريفات (يطلق عليها اسم ضرائب) ستقلل أرباح الشركات بدلاً من رفعها لمعدل التضخم، وكلما طالت مدة المفاوضات، كلما زادت خسارة الاقتصاد (الأميركي). كما أن طول فترات عدم التيقن يؤخر من انفاق الشركات الاستثماري، وهو ما يضر بدوره الصادرات والتصنيع". 

ويضيف دونوفان أن "طول مدة التفاوض سيؤدي في النهاية إلى تمرير التجار التكلفة الإضافية إلى سعر المستهلك، وهو ما سيترتب عليه ارتفاع معدل التضخم".


وتختلف السلع المستهدفة بزيادة التعريفات هذه المرة عن تلك التي فرضت عليها زيادات من قبل، وفي حين كانت زيادة التعريفات السابقة موجهة بالأساس لسلع وسيطة واستثمارية، فإن نسبة لا يستهان بها من المنتجات التي ستطبق عليها الزيادات الأخيرة تعد من السلع النهائية التي تباع مباشرةً للمستهلكين، ومنها لعب الأطفال والأحذية والملابس، الأمر الذي يعني أن المستهلك الأميركي سيتحمل جزءاً كبيراً من تكلفة التصعيد الأخير، وإن كانت التقديرات تشير إلى عدم تاثر الأسواق الأميركية بالتغييرات الجديدة قبل مرور 3-4 أسابيع.


وانتهت أمس الجمعة جولة جديدة من المفاوضات التجارية بين الاقتصادين الأكبرين في العالم، دون الإعلان عن التوصل لإتفاق، مع استمرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب في سياسته المتمثلة في استخدام التعريفات للضغط على الصينيين.
ومع انتصاف ليل الجمعة بتوقيت واشنطن، أصبحت كل سفينة تتحرك بالبضائع من الموانئ الصينية إلى الموانئ الأميركية عرضة لتعريفات بنسبة 25% بدلاً من 10%، إذا كانت البضائع المحملة عليها تظهر ضمن قائمة تشمل أكثر من خمسمائة نوع من البضائع التي حددتها واشنطن، وبما تصل قيمته إلى 200 مليار دولار من المنتجات الصينية. 

وفور استيقاظه من النوم صباح الجمعة، غرد ترامب على حسابه على موقع التواصل الإجتماعي "تويتر" "ليست هناك حاجة ملحة للتسرع في التفاوض مع الصين، الرسوم الجمركية تسري ووزارة الخزانة الأميركية تحصل، المفاوضات التجارية الأميركية الصينية تستمر الآن".

ويوم الجمعة أيضاً طلب ترامب من روبرت لايتايزر، كبير المفاوضين التجاريين الأميركيين، بدء العمل على رفع الرسوم الجمركية على كل ما تبيعه الصين للولايات المتحدة مما لم يطبق عليه تعريفات من قبل، وهو ما تقدر قيمته بحوالي 325 مليار دولار من المنتجات الصينية الإضافية الواردة إلى الولايات المتحدة.

واعتبر ازوار براساد، استاذ السياسات التجارية في جامعة كورنل أن التطورات الأخيرة تؤكد جدية ترامب في الضغط على الصين، وقال "يبدو ترامب جاداً في الضغط على الصين، في مواجهة اقتصادية شاملة، بغض النظر عن تأثيراتها على الاقتصاد الأميركي".

المساهمون