غياب اللحوم المستوردة يزعج الجزائريين

04 مايو 2017
تجار اللحوم المحلية يرحبون بالقرار (Getty)
+ الخط -
أحدث قرار توقيف استيراد اللحوم المجمدة في الجزائر، شرخا وسط الشارع الجزائري بين مرحب ومتذمرٍ لكون هذه السلعة بديلا بالنسبة للعديد من العائلات ذات القدرة الشرائية المتوسطة والضعيفة بالنظر لسعرها المنخفض مقارنة باللحوم الطازجة.
وأبلغت وزارة التجارة الجزائرية مستوردي اللحوم المجمدة، بعدم منح رخص الاستيراد في الوقت الراهن، وذلك في وقت كان ينتظر المستوردون استلام التراخيص الإدارية قبل حلول شهر رمضان الذي يرتفع فيه الطلب على اللحوم المجمدة لمستوياتٍ قياسية.

وقال رشيد عميمر، مستورد لحوم، لـ "العربي الجديد"، إن وزارة التجارة فاجأتهم منتصف الشهر الماضي برفضها الإفراج عن رخص الاستيراد مكتفية بالقول إنها لم تفصل بعد في عدد التراخيص ولا في الكمية المسموح باستيرادها، وما إن كان سيتم الفصل بين اللحوم المجمدة وبين اللحوم نصف المجمدة المستوردة من إسبانيا وفرنسا وحتى من البرازيل.
وأضاف عميمر: "كنا نتوقع الإفراج عن رخص الاستيراد في منتصف أبريل /نيسان) الماضي حتى نتمكن من تحويل الطلب إلى شركائنا، وبالتالي نضمن توفير العرض خلال شهر رمضان حتى تستقر الأسعار، الظاهر أننا لن نستورد قبل دخول شهر يونيو/حزيران المقبل".

وإذا كان تذمر المستوردين جاء تخوفا من انهيار نشاطهم التجاري، فإن الشارع الجزائري يحمل مخاوف حول غياب هذا العنصر الغذائي عن مائدته، خاصة أن أسعار اللحوم الطازجة ارتفعت قرابة 30% بعد نفاد اللحوم المجمدة في الأسواق.
ويقول مقران دريسي، وهو متقاعد التقته "العربي الجديد" في أحد أسواق العاصمة، إن اللحوم المجمدة المستوردة كانت البديل بالنسبة للعائلات متوسطة الدخل، لأنها أقل ثمنا حيث لا يتعدى سعرها 800 دينار (7.27 دولارات) للكيلوغرام الواحد في وقت بلغ سعر الكيلوغرام من اللحوم الطازجة 1500 دينار (13.63 دولارا).

وأردف دريسي قائلا: "ارتفعت أسعار اللحوم الطازجة بشكل كبير مؤخرا بعد غياب المنافسة وأصبح المربي الجزائري هو من يتحكم في السعر، نتخوف من رمضان القادم وما سيحمله من جنون الأسعار الذي انطلق هذا العام قبل قدوم الشهر الكريم".
ووجد مربو الأبقار وأصحاب المذابح والمسالخ ومن ورائهم التجار، في قرار تجميد استيراد اللحوم المجمدة مخرجا من حالة الركود التي فرضتها اللحوم البرازيلية والهندية وغيرها من اللحوم المجمدة المستوردة على تجارتهم لسنوات.

ودافعت الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين الجزائريين عن قرار وزارة التجارة، وذلك تشجيعا للإنتاج المحلي وحماية صحة المستهلك، حيث لم يخف رئيس الجمعية الحاج الطاهر بولنوار في حديث مع "العربي الجديد" تأييده للقرار.
وأضاف بولنوار أن الجزائر تستورد بين 60 ألف و70 ألف طن سنويا من اللحوم المجمدة وهي نسبة بعيدة عن الطلب السنوي المقدر بحوالي 900 ألف طن.
وأوضح أن عدد الأغنام في الجزائر يتجاوز 25 مليون رأس، أما الأبقار فتقدر بأكثر من مليوني رأس، وهي كمية تسمح بتغطية الطلب الداخلي إذا كانت هناك استراتيجية واضحة في هذا المنحى.

وعلى نفس الطريق سارت الجمعية الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك، التي كشف رئيسها مصطفى زبدي لـ "العربي الجديد" تأييده لقرار الوزارة.
ويرى زبدي أن اللحوم المجمدة هي الأخرى دخلت مجال المضاربة والاحتكار وأصبح سعرها غير بعيد عن اللحوم الطازجة. وأضاف أن "الحكومة الآن مطالبة بمراقبة السوق حتى لا يحدث اختلال في العرض والطلب وخاصة أننا على أعتاب شهر رمضان، بالإضافة إلى أن قدرة المواطن الشرائية لم تعد تسمح بالضغط عليها أكثر بعد ارتفاع الأسعار في الجزائر منذ مطلع السنة الماضية".

وانضمّت الجزائر إلى قائمة الدول التي قاطعت اللحوم البرازيلية، عقب فضيحة اللحوم الفاسدة، في مارس/أذار الماضي.
وتستورد الجزائر سنوياً ما قيمته 140 مليون دولار من اللحوم الحمراء والبيضاء، وتعد البرازيل المموّن الأول للجزائر، قبل الأرجنتين والهند والسودان.
وكانت فضيحة اللحوم الفاسدة قد ظهرت بعدما نفذت الشرطة الفدرالية البرازيلية، يوم 17 مارس/آذار 2017، مداهمات في عشرات مواقع الإنتاج، بمحافظات برازيلية عديدة، بعد تحقيق استمر عامين.

واتُهمت الشرطة نحو أربعين شركة بارتكاب أعمال غير قانونية، مثل رشوة المفتشين الصحيين للموافقة على بيع وتصدير لحوم فاسدة، وإضافة مواد كيميائية لإخفاء رداءة اللحوم، وشملت لائحة الشركات المتهمة شركة "جي بي أس"، أكبر مصدّر للحوم الأبقار في العالم.


دلالات
المساهمون